“حياتهم معلّقة بجرعة”.. مرضى السرطان في إدلب بين “فكّين”
يتعثّر علاج عبد الكريم عبد الحميد المصاب بـ”السرطان”، عند تحليل “الطفرات”، وهي غير المتوفّرة في شمال غربي سورية، بعد إيقاف عبور المرضى إلى الأراضي التركية عقب الزلزال المدمّر الشهر الماضي.
يحتاج عبد الحميد، لجرعات مناعية مستعجلة، على حدّ قوله، تتراوح تكلفتها من 300 إلى 1000 دولار أمريكي.
لكنه يتلقّى الآن جرعات كيماوية “إسعافية” في مستشفى “المحافظة” (سامز) في مدينة إدلب، لإيقاف تمدد الكتلة السرطانية، إلى حين إمكانية عبوره نحو الأراضي التركية لاستكمال العلاج.
ويترتّب على مرضى السرطان العالقين في الشمال السوري، مبالغ ضخمة، لقاء تلقّي الجرعات المأجورة في المستشفيات الخاصة أو العامة، وسط أزمة إنسانية كبيرة مع استمرار إيقاف معبر “باب الهوى” أمام حركة عبور المرضى.
وبلغت أعداد مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج في الأراضي التركية، حوالي 1785 مريضاً، منهم 240 طفلاً، بحسب أرقام إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
ويقول مدير العلاقات العامة والإعلام في المعبر مازن علوش لـ”السورية.نت”، إنّ “حالات الأمراض الباردة، مثل مرضى السرطان هم الأكثر تأثراً من إغلاق المعبر بعد الزلزال المدمّر”.
وتصل تكاليف بعض الجرعات لمرضى السرطان، بحسب تقديرات الأطباء، إلى حوالي 3000 دولار، وهي جرعات لا توفّرها منشآت المنطقة بصورة مجانيّة.
ويعاني مرضى السرطان من تبعات إيقاف معبر “باب الهوى” أمام حركة المرضى منذ حوالي الشهر، وسط حالة عجز تسجّلها المنظمات والمؤسسات الصحية في المنطقة.
واتّجه مرضى السرطان نحو المستشفيات العامة في إدلب، لتأمين علاج إسعافي، في وقتٍ يعاني فيه القطاع الطبي بسبب تبعات الزلزال من حالة استنزاف كبيرة.
“لا يوجد علاج”
مريم حجّوز، وهي ابنة المصاب حسين حجوّز، بـ”سرطان الغدة الدرقية”، وصل إلى مرحلة العلاج بـ”اليود المشعّ” قبل أن يغلق المعبر أمام المرضى، وتسوء حالته الصحي.
وتضيف مريم أنّ “هذا النوع من الجرعات الذي تبلغ تكلفة الجلسة الواحدة حوالي 300 دولار أمريكي، غير متوفر إطلاقاً في المنطقة، ولو كان متوفّراً، يبقى توفير المبلغ تحصيل حاصل”.
يتلقّى حسين في الوقت الحالي جرعات كيماوية إسعافية، بعد طرق أبواب عدة معابر وأطباء لتأمين إحالات إلى الأراضي التركية، بحسب مريم.
وتتابع لـ”السورية.نت”: “في مستشفى المحافظة، المعاملة جيدة جداً، لكن هناك ضغط كبير على الكوادر بسبب زيادة عدد المراجعين بعد توقّف المعبر”.
مصطفى محمد أمين، مصاب بـ”سرطان عقد لمفاوية”، داوم على العلاج في تركيا لحوالي عامين، قبل أن تتوقف الرحلة اضطرارياً بسبب الزلزال المدمّر.
يقول لـ”السورية.نت”: إنّ “العلاج في الأراضي التركية كانت مجانية تماماً، بينما اليوم نضطر لشراء الجرعات والأدوية على نفقتنا الشخصية”.
ويحتاج محمد أمين حوالي كل 20 يوماً لـ 60 دولاراً أمريكياً بين فحوصات وجرعات كيماوية، ويشتكي في ذات الوقت “من نقص شديد في الأدوية المتوفرة ضمن صيدلية المستشفى”.
لا يختلف الحال لدى إبراهيم عمر، المصاب بـ”سرطان الكولون”، إذ توقّفت رحلة علاجه عند إغلاق المعبر، بعد إحالته إلى الأراضي التركية من أجل العلاج.
وتفوق تكلفة الجرعة التي يحتاجها إبراهيم 700 دولار أمريكي، وهي غير متوفرة في المنطقة، بينما لجأ اليوم إلى تلقّي جرعات كيماوية فقط.
ويقول لـ”السورية.نت”: “عمليتي الجراحية مكلفة جداً. تحتاج تكلفة الطبيب فقط حوالي 3000 دولار، ولا يمكن تحمّل هذا النوع من التكاليف من قبلي أو من قبل المستشفى، أحتاج إلى تدخل من منظمة أو العبور إلى الأراضي التركية”.
ويناشد إبراهيم في هذا الصدد “المنظمات الإنسانية الطبية وجميع الجمعيات إلى ضرورة التدخل من أجل حلّ مشكلة مرضى السرطان”.
“العلاج الشعاعي غير متوفر”
يقول الطبيب أيهم جمو، وهو مدير قسم “الدم والأورام” في مستشفى إدلب المركزي التابع لـ”سامز” إنّه و”بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة زاد الضغط على القسم، كما زاد عدد المرضى والمراجعين والاستشارات”.
ويوضح جمّو أنّ “قسماً من العلاج الكيماوي متوفر، وقسماً أكبر غير متوفّر، بينما العلاج الشعاعي غير متوفر إطلاقاً في المنطقة.
أما العلاج المناعي “مكلف جداً بالنسبة للمرضى وغير متوفر بصورة مجانية في المركز”، وفق جمو.
ويردف: “تأخير العلاج لمصابي السرطان يهدد حياتهم”.
ويشير إلى أنّ “حوالي 10 مرضى جدد يزورون المركز يومياً، ممن توقف عمليات علاجهم في الأراضي التركية، إلى جانب تسريب جرعات لـ 5 مرضى يومياً من المرضى المتضررين من إيقاف المعبر”.
ويشير إلى أنّ “الحل الإسعافي يكون من خلال تأمين العلاج الكيماوي والمناعي، بينما الخط الثاني يكون من خلال تأمين معبر إنساني لمرضى العلاج الشعاعي بالتنسيق مع الحكومة التركية”.
ويشدد جمّو على أهمية “إنشاء مركز متخصص ومتكامل للأورام، لتخفيف أعباء السفر والتنقّل للمرضى، خشية وقوع أزمات مماثلة لتقديم الخدمات لمرضى السرطان”.
ويتوافر في قسم “الدم والأورام” علاج ستة أنواع من السرطان فقط، وهي “الكولون والهرموني، والكيماوي والثدي والخصية والمبيض”.