لم تتكشف الكثير من العناوين التي طرحت على طاولة “لقاء موسكو”، يوم الأربعاء، بين تركيا والنظام السوري، قياساً بأهميته من كونه محطة مفصلية على صعيد العلاقة المقطوعة بين الجانبين منذ أكثر من عقد، وما رشح خلال الساعات الماضية هو أن وزاراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات ناقشوا “مكافحة الإرهاب” و”ملف اللاجئين”.
وضم اللقاء وزراء الدفاع التركي، خلوصي أكار، والروسي سيرغي شويغو، والتابع لنظام الأسد علي محمود عباس، بالإضافة إلى رؤساء أجهزة الاستخبارات في البلدان الثلاثة.
وقد اعتبر محطة ثانية من خارطة طريق كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان قد كشف عنها خلال الأيام الماضية، وتتعلق بكيفية قيادة مسار الحوار مع النظام السوري في المرحلة المقبلة، أولاً بـ”لقاء الاستخبارات”، ومن ثم وزراء الدفاع، ليفتح الطريق بعد ذلك إلى لقاء وزاراء الخارجية، ومن ثم الرؤساء.
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، وصف اللقاء الثلاثي بأنه “اجتماع مفيد”، وقبله قال بيان الدفاع التركية إنه عقد في “جوء بناء”، وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة دفاع الأسد، التي أضافت أنه “كان إيجابياً”.
واعتبر جاويش أوغلو، الخميس أن “التواصل مع النظام مهم للتوصل إلى حل سياسي لسلام واستقرار دائمين، وهذه المشاركة مهمة من حيث المصالحة بين النظام والمعارضة المعتدلة على خارطة الطريق”.
وحول المرحلة الثانية من اللقاءات، أوضح جاويش أوغلو أنه “يجب التخطيط لعقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، لكن لا يوجد جدول زمني محدد لموعد الاجتماع”.
بدوره قال وزير الدفاع التركي، آكار للصحفيين بعدما أحدث الكشف عن اللقاء حالة ترقب ووجوم داخل الأوساط السورية إن أنقرة “لن تقدم على أي خطوة من شأنها أن تضع الإخوة السوريين في مأزق، سواء الذين يعيشون داخل بلادهم أو في تركيا”.
وأضاف، بخصوص اللقاء الثلاثي: “تبادلنا المعلومات والآراء حول مشكلة اللاجئين ومكافحة كافة التنظيمات الإرهابية في سورية”.
ماذا تقول الصحافة؟
ونشرت وسائل إعلام تركية، صباح اليوم الجمعة، عدداً من مقالات الرأي والتقارير لكتّاب استشرفوا فيه تفاصيل العلاقة بين أنقرة والنظام السوري في المرحلة المقبلة، بعدما أحدث الجانبان خرقاً باللقاء في موسكو.
وجاء في مقالة للكاتب محرم ساريكايا في موقع “خبر تورك” إنه “بعد 11 عاماً فإن الجلوس على نفس الطاولة على المستوى الوزاري والتحدث عن المشكلة خطوة مهمة، ومع ذلك، فإن كيفية ظهور الجزء الثاني مهمة ومعقدة بنفس القدر”.
وناقش ساريكايا سؤالاً يتعلق بـ”متى يعود السوريون”؟، ويقول: “لا توجد مشكلة في هذه المرحلة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، الذي يعد أحد الركائز الثلاث لاجتماع موسكو وينظر إليه على أنه العنصر الأكثر أهمية”.
من ناحية أخرى، “تشكل العلاقات الدبلوماسية الركيزة الثانية التي تعتمد على السرعة التي ستعمل بها آلية مكافحة الإرهاب”، وأضاف الكاتب أن “المرحلة الأخيرة ستكون منع الهجرة وتوفير العودة”.
ولكي يحدث كل هذا، فإن “خلو المنطقة من الصراع يعتمد على قدرة دمشق على السيطرة على حدود البلاد وأمنها، وهناك جزء آخر من العمل؛ الولايات المتحدة والدول الغربية”، حسب الكاتب.
من جانبه أشار الكاتب تشيتينر تشيتين في موقع “خبر تورك” إلى أن “الأطراف تمكنت من الوصول إلى نقطة مشتركة في 7 من 9 عناوين تتعلق بمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية”.
ويقول تشيتين: “على الرغم من أهمية حزب العمال الكردستاني بالنسبة لنا، فإن القتال ضد الجماعات المتطرفة مهم أيضاً للنظام السوري. لم يتم حتى الآن وضع خارطة طريق في هذا الصدد. لكن هناك نية مشتركة للحل. بالإضافة إلى ذلك، فإن حل قضية إدلب هو التحدي الأكبر في هذه العملية”.
ويضيف الكاتب نقلاً عن مصادر لم يسمها أن “الجانب التركي يريد على الطاولة وضع خارطة طريق لقنوات العودة الآمنة والكريمة للمواطنين السوريين، كما تمت مناقشة مقترح الجانب الروسي لتطبيق النموذجين اللبناني والأردني أو ما يماثلهما”.
كما أضاف أنه “من المتوقع إعادة 150 ألف سوري في العام المقبل، تحت سيطرة أجهزة المخابرات في الدول الثلاث”.
“قد تتغير المعادلة”
في غضون ذلك اعتبر الكاتب والباحث التركي المقرب من الحكومة، برهان الدين دوران في مقالة نشرتها صحيفة “صباح” أنه “من الواضح أن عملية التطبيع هذه، التي ما زالت في البداية، لها علاقة بأزمة أوكرانيا”.
ويقول: “منذ عام 2015، تمكنت أنقرة من الحفاظ على علاقتها مع موسكو في سياق التعاون والمنافسة. التنافس أولاً في سورية، ثم في ليبيا وكاراباخ”.
وأنقرة وموسكو، من ناحية، يعمقون تعاونهم في مجال الطاقة، ومن ناحية أخرى، يتحولون الآن إلى مستوى مختلف تماماً من التعاون في سورية.
ويضيف دوران: “إذا تمكنت روسيا، تحت ضغط حرب أوكرانيا، من إقناع إدارة الأسد بالدبلوماسية، فيمكن إجراء تحول جديد في المعادلة السورية”، معتبراً: “قد يكون لهذا التحول أثر في دفع الولايات المتحدة إلى تغيير سياستها في سورية (وحدات حماية الشعب)”.