تحليل إسرائيلي: إيران تسعى لرسم “خطوط حمراء” في شرق سورية
رغم أن استهدافات الميليشيات الإيرانية للقواعد الأمريكية في شرق سورية كانت حالة ثابتة شهدتها السنوات الماضية، إلا أن النسخة الأخيرة منها بدت مختلفة على نحو لافت، من زاوية الدرجة المتعلقة بالتصعيد والسياق الزمني الذي جاءت فيه.
وعلى مدى ليلتين قصفت هذه الميليشيات قواعد متفرقة في دير الزور والحسكة، ما أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين وإصابة آخرين، ودفع الجيش الأمريكي للرد بشكل “محسوب”، بناء على أمر من الرئيس، جو بايدن.
وفي وقت وجه مسؤولون إيرانيون تهديدات للولايات المتحدة استخدمت الأخيرة ذات اللهجة لكن بوتيرة أخف، وضمن سياق بعيد عن الصراع، بحسب ما أشارت إليه سلسلة بيانات من وزارة الدفاع “البنتاغون”.
في غضون ذلك وبعدما غاب اسم الجهة التي نفذت عمليات القصف على القواعد الأمريكية أعلنت جماعة مسلحة موالية لإيران اسمها “لواء الغالبون” تبنيها للهجمات، اليوم الاثنين.
ونشرت الجماعة للتأكيد على ذلك تسجيلاً مصوراً أظهر إطلاق طائرة مسيّرة انتحارية، لطالما استخدمتها إيران في العراق، ومؤخراً روسيا في نطاق حربها ضد أوكرانيا، وبعدما اشترت دفعات منها من طهران.
– نشر أحد الفصائل الأرهابيه التابعه للحرس الثوري الإيراني – لواء الغالبون – هذا الفيديو الذي يظهر فيه عملية إطلاق للمسيرات الأنتحارية أبابيل 2 الإيرانية.
– استهدفت ابابيل 2 القاعدة العسكرية الأمريكية في الحسكة بسوريا يوم الخميس مما أسفر عن اصابة ستة أمريكان بجروح ووفاة واحد. pic.twitter.com/AdCPzzUvoD
— Khalaf 🚀 (@outofthehook) March 27, 2023
ويشير تحليل نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، اليوم، إلى أنه “وبسبب الصفقة الأخيرة بين إيران والسعودية وكذلك المصالحة السورية في الخليج قد تعتقد طهران أنه بإمكانها الآن التركيز على الولايات المتحدة”.
ولا تزال الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد القوات المدعومة من إيران في سورية، الأسبوع الماضي، يتردد صداها في جميع أنحاء المنطقة.
وفي المقابل تقول الصحيفة إن “النظام السوري المدعوم من إيران وروسيا موقفاً أكثر صرامة مما كان عليه في الماضي”.
وقد أدان النظام الضربات الأمريكية، كما حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة من أن الولايات المتحدة “ستتصرف بقوة” لحماية الأمريكيين.
ومع ذلك، شنت الميليشيات المدعومة من إيران في سورية مزيداً من الهجمات على القوات الأمريكية يوم الجمعة، حيث استهدفت قاعدة وأصابت عنصراً عسكرياً أمريكياً.
ويرى تحليل الصحيفة الإسرائيلية أن “هذه الحرب الكلامية بين واشنطن وسورية مثيرة للاهتمام ومهمة”، وأن النظام السوري وإيران بالتزامن يسعيان لرسم “نوع من الخطوط الحمراء” في شرق سورية.
“النظام يريد الضغط على الولايات المتحدة لمغادرة سورية، ويتصرف بالتنسيق مع إيران والميليشيات”.
وفي غضون ذلك، أقدم النظام على تطبيع العلاقات في الخليج ويسعى إلى مزيد من التطبيع في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وهذا يعني، بحسب الصحيفة الإسرائيلية أن “النظام يريد استخدام التطبيع كنقطة ضغط محتملة ضد الولايات المتحدة، باستخدام الميليشيات الإيرانية لأنه يمكنه بعد ذلك إنكار المسؤولية”.
ويشابه السيناريو المذكور الطريقة التي تعمل بها إيران في لبنان، باستخدام “حزب الله” لتهديد إسرائيل، ومن ثم جعل الحكومة اللبنانية تستفيد من خلال التظاهر بأنها غير مسؤولة.
وتضيف الصحيفة: “نظراً للاتفاق الأخير بين إيران والسعودية، وكذلك المصالحة السورية في الخليج، قد تعتقد إيران أن بإمكانها الآن التركيز على الولايات المتحدة، بعد أن حيدت بشكل أساسي بعض الدول الأخرى التي عارضت وجودها”.
وحتى الآن لا يعرف ما إذا كان التصعيد الحاصل بين القوات الأمريكية وميليشيات إيران سيستمر في الأيام المقبلة وكيف ستكون مآلاته.
وأعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الجمعة، في أوتاوا الكندية أن “الولايات المتّحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران”، غداة تنفيذ الجيش الأميركي ضربات جوية في سورية، أسفرت عن مقتل مقاتلين موالين لإيران.
لكن وفي أعقاب ذلك هددت إيران الولايات المتحدة الأمريكية بالرد في حال تعرضت قواعدها العسكرية في سورية للهجوم، وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الإيراني، كيفان خسروي إن “أي ذريعة لمهاجمة القواعد التي تم إنشاؤها بناءً على طلب الحكومة السورية للتعامل مع الإرهاب وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية في هذا البلد ستقابل على الفور برد فعل مماثل”.
وأضاف أن “اتهامات واشنطن لطهران بالهجوم على قواعد أمريكية في سورية غير صحيحة”، مشيراً إلى أن بلاده “تعارض استهداف استقرار سورية، وتحملها تكاليف لمواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار فيها”.