تجارة الدراجات النارية في إدلب..الخبرة مطلوبة مع تحديات السوق
راجت مؤخراً مهنة تجارة الدراجات النارية في المخيمات الواقعة شمالي إدلب، انعكاساً للأزمة الاقتصادية والظروف المعيشية السيئة التي يعاني منها سكان تلك المخيمات، مستندين في ذلك إلى أن هذه المهنة لا تحتاج إلى رأس مال، بل تعتمد على مدى خبرة الشخص وقدرته على التسويق.
تحقق هذه المهنة مورداً مالياً لبعض العوائل القاطنة في مخيمات شمالي إدلب، في ظل الاحتياجات المعيشية وقلة فرص العمل وانتشار البطالة، بحسب محمود صطيف، الذي يتاجر بالدراجات النارية.
إذ يتجول محمود، وهو ثلاثيني مهجر من قرية الحماميات شمال حماة، بين الدراجات النارية المعروضة للبيع في سوق مخيم المدينة المنورة في منطقة أطمة شمال إدلب، والذي يقطنه مع عائلته وأقاربه منذ عدة سنوات، ثم يقوم بعقدِ صفقات تجارية في سوق المخيم ليبيع عدداً من الدراجات، في سبيل تحقيق موردٍ يؤمن لقمة عيشه.
“الخبرة مطلوبة”
يقول محمود لـ “السورية.نت”، إنه ترك دراسته في كلية الهندسة التقنية في السنة الثالثة بجامعة حلب بعد اندلاع الثورة السورية، ولم يستطع الاستكمال في جامعات الشمال السوري، بسبب ضعف الإمكانيات المادية ورحلات النزوح التي عانى منها، ما اضطره للعمل بتجارة الدراجات النارية بحكم خبرته بها، كونه يستخدمها منذ صغره.
من جانبه، يصف محمد العوني، تاجر وميكانيكي مهجر من جنوب حلب إلى إدلب، هذه المهنة بأنها “لاسهلة ولا صعبة”، معتبراً أنها تحتاج فقط خبرة في اختيار الدراجة النارية ومعرفة مدى جودتها، كي يتم تحقيق مربح جيد فيها أثناء بيعها.
ويضيف: “لدي خبرة منذ الصغر في بيع وشراء الدراجات النارية، من خلال عملي مع والدي، ما دفعني إلى فتح محل لصيانة الدراجات”.
ويتابع: “كل يوم جمعة أقوم بزيارة سوق الدراجات النارية وأشتري الدراجة التي تناسبني، ثم أقوم بإجراءات الصيانة اللازمة لها، كي أبيعها بسعر أحقق منه مربحاً مادياً يصل أحياناً إلى 20 دولار أمريكي، وأحياناً يكون الربح رمزي لايتجاوز الـ 100 ليرة تركية”.
وبحسب محمد العوني، تنتشر في أسواق إدلب أنواع كثيرة من الدراجات، أغلبها صينية الصنع، بعضها جديدة وبعضها مستعملة، مشيراً إلى أن أكثر الأنواع المرغوبة، هو “الموتور الصيني نوع (part)” مستعمل، ويترواح سعره بين 100 و200 دولار أمريكي.
ويشهد هذا النوع من الدراجات إقبالاً كونه “أرخص من غيره” ويناسب أصحاب الدخل المحدود وقطع تبديله متوفرة بكثرة، على عكس الدراجات الحديثة، التي يصل سعر بعضها إلى 1000 دولار أمريكي.
وعن آلية عمل أسواق الدراجات النارية، يقول العوني: “يقوم شخص بتأجير أرض السوق للتجار والدلالين، وكل شخص يُدخل دراجته للسوق يدفع مبلغ خمس ليرات تركية كرسم دخول، وبعد أن يجد الشخص دارجة نارية أعجبته، يقوم الدلال بعقد الصفقة بين البائع والمشتري من خلال عقد بيع، يُذكر فيه اسم البائع والمشتري ورقم المحرك والهيكل وكامل مواصفات الدراجة مع وجود شاهدين، تجنباً لعمليات السرقة التي تحصل في المنطقة”.
ويأخذ الدلال (الوسيط) مبلغ 30 ليرة تركية تقريباً لقاء إجراء هذه الصفقة، ويزيد المبلغ حسب سعر الدراجة النارية.
ركود وأزمة بنزين
يعتمد مردود تجارة الدراجات النارية على حركة السوق في البيع والشراء، إذ ينخفض سعرها وتركد أسواقها في الشتاء بسبب قلة استعمالها، فيما تنشط تجارتها خلال الصيف.
لكن يشهد سوق الدراجات النارية ركوداً كبيراً في إدلب مؤخراً، بسبب أزمة البنزين التي تشهدها المنطقة نتيجة تقلّص استيراده من معبر باب الهوى ودخوله بكميات قليلة.
يقول الدلّال (الوسيط) محمد شبعان، مهجّر مقيم بأحد مخيمات غربي إدلب، إن أسواق الدراجات النارية بإدلب تشهد ركوداً كبيراً نتيجة غلاء وعدم توفر البنزين وتردي الأوضاع الاقتصادية في المنطقة، ما اضطر الكثير من مالكي الدراجات لبيعها بأسعار زهيدة لتأمين التدفئة في فصل الشتاء.
وتحدث عن ضغوطات معيشية كبيرة في ظل “الغلاء الفاحش في الأسعار”، مشيراً إلى أن “هذه المهنة لم تعد تحقق له مبلغ 100 دولار في الشهر الواحد”، وهو مبلغ لا يكفي لتأمين متطلبات الحياة اليومية، حسب تعبيره.
ويضيف: “نحن مقبلون على فصل الشتاء حيث وصلت أسعار مواد التدفئة لـ 300 دولار أمريكي، وهو مبلغ تعجز عنه الكثير من العوائل في المنطقة، بسبب عدم توفر فرص عمل وغلاء الأسعار.
يُشار إلى أن مدينة معرة مصرين شمالي إدلب تضم سوقاً كبيراً لبيع وشراء الدراجات النارية، يدخله قرابة 300 دراجة ويباع منها ما بين 10 إلى 30 دراجة يومياً، إلى جانب وجود أسواق أخرى في مدينة إدلب وباتبو ومنطقة المخيمات بالقرب من أطمة.