هل بدأ الاتحاد الأوروبي في التذبذب بشأن تجميد الأسد؟
نشرت مجلة “فورن بوليسي” تقريراً تحدثت فيه عن “وجود تصدعات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”، بشأن المسار الخاص بتجميد أي نوع من العلاقة مع النظام السوري، ورأسه بشار الأسد.
واستعرض تقرير الصحيفة الذي، نشر اليوم الجمعة، الخطوات التي اتخذتها دول عربية خلال الفترة الأخيرة، معلنة إعادة تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، وأن ذلك كان متربطاً بسلسلة اعتبارات.
وتقول: “إضافة إلى ذلك، هناك اتجاه آخر مثير للقلق بنفس القدر، ولكن يحتمل أن يكون أكثر أهمية، نحو إعادة الانخراط الذي يتطور خلف الكواليس – في أوروبا”.
وإلى جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يظل الاتحاد الأوروبي مرتبطاً مؤسسياً بالموقف الدولي الراسخ بشأن سورية، ومسترشداً بالقرار 2254 والحاجة إلى تسوية سياسية شاملة.
ويحتفظ الاتحاد الأوروبي بمجموعة واسعة من أكثر من 350 عقوبة ضد النظام السوري والكيانات المرتبطة به، بينما يواصل معارضة ومنع أي أنشطة متعلقة بالمساعدات في سورية من شأنها أن تفيد الأسد، بما في ذلك أي شكل من أشكال إعادة الإعمار.
وعلى الرغم من الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي، “بدأت تصدعات بالظهور بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”، وفق الصحيفة.
وتضيف: “رغم وجود اختلافات طفيفة في المنظور داخل الاتحاد الأوروبي لبعض الوقت، فقد تحولت إلى خلافات جادة وموضوعية في الأشهر الأخيرة”، وفقاً لأربعة مسؤولين غربيين كبار.
وأضاف المسؤولون رفيعي المستوى أن “حكومات اليونان وقبرص وإيطاليا والمجر والنمسا وبولندا مارست مواقعها داخل الاتحاد الأوروبي للضغط على عدد من خطوط السياسة، لتغيير السياسات التي تتماشى بشكل مباشر مع مصالح نظام الأسد”.
وخارج غرف الاتحاد الأوروبي أقدمت بعض هذه الحكومات على تشكيل مجموعات مختارة من الخبراء لتبادل الأفكار، حول طرق مبتكرة لتجاوز لوائح الاتحاد الأوروبي والعقوبات التقييدية من أجل “فعل المزيد” في سورية.
وتوضح “فورن بوليسي”: “يبدو أن الحافز لهذا التحول الأخير كان ارتفاعاً ملحوظاً هذا الصيف في سفن المهاجرين التي تغادر من لبنان وسورية وتركيا باتجاه اليونان ومالطا وقبرص وإيطاليا”.
وفي بعض الحالات، يبدو أن المعارضة الجيوسياسية لتركيا تلعب دوراً، وكذلك التأثير المتزايد للسياسات الشعبوية والميول الناتجة تجاه الإسلاموفوبيا والسياسات الموالية للمسيحيين والأقليات، فضلاً عن التعاطف العام مع موقف روسيا من سورية، على الرغم من استمرار الحرب في أوكرانيا.
وفي حين أن الخوف العام من اللاجئين – فضلاً عن السياسات القومية الشعبوية – قد يكون الدافع وراء زيادة الدعوات لتليين موقف أوروبا بشأن سورية، فإن التبريرات التي يتم التعبير عنها شفهياً تتماشى في الغالب مع التأكيدات بأن “الأسد قد انتصر”، وأن نظامه هو الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار في البلاد، وفق ما تحدث عنه المسؤولون.
ومع تزايد أعداد اللاجئين السوريين – جنباً إلى جنب مع المهاجرين اللبنانيين – بدأوا بالفرار نحو جنوب أوروبا هذا العام.
في غضون ذلك بدأت هذه الدول الأوروبية في المجادلة لصالح الاتحاد الأوروبي لتوسيع تعريفه لـ “التعافي المبكر”، للابتعاد عن أعمال التنمية المحدودة والمحلية التي يتم تنفيذها داخل وضع إنساني، وفتح الباب للأنشطة الممولة من المانحين، والتي من شأنها أن ترقى إلى “إعادة الإعمار الفعلي”، وفقاً للعديد من المسؤولين الأوروبيين.
كما قدم مسؤولو أوروبا الجنوبية والوسطى شكاوى متكررة حول استخدام الاتحاد الأوروبي القياسي لشرطية “آمنة وطوعية وكريمة”، عندما يتعلق الأمر بعودة اللاجئين، بحجة أنها تعيق عمليات العودة وتغذي الهجرة.
وفي مناسبات متكررة هذا العام، أصدرت العديد من الدول الأعضاء أيضاً شكاوى خاصة بشأن إشارة قادة الاتحاد الأوروبي المستمرة لجرائم نظام الأسد في بيانات عامة بشأن سورية.
ومن وجهة نظرهم، وفق الصحيفة فإن الإشارة إلى وصف هذه الجرائم علناً لم يكن ضرورياً وعائقاً أمام أولئك الحريصين على استكشاف تحسين العلاقات مع دمشق.
وفي رأي أحد المسؤولين الأوروبيين، فإن الزيادة “المطردة” في التعبيرات المرئية والرسمية لمعارضة سياسة الاتحاد الأوروبي لعزل الأسد هي “أخطر تحد” يواجه موقف المجتمع الدولي من سورية.
ومنذ عام 2020، أعادت العديد من الحكومات المعنية إقامة شكل من أشكال العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، بما في ذلك بلغاريا ؛ هنغاريا؛ اليونان، التي أرسلت قائماً بالأعمال إلى دمشق.
في حين انتقلت قبرص إلى سفارة جديدة في منتصف عام 2021، بينما يقال إن إيطاليا استضافت رئيس مخابرات الأسد، علي مملوك، في أوائل عام 2018.
كما زار نائب وزير الخارجية البولندي دمشق في أغسطس 2018، فيما أخبرت مصادر لـ”فورن بوليسي” أن القادة في النمسا يفكرون الآن في شكل من أشكال الاتصال الدبلوماسي أيضاً.
واعتبرت الصحيفة أن “تكثيف المعارضة الداخلية يهدد بتفكيك سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن سورية بالكامل، لأنها تعتمد على إجماع رسمي”.
وفي أحسن الأحوال، سيؤدي ذلك إلى تآكل تدريجي لسياسة الاتحاد الأوروبي، حيث تنفصل الدول الفردية، وتنخرط في أشكال مختلفة من إعادة الارتباط بشكل فردي.
وتشير إلى أن “عواقب انهيار السياسة الأوروبية تجاه سورية تهدد باقتلاع الموقف الدولي بأكمله، وتشجيع المزيد من الخطوات الإقليمية نحو إعادة الانخراط وعزل أولئك الذين يظلون ملتزمين بعدم المشاركة”.