اعتبر السفير التركي السابق في سورية، عمر أنهون، أن عملية “المصالحة” بين تركيا ونظام الأسد (في حال تمت)، ستكون بمثابة “اختراق حاسم” للمواقف والقضايا المرتبطة بالملف السوري.
وفي مقال رأي عبر صحيفة “الشرق الأوسط”، اليوم الثلاثاء، قال أنهون إنه في ظل المعطيات الحالية، قد تكون عملية “المصالحة” بين تركيا والنظام “طويلة للغاية”، وتساءل عن مدى ثقة الأطراف المختلفة بنوايا هذه المصالحة.
وأضاف: “يُعتبر الأسد نفسه مشكلة كبيرة وعقبة أمام التقدم والحل السياسي، فهو مُهان، ويُنظر إليه بأنه مجرم حرب من قبل العديد من السوريين وجزء مهم من المجتمع الدولي. والحل الوحيد الذي يسعى إليه الأسد هو الحل الذي يبقيه ونظامه على رأس السلطة بصفة مطلقة”.
مكاسب روسية
بحسب السفير التركي السابق، فإن روسيا التي ترعى اللقاءات بين تركيا والنظام، لديها أهداف عدة من هذا التقارب، عبر تحويل دور تركيا في سورية، أو على الأقل تحييدها، وفق تعبيره.
وأضاف أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يأمل تحقيق مكاسب عدة من هذا التقارب، وأبرزها دعم الانتخابات الرئاسية في تركيا لصالح الرئيس أردوغان، الذي يلعب دور الوسيط في الحرب الأوكرانية، بعد مقاطعة الغرب لموسكو.
وكذلك تسعى روسيا، بحسب أنهون، إلى منع عملية عسكرية جديدة لتركيا في سورية، قد تؤدي إلى توتر العلاقات بين البلدين، والمزيد من الشكوك والاحتكاك بين تركيا وحلفائها الغربيين.
واعتبر أن دفع الولايات المتحدة لسحب قواتها من سورية هو أبرز المكاسب التي يسعى بوتين لتحقيقها من عملية “المصالحة” بين النظام وتركيا، مضيفاً أن روسيا تضغط على الأسد للمضي قدماً بهذه العملية، لكن الأخير وضع شروطاً لذلك.
وتابع: “الأسد دعا روسيا إلى عدم الفرض عليه، وإنما التنسيق معه. وقال إنه لكي تكون الاجتماعات (مع تركيا) مثمرة، ولكي تتمكن البلدان الثلاثة من التوصل إلى أهداف ملموسة، فإن الاجتماعات الثلاثية لا بد أن تستند إلى تنسيق وتخطيط مسبقين بين سورية وموسكو”.
تحييد الدور الإيراني
بحسب ما جاء في مقال رأي أنهون، فإن روسيا تركت إيران خارج تحركاتها الدبلوماسية الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالمصالحة بين النظام وتركيا.
لكن إيران “لم تتنحَ”، بحسب أنهون، وكثّفت مؤخراً من لقاءاتها مع مسؤولين النظام السوري، إذ أجرى وزير الخارجية الإيراني زيارة إلى دمشق قبل أيام، التقى خلالها رئيس النظام السوري، معبراً عن “سعادة” بلاده بالحوار بين تركيا والنظام.
وكذلك يجري وزير دفاع النظام حالياً زيارة إلى طهران، غير معلن عنها مسبقاً، وتتزامن مع الحراك الحاصل على خط أنقرة- دمشق.
كما تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي هاتفياً حول قضايا مختلفة، قبل أيام، ونقلت الصحافة الإيرانية عن رئيسي تأكيده على أهمية مسار “أستانة” حول سورية، وهذا يعني “لا تتركونا في الخارج”، بحسب أنهون، وربما تكون هنالك كلمة “وإلا…” التحذيرية غير المعلنة، وفق تعبيره.
الولايات المتحدة.. “معادلة معقدة”
يشير السفير التركي السابق لدى سورية، عمر أنهون، إلى أن واشنطن هي عنصر رئيسي آخر في المعادلة المعقدة المتعلقة بالملف السوري، خاصة أن دعم الولايات المتحدة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” و”وحدات حماية الشعب” هي من أكثر الأمور الشائكة في العلاقات الأمريكية- التركية.
وأضاف أن “هذه القوة التي يقودها الأكراد هي الشريك القتالي الوحيد القادر والملتزم في شمال شرق سورية، والمستعد للمشاركة مع الولايات المتحدة بصفة يومية لمواصلة المعركة المستمرة ضد تنظيم الدولة”.
وكانت الولايات المتحدة قد أعربت عن رفضها للمصالحة مع النظام السوري، ودائماً ما تجدد موقفها هذا في كل تقارب بين النظام وإحدى الدول، خاصة العربية.
وتطرق السفير في مقاله إلى موقف المعارضة السورية والفصائل المسلحة في الشمال السوري، مشيراً إلى أنه لديهما أسبابهما للقلق، وكلهم في حالة تأهب قصوى لحماية أنفسهم ومصالحهم، والأمر نفسه ينطبق على “الوحدات” و”قسد”.
وتابع: “يدعو المجتمع الدولي إلى حل سياسي في سورية، استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، لكن لا يوجد تقدم لأسباب معروفة الآن. ويؤدي تدخل العديد من الجهات الفاعلة، ذات المصالح المختلفة والمتضاربة في معظمها، إلى تعقيد المشكلة بصورة أكثر من ذلك”.
وختم بقوله: “وعند هذا المنعطف، يمكن أن تكون المصالحة الحقيقية بين تركيا والأسد بمثابة الاختراق الحاسم”.