قالت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سورية إن “ظروف العودة الآمنة والكريمة إلى البلاد ما زالت غير موجودة”، وأن حماية المدنيين هناك “لا تزال مجرد وهم”.
وأضافت اللجنة في تقرير لها نشر، اليوم الاثنين، أنها وثقت في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري تزايداً في انعدام الأمن، في درعا والسويداء وحماة، مع استمرار الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري.
كما سجّلت وقوع انتهاكات حقوق الملكية المصادرة والمزادات وحظر الوصول إلى الممتلكات.
وتعرض المدنيون الذين يعيشون في المنطقة الشمالية الغربية المتضررة من الزلزال بشكل خاص، لهجمات مميتة في الأشهر السابقة.
وفي هجوم عشوائي واحد في نوفمبر / تشرين الثاني، استخدمت قوات الأسد الذخائر العنقودية لضرب مخيمات النزوح المكتظة بالسكان في محافظة إدلب داخل المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة، مما أسفر عن مقتل 7 مدنيين وإصابة 60 آخرين على الأقل.
بعد ذلك، في أغسطس / آب، أدى هجوم عشوائي آخر باستخدام صواريخ أرضية غير موجهة إلى مقتل 16 مدنياً وإصابة 29 آخرين في سوق مزدحم ومحيطه في الباب شمال شرق حلب.
وكذلك الأمر في يوليو / تموز، إذ دمرت غارات جوية شنتها القوات الجوية الروسية منزل مدني في الجديدة في جسر الشغور، مما أسفر عن مقتل 7 أفراد من عائلة وإصابة 13 مدنيا آخرين.
وتستمر هذه الفظائع في نمط قديم من الهجمات العشوائية، والتي قد ترقى إلى جرائم الحرب، بحسب تقرير لجنة التحقيق الدولية.
في الشمال الشرقي، تواصل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) احتجاز 56 ألف شخص بشكل غير قانوني، معظمهم من النساء والأطفال، ممن يشتبه في صلاتهم العائلية بمقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” في مخيمي الهول وروج.
وتشير اللجنة إلى أن لديها أسباب معقولة للاعتقاد بأن المعاناة التي لحقت بهؤلاء قد ترقى إلى مستوى جريمة الحرب المتمثلة في ارتكاب اعتداء على الكرامة الشخصية.
في غضون ذلك أقدمت “هيئة تحرير الشام” في إدلب وفصائل “الجيش الوطني” في غرب حلب بتعذيب الأشخاص واحتجازهم بشكل تعسفي، بما في ذلك بطريقة ترقى إلى الاختفاء القسري.
وظلت الحريات الأساسية مقيدة وتم إسكات الأصوات الناقدة في هذه المناطق.
وتحقق اللجنة في تقارير موثوقة ومتعددة تفيد بأن “هيئة تحرير الشام” نفذت إعدامات رمياً بالرصاص، وفي المناطق التي يسيطر عليها “الجيش الوطني” أشارت اللجنة إلى أنها وثقت عمليات أخذ الرهائن والنهب ومصادرة الممتلكات.
“إخفاقات كارثة الزلازل”
وفي التقرير الذي نشرته اللجنة علّقت على كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسورية، الشهر الماضية، وحمّلت الأمم المتحدة والنظام السوري مسؤولية الفشل في إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين.
وقال رئيس اللجنة، باولو بينيرو: “على الرغم من وجود العديد من الأعمال البطولية وسط المعاناة، فقد شهدنا أيضاً إخفاقاً شاملاً من قبل الحكومة والمجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، في توجيه الدعم المنقذ للحياة بسرعة إلى السوريين في أشد الحاجة”.
وأضاف: “يحتاج السوريون الآن إلى وقف شامل لإطلاق النار يحظى بالاحترام الكامل، ليكون المدنيون – بمن فيهم عمال الإغاثة – آمنين”.
وزاد: “من غير المفهوم، وبسبب قسوة وسخرية أطراف النزاع، فإننا الآن نحقق في هجمات جديدة حتى في نفس المناطق التي دمرتها الزلازل”.
وفي أعقاب الزلزال مباشرة، استغرق النظام السوري أسبوعاً كاملاً للموافقة على وصول المساعدات المنقذة للحياة عبر الحدود، إلى مناطق الشمال الغربي من البلاد.
وجاء في تقرير اللجنة أن “النظام السوري والجيش الوطني السوري المعارض أعاقوا المساعدات عبر الخطوة للمجتمعات المتضررة، بينما رفضت هيئة تحرير الشام في شمال غرب سورية تقديم المساعدات عبر الخطوط من دمشق”.
بدوره قال المفوض في اللجنة، هاني المجلي: “نحقق حالياً في عدة مزاعم عن أطراف النزاع بتعمّد عرقلة المساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضررة”.
وأضاف: “مع تزايد المساعدات الآن، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى موافقتهم على تسليم الإغاثة الإنسانية المحايدة دون عوائق إلى المحتاجين، سواء من خلال إجراءات عبر الحدود أو عبر الخطوط”.