نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” تقريراً، اليوم الجمعة، تطرقت فيه إلى الضربات الإسرائيلية التي باتت تستهدف على نحو متزايد موقعاً عسكرية لميليشيات تدعمها إيران في سورية.
وكانت الضربات قد استهدفت، خلال الأسابيع الماضية، مطاري حلب ودمشق الدوليين، إضافة إلى منشآة “البحوث العلمية” الواقعة في مصياف بريف حماة الغربي.
وتقول الصحيفة إن “وتيرة الهجمات تعكس استعداداً أكثر عمومية للمواجهة مع دخول المنطقة مرحلة جديدة”، مشيرة إلى ارتفاع ملحوظ فيها.
وفي السادس من سبتمبر / أيلول الحاضي قصفت الطائرات الإسرائيلية مطار حلب، في أعقاب غارة سابقة على نفس الهدف، في 31 من أغسطس/آب الماضي.
قبل ذلك في 15 أغسطس/آب، استهدفت غارات جوية مواقع عسكرية سورية في محافظتي طرطوس ودمشق، وأسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى.
في 12 آب، أصيب شخصان في قصف استهدف قرية شمالي القنيطرة بالقرب من الحدود الإسرائيلية السورية.
وتشير الصحيفة، حسب ما رصدت من شبكات محلية سورية إلى أن 24 عملية جوية إسرائيلية نفذت ضد أهداف في سورية منذ بداية العام، وأن الغالبية العظمى من هذه الهجمات “تم إجراؤها ضد أهداف إيرانية”.
وتضيف في غضون ذلك: “إن كان هذا الرقم دقيقاً فإن ست عمليات من هذا القبيل في الشهر الماضي تمثل زيادة واضحة في الإيقاع”.
لماذا الآن؟
وحتى الآن لا توجد أسباب معلنة من الجانب الإسرائيلي بشأن التصعيد بالضربات الجوية، وكذلك الأمر بالنسبة لإيران التي تنفي حتى الآن وجود قوات لها على الأرض في سورية.
لكن الصحيفة الإسرائيلية تقول إن “هناك عدد من العوامل التي تستحق الاهتمام”.
ويكاد يكون من المؤكد أن الاستهداف المحدد لمطار حلب مرتبط بالإشارات الأخيرة إلى أن إيران تعتمد بشكل متزايد على “جسرها الجوي” إلى سورية ولبنان، بسبب استهداف إسرائيل “الناجح والمنهجي” لجهود نقل الأسلحة والمعدات براً.
لكن ومع ذلك فإن الوتيرة المتزايدة للنشاط لا تتعلق فقط بالمسألة المحددة المتمثلة في زيادة استخدام النقل الجوي من قبل طهران. بل هو جزء من صورة أوسع للتوتر الإقليمي المتزايد، وفق الصحيفة.
وتضيف: “يبدو أن روسيا تتراجع في سورية. هذا يتطلب تحذيراً فورياً. لا توجد احتمالات لانسحاب روسي كامل. القاعدة الجوية في حميميم والمرافق البحرية في طرطوس واللاذقية هي أصول استراتيجية صعبة سيتم الحفاظ عليها”.
ويعتبر الحفاظ على حكم بشار الأسد هدف واضح لموسكو، ولكن أبعد من ذلك، فإن الروس مشغولون الآن بحملة عسكرية متعثرة في أوكرانيا.
ولذلك تتابع الصحيفة: “تفتقر موسكو إلى القدرة على مشاركتين استراتيجيتين وثيقتين في وقت واحد”، الأمر الذي دفعها أواخر الشهر الماضي إلى سحب بطاريات “إس 300” من سورية، وفق صور أقمار اصطناعية نشرتها شركة استخبارات إسرائيلية.
ولا تتوقف أسباب تصاعد حدة الضربات في سورية على ما سبق، إذ تشير “جيروزاليم بوست” إلى أن “الغياب الروسي يعني أهمية أكبر وحرية أكبر للدور الإيراني في سورية”.
وتضيف: “قد تزيد إيران من أنشطتها مع انسحاب الروس، لكن ضعف طهران وحرية العمل الإسرائيلية سيزدادان أيضاً”.
وأوردت الصحيفة أن “التصعيد في النشاط الإسرائيلي من الواضح أنه لا يتعلق بسورية وحدها. بل هو جزء من توسيع وتعميق أكثر عمومية من جانب إسرائيل في الأشهر الأخيرة لموقفها الحازم فيما يتعلق بالسلسلة الكاملة للنشاط الإيراني في المنطقة”.
وانعكس هذا النهج الجديد الأكثر شمولاً هذا الأسبوع على لسان رئيس الموساد ديفيد بارنيا في خطابه أمام مؤتمر المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في هرتسليا.
وقال بارنيا لجمهوره: “يجب على القيادة الإيرانية أن تفهم أن الهجمات ضد إسرائيل أو الإسرائيليين، بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل وكلاء، ستقابل برد مؤلم ضد المسؤولين، على الأراضي الإيرانية. لن نلاحق الوكلاء بل الذين سلحواهم وأصدروا الأوامر، وهذا سيحدث في إيران”.
بدوره أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، يوم الاثنين أن “إيران حولت مركز الدراسات والبحوث العلمية، وكذلك مواقع أخرى في جميع أنحاء البلاد، إلى مصانع لصواريخ دقيقة بعيدة المدى لحزب الله”.
وأضاف: “إذا لم يتم وقف هذا الاتجاه، في غضون عقد من الزمن، ستكون هناك صناعات إيرانية متقدمة في جميع أنحاء المنطقة، تنتج الأسلحة وتنشر الإرهاب”.