ثلاث طرق تحايل بها نظام الأسد على العقوبات الأوروبية والأمريكية
منذ بدء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على شخصيات سياسية ورجال أعمال داعمين لنظام الأسد، عمد الأخير على البحث عن طرق للتحايل على هذه العقوبات، التي بدأت بالاتساع مع مرور الوقت لتشمل عشرات الشركات والأشخاص المقربين منه.
ويخضع نظام الأسد لعقوبات أوروبية وأمريكية منذ عام 2011، وأبرزها عقوبات “قيصر” التي فرضتها واشنطن في يونيو/ حزيران 2020، وتستهدف كبار المسؤولين في النظام وكل من يقدم الدعم له.
والهدف من هذه العقوبات بهدف تصريحات مسؤولين غربيين، هو “الضغط على النظام السوري لوقف القمع والتفاوض على تسوية سياسية دائمة للأزمة السورية، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
إلا أن نظام الأسد استخدم عدة طرق للتحايل على هذه العقوبات حتى أصبحت “حرفة سورية” كما وصفها وزير الاقتصاد في حكومة الأسد محمد سامر الخليل، في 13 أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، ومن هذه الطرق:
شركات وهمية
خلال السنوات الماضية ظهرت على الساحة الاقتصادية أسماء لم تكن معروفة من قبل، وأطلق عليهم لقب “أثرياء الحرب” مستغلين فراغ الساحة من النخبة الاقتصادية القديمة، لتصبح هذه الفئة أحد أهم ركائز الاقتصاد في سورية.
هذه الأسماء اتخذها نظام الأسد مطية للتحايل على العقوبات الاقتصادية، كونها غير مدرجة على قائمة العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية، عبر تأسيس شركات تصنف بأنها “وهمية” تعمل في الاستيراد والتصدير.
في 22 مارس/ آذار الماضي، كشفت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، حصولها على وثائق رسمية، تُظهر تلاعب نظام الأسد والتفافه على العقوبات المفروضة عليه عبر استخدامه شركات وهمية وإخفاء الأسماء الحقيقية للمستثمرين الأجانب، تجنباً لفرض عقوبات عليهم، ما يسهم في دعم النظام مالياً، ويجعل من الصعب على الدول الغربية فرض عقوبات على الدائرة الداخلية للأسد.
وتشير الوثائق، غير المتاحة للجمهور، أن ما لا يقل عن 3 شركات تم تأسيسها في سورية في نفس اليوم، للتغطية على شراء الأسهم وإدارة شركات أخرى، حيث ظهرت صلات واضحة بين مالكي الشركات “الوهمية” الثلاث، وبين أفراد خاضعين للعقوبات في نظام الأسد، بينهم رجال أعمال مثل خضر علي طاهر، رجل الأعمال البارز لدى نظام الأسد.
وفي مارس/ آذار الماضي أعلن مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية، زين صافي، في تصريح لإذاعة “المدينة” المحلية، تسجيل أكثر من 700 شركة في 2021 برأسمال الحد الأدنى هو 5 مليون، في حين وصل رأسمال بعض الشركات إلى 25 مليار ليرة.
ومطلع العام الحالي نقلت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية عن المُحاضر في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، إبراهيم العدة، أن “رأس المال المعلن للشركات بمبالغ قليلة ظاهرة غير سليمة في الاقتصاد السوري، والهدف منه قد لا يكون نظيفاً، ولغاية خاصة في نفس المؤسسين، لكون مبلغ 5 ملايين لا يشتري باب للشركة، ويمكن سحبه في اليوم التالي للتأسيس”.
واعترف رامي مخلوف، ابن خالة الأسد، في منشور له عبر “فيس بوك” في 2020 خلال الخلاف على شركة سيرتيل، بتأسيس شركات لمساعدة الأسد في التحايل على العقوبات الغربية، ومنها شركة “اورينيا”.
وقال مخلوف إن “شركة أورنينا وغيرها من هذا النمط من الشركات، دوره وهدفه الالتفاف على العقوبات المفروضة على الشام القابضة ووسيلة لدفع بعض المستحقات للموردين الذين لا يريدون علاقة مباشرة مع شركة معاقبة”.
