عشرات حالات تسمم وتحسس تم تسجليها في الساحل السوري، منذ بداية شهر أغسطس/ آب الماضي، تعود أسبابها إلى تناول أسماك غير صالحة للاستهلاك، وسط تفاقم أزمة حفظ الأسماك لدى البائعين نتيجة الانقطاع الطويل للكهرباء وارتفاع أسعار قوالب الثلج.
وبحسب ما أعلنت وزارة الصحة في حكومة النظام، سجّل مشفى “حمزة نوفل الوطني” في اللاذقية 90 حالة تسمم، في بداية شهر أغسطس/ آب الماضي، جراء تناول المصابين أسماكاً حصلوا عليها من بائعين جوالين.
كما أعلن مديرعام الهيئة العامة لمشفى الباسل في طرطوس، الدكتور اسكندرعمار، قبل أيام تسمم 40 شخصاً جراء تناول أسماك “البلميدا”.
في حين سجلت بلدة القدموس، شمال شرقي طرطوس، تعرض 12 شخصاً بينهم أطفال لحالات تسمم، وذلك بعد تناولهم سمك “البلميدا” أيضاً.
إقبال من الأهالي وسوء تخزين
تفاوتت الأعراض التي ظهرت على المصابين بين الخفيفة والمتوسطة، بحسب مدير مشف الباسل في طرطوس، وتمثّلت في ألم بالبطن وإقياء وطفح جلدي وضيق تنفس ودوار.
وحول أسباب انتشار حالات التسمم في الساحل السوري بهذا القدر، أوضح الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني لموقع “السورية نت”، أن المشكلة الأساسية هي مسألة التخزين وسط ارتفاع درجات الحرارة.
وأضاف أن الناس في مثل هذه الأوقات من العام تُقبل بشكل كبير على شراء الأسماك نظراً لانخفاض أسعارها عن باقي المنتجات، حيث وصلت أسعار بعض أنواع الأسماك في اللاذقية الشهر الماضي إلى أقل من ربع قيمتها، وبلغ سعر سمك البلميدا 4 آلاف ليرة سورية بعد أن كان يباع بـ 20 ألف ليرة سورية فقط.
إلا أن انعدام الكهرباء في المنازل ومتاجر بيع الأسماك وعدم حفظها بشكل صحيح يجعلها فاسدة، خاصة عند الباعة الجوالين وهو ما يسفر عن حالات تسمم.
وحمّل اللاذقاني حكومة النظام المسؤولية بسبب تهاونها في مراقبة الباعة وحفظ سلامة الناس، فضلاً عن كونها سبب المشكلة الأساسية بعدم توفير الكهرباء.
يُشار إلى أن محافظة طرطوس شهدت العام الماضي وفاة ثلاثة أشخاص، بينهم رجل وزوجته، نتيجة تناولهم سمك “البالون” السام في منطقة شاليهات البصيرة بريف المحافظة.
ما دور الرقابة وحملات التوعية؟
من جانبه، قال أبو موسى، وهو صاحب متجر لبيع السمك في مدينة جبلة، إن سعر كيس الثلج المكون من قالبين يتراوح بين 19-20 ألف ليرة، ويضطر البائع لشرائه يومياً لوضعه على الأسماك التي يتم عرضها بمحال البيع، وأحياناً تكون تكلفة ألواح الثلج أغلى من البضاعة نفسها.
وأضاف الرجل الأربعيني أن هذه التكاليف المرتفعة وانخفاض أسعار السمك دون التكلفة بسبب كثرة المعروض، يدفع بعض الباعة لتقليل الخسائر من خلال عدم شراء قوالب الثلج وعدم حفظ الأسماك بالطرق الصحية المناسبة، ما ينعكس على صحة الأهالي، مشيراً في الوقت ذاته أن فساد السمك قد يكون أيضاً بسبب عدم تناوله بشكل مباشر في المنازل بعد شرائه.
وأكد أبو موسى في ختام حديثه لموقع “السورية نت” أن الصيادين والبائعين يدفعون الثمن لأنهم يبيعون دون سعر التكلفة في مثل هذه الأيام، فالصياد يتكلف أجور المحروقات لتشغيل مركبه بما لا يقل عن 100 ألف ليرة ثم يأتي ليبيع ما حصد بسعر 3 آلاف للكيلو خوفاً من أن يفسد بسبب الطقس، وكذلك يضطر البائعون للبيع بأسرع وقت لأن الاحتفاظ بالسمك مع عدم وجود الكهرباء مكلف جداً.
وحول طرق معرفة السمك الفاسد من الصالح قال البائع: “معظم حالات التسمم سجلت من البلميدا، وعند شرائه يجب التأكد من جلد السمكة ورائحتها، وفحص العينين، وهذا النوع من الأسماك عند تخزينه بشكل سيئ يتقشر جلده وتدلّ رائحته على فساده، بينما الأنواع الأخرى ذات الحراشف يكون وقت فسادها أطول ضمن شروط الحفظ ذاتها، كون البلميدا سمك دهني”.
من جانبه، تحدث الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي، عن حالات تسمم بأسماك سامة غير صالحة للاستهلاك البشري أبرزها سمك البالون.
وقال جبلاوي لموقع “السورية نت” إن الصيف الحالي شهد ظهور أصناف سمك غريبة في جبلة مع وفرة في الكميات، وبعض هذه الأسماك سامة، وسط غياب حملات التوعية أو المراقبة من قبل حكومة النظام للأسواق.
وتعتبر أسماك “البلميدا”، التي تتبع لعائلة “السكمبري”، من الأسماك المهاجرة ضمن حوض المتوسط ويكثر وجودها ما بين أشهر الصيف والخريف.