نشرت صحيفة “صباح” المقربة من الحكومة التركية تقريراً استعرضت فيه ما وصفته بـ”كواليس” المحادثات الاستخباراتية التي جرت خلال الفترة الأخيرة بين تركيا والنظام السوري.
وكانت وكالة “رويترز” قد كشفت، أول أمس الجمعة، عن سلسلة لقاءات استخباراتية بين الجانبين، وأن رئيس جهاز الاستخبارات التركي، حقان فيدان عقدها مع نظيره السوري، علي مملوك، خلال الأسابيع القليلة الماضية، وكان الأخير منها في العاصمة دمشق.
وجاء في تقرير “صباح“، الذي نشر اليوم السبت، أن “هناك شروط مطروحة على الطاولة، مثل العودة الآمنة والكريمة، عودة الممتلكات للسوريين، استكمال عملية الدستور الجديد، إجراء انتخابات حرة ومستقلة”.
وفي حين أنه من غير المتوقع عقد اجتماع رفيع المستوى على المدى القصير، تضيف الصحيفة: “وحدات الاستخبارات تواصل حواراتها لخلق الأرضية اللازمة”.
وأوضحت أن إطار المحادثات العامة والموضوعات المطروحة تتلخص بـ5 قضايا هي: خارطة طريق لعودة السوريين، ضمان العودة الآمنة، إلغاء القانون رقم 10 في سورية المتعلق بالملكيات. وقضايا أخرى مثل الانتشار التركي في شمال سورية وإمكانية إجراء اجتماعات دبلوماسية.
وخلال الاجتماع الأخير بين الوحدات الأمنية والمخابراتية والنظام السوري، تمت مناقشة “القضايا ذات الأولوية للطرفين وهوامش المرونة، والمواضيع الرئيسية لخارطة الطريق التي يجب اتباعها من الآن فصاعداً”.
وتضيف الصحيفة: “بمعنى آخر تجري محاولة إنشاء البنية التحتية لخارطة الطريق من أجل العودة الآمنة للسوريين”، لكن “يبدو أن الأمر سيستغرق بعض الوقت للحصول على نتيجة ملموسة من هذه المحادثات”.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من جانب تركيا والنظام السوري، بخصوص ما رشح من الاجتماعات الاستخباراتية التي تم الكشف عنها، خلال الفترة الأخيرة.
ومنذ قرابة الشهر تتركز جميع التصريحات من جانب أنقرة على الشق السياسي المتعلق بإمكانية بدء حوار ما مع النظام السوري، لمعالجة سلسلة من القضايا، من بينها الحل السياسي وملف اللاجئين السوريين.
في المقابل كان النظام السوري قد علّق لمرة واحدة فقط، مؤخراً، حيث أعلن فيصل المقداد وزير خارجية النظام السوري أن “دمشق لديها استحقاقات من تركيا وليست شروطاً”، مطالباً الجيش التركي بالانسحاب من شمالي البلاد، وعدم البقاء “في ميلي متر واحد”.
وعلى الرغم من وصول المحادثات الاستخباراتية إلى مستوى متقدم، إلا أن الصحيفة المقربة من الحكومة أشارت إلى “الاجتماع على المستوى الوزاري أو الرئيس ليس في الأفق أو في أي وقت قريب”.
وفيما يخص ملف اللاجئين فقد “عرض الجانب التركي على السلطات السورية قضايا ضمان العودة الآمنة لجميع طالبي اللجوء، وإعادة العقارات، وإنشاء ظروف العمل والتوظيف، وضمان عدم إصدار أحكام”.
وفي المحادثات الأخيرة أيضاً ذكر الجانب التركي أن “الناس يحتاجون إلى استعادة جميع ممتلكاتهم، وخاصة منازلهم، من أجل العودة إلى بلدانهم. أولئك الذين ليس لديهم منزل وأرض ومال وعمل لا يعودون. لهذا السبب، فإن بعض القوانين التي سنتها سورية بحاجة إلى إعادة النظر”.
وتتابع: “تريد تركيا إلغاء القانون رقم 10 أو تمديده لتمهيد الطريق للعودة، وبقاء الأصول مع أصحابها”.
وتم التذكير في المحادثات، حسب “صباح” بأن “الانسحاب التركي من سورية يمكن تقييمه لاحقاً، بشرط استكمال العملية الدستورية وإجراء انتخابات حرة وتجديد اتفاقية أضنة بشأن مكافحة الإرهاب”.
وسبق وأن قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان عقب لقائه نظيره الروسي في سوتشي، مطلع أغسطس الماضي، أن الأخير طرح له مقاربة بشأن العملية العسكرية في شمال سورية بقوله: “لديه نهج سيكون أكثر دقة إذا كنت تفضل حل هذه القضية مع النظام السوري قدر الإمكان”.
وسرعان ما تتالت المواقف التركية بعد هذه المحطة، ليخرج وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو داعياً إلى “تحقيق مصالحة بين النظام السوري والمعارضة، بطريقة ما”.
لكن حتى الآن ما يزال مسار العلاقة بين النظام السوري وتركيا “ضبابياً”، وذلك لاعتبارات تتعلق بالقضايا التي يراها مراقبون “شائكة”، سواء السياسية والعسكرية، أو تلك المرتبطة بملف اللاجئين السوريين المقدرة أعدادهم بالملايين.