يتزايد انتشار مرض “الكوليرا” في مناطق الشرق السوري، منذ مطلع شهر سبتمبر/أيلول الجاري، وتتركز الإصابات في القرى والبلدات، المنتشرة على ضفتي نهر “الفرات”.
وسجّلت “شبكة الإنذار المبكّر”، حوالي 700 إصابة، و5 وفيّات بـ”الكوليرا”، (في محافظتي دير الزور 661 إصابة، والرقّة 39 إصابة)، وذلك حتى تاريخ 14 من الشهر سبتمبر/أيلول الحالي.
وفيما أعلنت وزارة الصحة التابعة للنظام السوري، قبل يومين، عن 53 إصابة فقط بـ”الكوليرا”، توزعت على محافظات حلب ودمشق والحسكة ودير الزور واللاذقية، أكدت “الإنذار المبكّر” على خلوّ منطقة شمالي غربي سورية من الإصابات حتى اللحظة.
“ضفاف الفرات”
يقول الطبيب محمد الجاسم، وهو مدير شبكة الإنذار المبكّر، لـ”السورية. نت”، إنّ “أكثر الإصابات بـ”الكوليرا” تتركز في قريتي الكسرة والصعوة في ريف دير الزور الواقعتين على ضفة نهر الفرات”، مشيراً لـ”استمرار تزايد الإصابات في المنطقة لغياب الوقاية الصحيّة”.
وأشار الجاسم إلى أنّ “غالبية الإصابات هي قريبة من مجرى نهر الفرات، حيث الكثافة السكّانية، واضطرار الأهالي إلى استهلاك المياه من النهر بشكل مباشر أو استخدام مياه الصهاريج المعبّأة من الآبار الارتشاحية القريبة من النهر”.
ويضيف حول تحوّل نهر الفرات لمسبب رئيسي في الإصابات: “معظم مجاري الصرف الصحي للمدن الكبيرة، تصب في نهر الفرات، كما أنّ منسوب النهر تراجع بشكل كبير بعد بحيرة الأسد والسدّ، وهو ما أثر على المياه كمّاً ونوعاً، فضلاً عن رافد البليخ الذي يجلب عوادم الريّ للنهر”.
“تعقيم المياه معدوم”
وتحدّث الجاسم عن تلوّث المياه الناتج عن غياب أو تراجع عمليات التعقيم أو “الكلورة”، التي “تجري على استحياء في محطات تلك المنطقة”.
ويشير إلى أنّ “تراجع كميات المياه وارتفاع تكاليف نقلها، وخاصةً في مناطق ذات كثافة سكانية، يدفع نحو استهلاك مياه النهر الملوّث من قبل سكان ضفاف النهر”.
“الانتقال عبر الناس”
يستبعد الجاسم أن تشكل مياه الفرات في الجزء المقابل لريف حلب الشرقي، الخاضع للمعارضة، خطراً على السكان بما يتعلق بـ”الكوليرا”، لذلك يتوقّع أن تصل الإصابات إلى منطقة شمالي غربي سورية، عن طريق الأهالي حصراً.
ويجد الطبيب الجاسم، أنّ “مياه نهر الفرات، قبل بحيرة الأسد (الجزء الغربي)، ليس كما بعد البحيرة، من حيث المستوى والموقع والضغط السكاني عليه”.
ويعتبر الجاسم أنّ “مناطق المخيمات هي الأكثر عرضةً في منطقة شمالي غربي سورية للإصابات، في ظل تراجع كميات المياه الصالحة للشرب، وتدهور شبكة الصرف الصحي، إلى جانب الكثافة السكانية الضخمة ضمن الخيام”.
“الصحة تدق ناقوس الخطر”
مع بدء انتشار إصابات “الكوليرا” وتسجيل وفيات، دقت “مديرية صحة إدلب”، في بيان سابق، ناقوس الخطر، من وصول الإصابات إلى منطقة شمالي غربي سورية.
وقالت المديرية في “تنويه” صادر 11 الشهر الجاري، إنّ “المرض شديد العدوى، خاصةً في ظل الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها الأهالي في منطقة شمالي غربي سورية، حيث الكثافة السكانية الكبيرة وانتشار المخيمات وصعوبة تأمين مياه الشرب النظيفة، ووجود مجارير الصرف الصحي بالقرب من المخيمات”.
كما نوّهت إلى “الصعوبات الكبيرة التي يواجهها قطاعنا الصحي في تأمين الأدوية والمستلزمات الطبية نتيجة انخفاض الدعم الدولي”.
وأوضح البيان أنّ “مرض الكوليرا من الأمراض الخطيرة، التي تهدد الحياة بسبب نقص السوائل والشوادر في الجسم، نتيجة الإسهال المائي الشديد والتقيؤ، ما يؤدي للوفاة خلال ساعات في حال لم يتم تقديم الإسعافات الضرورية بسرعة”.
وشدد البيان على ضرورة “عدم التهاون بحالات الإسهال، وضرورة مراجعة أقرب مركز صحي لتقييم الحالة، والاهتمام بالنظافة الشخصية، خاصة بعد استخدام دورات المياه وقبل طهي الطعام والاهتمام بنظافة مياه الشرب، والابتعاد قدر الإمكان عن استخدام الخضار المروية بمياه الصرف الصحي”.