أسسها نجاد وسقطت بمقتل مهسا أميني..القصة الكاملة لـ”شرطة الأخلاق”
ربما لم يكن رجال الدين والقادة في إيران، يتوقعون أن المظاهرات الشعبية ستجبرهم على إلغاء “شرطة الأخلاق”، صاحبة الحضور غير المرغوب فيه، في الأماكن لدى الكثير من الإيرانيين.
وأعلن المدعي العام الإيراني “حجة الإسلام” محمد جعفر منتظري، اليوم الأحد، حلها بعد 17 عاماً من تأسيسها.
“شرطة الأخلاق” أو كما تسمى “غشتي إرشاد (دوريات التوجيه)”، تصدرت عناوين وسائل الإعلام العالمية بعد المظاهرات التي خرجت نتيجة اتهامها بقتل الشابة مهسا أميني في أيلول / سبتمبر الماضي.
وقتلت مهسا أميني، يحسب تقارير حقوقية، إثر اعتقالها من قبل عناصر “شرطة الأخلاق” وتعرضها للتعذيب داخل مركز الاحتجاز.
فيما تتحدث الرواية الرسمية الإيرانية، أن تقرير الطب الشرعي، أفاد أن مهسا أميني توفيت بسبب فشل في العديد من أجهزة الجسمن نجم عن نقص الأكسجين في المخ، نافيةً تعرضها لضربات على الرأس والأطراف.
وتوزعت هذه المظاهرات في كافة المدن الإيرانية، وما تزال مستمرة إلى اليوم، رغم عمليات القمع التي تعرض لها المتظاهرون.
واعترفت إيران بمقتل 300 شخص منذ بداية المظاهرات في 16 أيلول الماضي.
بينما وثقت “مجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران” مقتل 451 متظاهراً، بينهم 63 طفلاً، منذ بداية الاحتجاجات منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي ولغاية 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ترسيخ لسياسة “الثورة الإسلامية” في القمع
يعود تاريخ إنشاء “شرطة الأخلاق” إلى العام 2005، بقرار من الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد (2005 – 2013).
وكان نجاد في حملته الانتخابية يحاول الظهور بأنه أكثر تقدمية بشأن قضية تدقيق السلطات الإيرانية على الحجاب، بحسب رؤية رجال الدين الإيرانيين، التي تعكس أوامر ووجهة نظر ولاية الفقيه بعد “الثورة الإسلامية الإيرانية” عام 1979.
لكن ما إن وصل إلى سدة الحكم حتى أسس “شرطة الأخلاق”.
وسعى الخميني بعد “الثورة الإسلامية” إلى فرض لباس محدد على النساء بحسب رؤيته للحجاب، وأصدر في 7 آذار / مارس 1979 مرسوماً يقضي بفرض الحجاب على جميع النساء في أماكن العمل، واعتبر غير المحجبات “عاريات”، دون تحديد لباس معين للنساء.
وفي العام 1981، طُلب من النساء والفتيات قانونياً ارتداء الشادور (ملابس محتشمة).
الشادور: عباءة فضفاضة تغطي كامل الجسم إضافة إلى الرأس.
وفرض البرلمان الإيراني عام 1983 عقوبة الجلد (74 جلدة)، لمن لا تغطي شعرها في الأماكن العامة، وأضيفت عقوبة سجن تصل إلى شهرين في الفترة الأخيرة، حسب “BBC“.
واجهت السلطات الإيرانية صعوبات في تطبيق هذه القوانين، وقابلها رفض واحتجاج من قبل نشطاء في إيران، وقواعد اللباس كانت تخضع للرقابة بشكل غير رسمي من قبل الوحدات شبه العسكرية ووحدات تطبيق القانون، حتى صدور قرار بإنشاء “شرطة الأخلاق” من قبل أحمدي نجاد.
بدوره، فرض الرئيس الحالي إيراهيم رئيسي، قيوداً جديدة على النساء منتصف آب / أغسطس الماضي، تضمنت تغريم النساء غير المحجبات أو إحالتهن لمجلس إرشاد، والحكم بالسجن على أي إيراني يعارض قواعد “الحجاب” على شبكة الإنترنت.
عقاب دون قوانين واضحة
تنتشر وحدات “شرطة الأخلاق” في الأماكن العامة، وتتكون كل وحدة من رجال ونساء.
مهمتها فرض قوانين اللباس (بحسب رؤية الحكومة) على النساء والفتيات في الأماكن العامة، لكن دون تحديد السن القانوني للالتزام باللباس، أو تفاصيل محددة حول شكل اللباس.
ترك ذلك مجالاً للتفسير الشخصي من قبل “شرطة الأخلاق”، ما فتح مجالاً أكبر لعمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي.
ورغم أن مهمتها أيضاً مراقبة لباس الرجال (يجب أن يكون محتشماً)، لكن عناصرها يستهدفون النساء في المقام الأول، حسب تقرير لموقع “DW” الألماني.
تنقل المعتقلات إلى مراكز تسمى “مراكز التعليم والإرشاد”، وتتلقى دروس إلزامية حول “الحجاب”.
ثم يخرجن بعد الاتصال بأحد أفراد عائلتهن، وإحضاره “ملابس محتشمة”.
هذه القرارات والإجراءات، قوبلت بالرفض والتحدي من قبل إيرانيات، وذلك عبر ارتداء ملابس ضيقة وحجاب ملون يكشف قسم من شعرهن، لأن القوانين لا تحدد مقدار الشعر الذي يمكن إظهاره.
ولا يطبق بين 60 إلى 70% من النساء الإيرانيات “قواعد اللباس الإسلامي بالشكل الصارم في الأماكن العامة”، بحسب استطلاع للرأي نشره البرلمان الإيراني عام 2018.