ويحاول نظام الأسد من خلال إنشاء هذه الشركات بأسماء غير معروفة هو تعقيد ملكية هذه الشركات، ما يعقد مهمة القوة الخارجية على تتبعها وفرض عقوبات عليها.
شركات خارجية
وإلى جانب الشركات الوهمية داخل سورية، عمد نظام الأسد للتحايل على العقوبات عبر الاستفادة من علاقته الوطيدة برجال أعمال لبنانيين وشركات مختلفة.
وحسب مصادر قانونية لموقع “الحرة” في 2020، فإن نظام الأسد اعتمد على شركات لبنانية لشركاء لبنانيين من أجل الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
وحسب المصادر فإنه “تم تأسيس حوالي 13 شركة موضوعها الإعمار والمقاولات في السجلات التجارية اللبنانية خلال عامي 2018 و2019، هدفها السماح للمستثمرين الدوليين الدخول إلى خط إعادة الإعمار دون تعريضهم لخطر العقوبات”.
كما عمد نظام الأسد للتعاون مع شركات في دول أخرى لمساعدته بالالتفاف على العقوبات، وخاصة في لبنان الدولة المجاورة.
وفي 2018 أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية على عدد من الشركات في لبنان والإمارات العربية المتحدة، بسبب توفيرهم إمدادات النفط والوقود والغاز المسال للنظام وتسهيل المدفوعات من سورية.
والشركات هي “شركة ناسكو للبوليمرات والكيماويات” ومقرها لبنان، وشركة “آبار للخدمات البترولية” ومقرها لبنان، وشركة “إنشاء خط الأنابيب الدولية” ومقرها في الإمارات العربية المتحدة، وشركة “سونكس للاستثمارات المحدودة” ومقرها في الإمارات.
أما الكيانات التي أدرجت على لائحة العقوبات فهي شركة القاطرجي ومقرها في #سوريا وشركة ناسكو للبوليمرات والكيماويات ومقرها في لبنان وشركة آبار للخدمات البترولية ومقرها في لبنان وشركة إنشاء خط الأنابيب الدولية ومقرها في الإمارات وشركة سونكس للاستثمارات المحدودة ومقرها في الإمارات.
— U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) September 7, 2018
كما تحدثت “وثائق بارادايز”، التي كشف عنها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ بالتعاون مع صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية في 2017، امتلاك رامي مخلوف ورجال أعمال سوريين مقربين من النظام العديد من الشركات في لبنان.
شركات الملاذات الضريبية
الطريقة الثالثة من تحايل نظام الأسد على العقوبات، كانت في تأسيس شركات وهمية في الملاذات الضريبية البعيدة.
وكشفت “وثائق بنما”، التي نشرتها صحيفة “sueddeutsche zeitung” والاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ عام 2016، عن تسجيل رامي مخلوف وأخيه حافظ، العديد من الشركات الوهمية في الملاذات الضريبية البعيدة، ما أدى إلى تكوين ثورة كبيرة.
كما كشفت الوثائق لجوء النظام إلى ثلاث شركات وهمية للالتفاف على العقوبات الدولية التي تستهدفه، وهي “بانغاتس إنترناشيونال” و”ماكسيما ميدل إيست ترايدينغ” و”مورغان أديتيفز”، التي وفرت الوقود لطائرات نظام الأسد.
كما كشفت “وثائق باندورا” في 2021 عن تأسيس رجل الأعمال المقرب من النظام، سمير حسن، لشركات في جزر العذراء البريطانية.
وكشفت الوثائق عن تأسيس حسن لشركات عقارية هي ” libra Investments Trading وSamya Investment Limited وSunset Real Estate Properties Limited”.
وحسب الوثائق فإن “رجل الأعمال السوري سمير حسن قام بتأسيس شركة Sunset في جزر العذراء البريطانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، لتمارس أنشطة تجارية تتعلق بالعقارات والممتلكات”.