خلال الأسابيع الأخيرة، توافد المسؤولون العرب إلى العاصمة السورية دمشق، تحت ذرائع تقديم الدعم لضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب سورية وتركيا الشهر الماضي، لكن بدلاً من ذلك انتهزوا الفرصة لإعادة الانخراط والتطبيع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.
جاء ذلك في تقرير لموقع “ميدل إيست أي” البريطاني، اليوم الثلاثاء، تحت عنوان “لماذا يندفع الديكتاتوريون العرب لإعادة تأهيل الأسد السوري؟”، والذي تحدث عن أجندة سياسية خاصة وراء الزيارات العربية لدمشق.
وأضاف أن المسؤولين العرب برروا هذه الزيارات في سياق تقديم الدعم والتضامن مع الشعب السوري بعد الزلزال، مشيراً إلى أن هذا التبرير “لا أساس له”، ويكشف مدى حرص هذه الدول على استعادة علاقاتها مع نظام الأسد، وسط حرب مستمرة أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص وشردت أكثر من 12 مليوناً ودمرت البلاد.
“تشابه الأنظمة العربية”
يأتي ذلك عقب تسارع وتيرة جهود بعض الدول العربية للتطبيع مع نظام الأسد، تحت ذريعة تقديم المساعدات الإنسانية الخاصة بالزلزال، وسط مخاوف من استغلال الوضع من أجل إعادة النظام “للحضن العربي”.
وتجلى ذلك التقارب من خلال اتصالات وزيارات غير مسبوقة لقادة ومسؤولين عرب، هاتفوا والتقوا رئيس النظام السوري بشار الأسد، معربين عن تضامنهم مع ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب سورية.
وأبرز تلك الزيارات كانت لوزراء خارجية مصر والأردن والإمارات، ووفد من البرلمانات العربية، فضلاً عن زيارة أجراها الأسد لسلطنة عمان هي الثانية له منذ عام 2011.
وبحسب تقرير “ميدل إيست أي”، فإنه يُمكن تفسير تهافت بعض الدول العربية للتطبيع مع الأسد، ضمن إطار تشابه تلك الأنظمة من حيث القمع والتعامل بوحشية مع المعارضين على أراضيها.
وينطبق ذلك بشكل خاص على مصر، التي أجرى وزير خارجيتها زيارة إلى دمشق هي الأولى لوزير مصري رفيع المستوى منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011.
وجاء في التقرير: “يمكن تفسير دعم مصر لنظام الأسد بعدة عوامل: تشابه النظامين من حيث الوحشية والقمع في التعامل مع المعارضين، ووجهة نظرهم المشتركة بأن الربيع العربي كان (مؤامرة) خارجية وتهديداً وجودياً يجب مواجهته والقضاء عليه، وتحالفاتهم الفردية مع روسيا، مما يعني التضامن مع مشروع موسكو في منطقة الشرق الأوسط”.
ماذا عن الموقف الأمريكي؟
اللافت للنظر أن تلك الدول التي بدأت تطبيع العلاقات مع نظام الأسد هي من بين أهم الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة، وسبق أن رفضت الولايات المتحدة التطبيع مع الأسد، ولا يبدو أنها مهتمة بإعادة تأهيل النظام السوري إقليمياً أو دولياً.
وبحسب “ميدل إيست أي”، من الواضح أن هذه الدول ترى أن إدارة بايدن ضعيفة ومهزوزة، ومن غير المرجح أن تتخذ إجراءات ضد الدول التي اختارت تطبيع العلاقات مع نظام الأسد.
وأضافت: “إنهم يستغلون الانشغال الأمريكي بحرب روسيا على أوكرانيا من ناحية، والصراع الأمريكي مع الصين من ناحية أخرى، من أجل اتباع سياسة خارجية شبه مستقلة تعزز مصالحهم الذاتية”.
واعتبرت أن بعض الدول العربية قد تستخدم قضية التطبيع كوسيلة ضغط سياسية أو استراتيجية أو اقتصادية على الولايات المتحدة.
باختصار، لا ينبغي أن يكون مفاجئاً أن تقوم بعض الأنظمة العربية بتطبيع العلاقات مع الأسد، حيث تُظهر سمات مماثلة من الاستبداد والقسوة، وبالتالي فإن تأييدهم للنظام السوري الحالي يتماشى مع قيمهم وممارساتهم السياسية، بحسب الموقع البريطاني.
وختم بأن عملية التطبيع هذه قد تستمر في المستقبل المنظور، مما قد يؤدي إلى إعادة قبول النظام في جامعة الدول العربية بعد سنوات من تجميد مقعد. وعلى الرغم من العنف والتهجير المستمر للسكان السوريين، فإن مؤيدي نظام الأسد من الحكومات العربية سيبررون بالتأكيد تأييدهم بحجة مساعدة “الشعب السوري”.