ما تزال أصداء الحكم بالسجن على رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو لأكثر من عامين قائمة حتى الآن، ورغم تسليط الضوء بشكل أكبر على هذه القضية، إلا أن المسؤول السياسي يواجه قضية أخرى، ما يفرض على أحزاب المعارضة تبني حسابات بناء على ذلك في المرحلة المقبلة.
وقبل أسبوع قضت محكمة تركية بالسجن لمدة عامين و 7 أشهر و 15 يوماً على إمام أوغلو، في دعوى قضائية تم رفعها بتهمة إهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات (YSK).
كما قضت المحكمة بحرمان إمام أوغلو من ممارسة بعض الحقوق المنصوص عليها في المادة 53 من قانون العقوبات التركي (TCK)، والتي تتضمن حظراً سياسياً.
وإذا أيدت محكمة الاستئناف حكم السجن، فسيتم إحالة قضية رئيس البلدية إلى المحكمة العليا. بعد ذلك إذا وافقت “المحكمة العليا” على القرار، فسيتم منع إمام أوغلو من ممارسة السياسة، ولن يكون قادراً على مواصلة مهامه كرئيس للبلدية.
وبعدما أحدث الحكم بالسجن ضجة كبيرة داخل المشهد السياسي في تركيا أكمل مفتشو وزارة الداخلية في البلاد تقريراً أعدوه في السابق ضد إمام أوغلو ورفعوه للنيابة، حول الادعاء بأنه “وظّف أشخاصاً مرتبطين بالإرهاب في البلدية”.
وينظر إلى القضية الثانية على أنها علامة على أن “القبضة القضائية” ضد إمام أوغلو ستتوسع أكثر، حسب تقرير نشرته شبكة “بي بي سي” باللغة التركية.
“تسريع العملية”
في الكواليس السياسية، يقال، وفق الشبكة، إن الحكومة تحاول تسريع العملية القضائية بشأن إمام أوغلو، واستبعاده من معادلة الترشح للانتخابات الرئاسية، المقرر تنظيمها في شهر يونيو 2023.
ونقلت الصحفية نوراي باباجان، في مقال لها أيضاً الادعاء بأن الاستئناف وإجراءات المحكمة العليا بشأن إمام أوغلو “ستنتهي في غضون شهرين”.
وإذا اتسعت “القبضة القضائية” ضد إمام أوغلو، فلن تتمكن “طاولة الستة” التي شكلتها أحزاب المعارضة في فبراير من المخاطرة بترشيح إمام أوغلو، على الرغم من أن لديه احتمالية كبيرة للفوز، وبالتالي سيتم القضاء عليه في سباق الترشح.
واسم إمام أوغلو من بين المرشحين الرئاسيين المحتملين للمعارضة، ولهذا السبب، يبدو أن التطورات القانونية المتعلقة به ستعيد أيضاً تشكيل الحسابات السياسية، وفق “بي بي سي”.
ما عواقب العملية القضائية؟
وهناك سيناريو آخر يحدث في كواليس المعارضة، وهو أن المعارضة تجازف وترشح إمام أوغلو، وتجرى الانتخابات مع “مرشح بديل” في حال أصبح القرار القضائي نهائياً.
ويستشهد مؤيدو هذا السيناريو بانتخابات اسطنبول كمثال، ويذكرون أنه يمكن تحقيق نجاح مماثل في الانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من أن هذا الرأي قد تم قبوله من قبل “حزب الجيد” بقيادة ميرال أكشنار، إلا أن المكونات الأخرى لـ”طاولة الستة” لا تزال بعيدة عنه.
وكسبب، يجب أن يكون المرشح الاحتياطي على الأقل معروفاً وقوياً مثل إمام أوغلو، لكن من الواضح أنه لن يقبل أي زعيم أن يكون “مرشحاً احتياطياً”.
بالإضافة إلى ذلك، يُعتقد أن نظام الترشيح الاحتياطي سوف يربك الناخبين.
“نتائج عكسية”
وتعتقد المعارضة أن قرار إمام أوغلو جاء بناءً على تعليمات من الرئيس وزعيم حزب “العدالة والتنمية”، رجب طيب أردوغان.
كسبب لذلك “يظهر خوف أردوغان من خسارة الانتخابات الرئاسية ضد إمام أوغلو”، حسب “بي بي سي”.
وتُدلي التعليقات في الكواليس السياسية بأنه ليس فقط أردوغان، ولكن أيضاً رئيس “حزب الحركة القومية” دولت بهجلي يفضل رئيس حزب “الشعب الجمهوري” كمال كلشدار أوغلو كمنافس في السباق الرئاسي.
ومع ذلك، يشير الكثيرون إلى أن التحرك لـ”القضاء” على إمام أوغلو بقرار قضائي سوف يأتي بنتائج عكسية، ويؤدي إلى مزيد من “التضييق” على المعارضة.
ومن المحتمل جداً أن تحدد “طاولة الستة” مرشحها في شهر يناير المقبل، ووفقاً للمعلومات الواردة في الكواليس، لن يقترح حزب الشعب الجمهوري اسمًاً آخر غير كلشدار أوغلو على الطاولة.
الرأي السائد في حزب “الشعب الجمهوري” هو أن مرشح المعارضة يمكنه الفوز في الانتخابات ضد أردوغان تحت أي ظرف من الظروف.
ويقال إن الرياح التي أحدثها إمام أوغلو تعزز موقف “حزب الشعب” الجمهوري و”طاولة الستة”، وأن الانتخابات ستفوز بغض النظر عن المرشح.
“أكثر من مرشح”
ولا يخفى على أحد أن “حزب الجيد” وزعيمته أكشنار بعيدين عن اختيار كلشدار أوغلو.
وهناك قسم كبير في “حزب الجيد” القومي وأحد أركان “طاولة الستة” يعتقد أن وفي حال ذهب كلشدار أوغلو لخوض الانتخابات “لن يكون لديهم فرصة للفوز”.
وفي مثل هذه الحالة، يُقال إن خيار كل حزب للدخول في الانتخابات مع مرشحه في الجولة الأولى ودعم مرشح المعارضة الحاصل على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الثانية قد يأتي على جدول الأعمال.