يواجه محصول الثوم في سورية تهديداً بسيناريو مشابه للبصل، بعدما انقطع في أسواق المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري مؤخراً، ووصل سعر الكيلو الواحد منه 15 ألف ليرة سورية.
ويبيع الفلاحون كيلو الثوم اليوم بسعر يتراوح بين 200-500 ليرة في مناطق مصياف وسهل الغاب، فيما يصل إلى الأسواق بأسعار أقلها 3000 ليرة، لتتجاوز في بعض المناطق 5000 ليرة.
ويأتي ذلك وسط وفرة في العرض وانخفاض في الطلب، مما يهدد بمصير بقية الموسم إن حصل كساد في الكميات المطروحة حالياً، حسب تقرير اقتصادي نشرته صحيفة “البعث“، اليوم الاثنين.
ونقلت الصحيفة المقربة من النظام السوري عن الخبير التنموي أكرم عفيف، قوله إن “غياب الرؤية الواضحة تعرّض كل المواسم للأزمة ذاتها، ودائماً الخاسر هو الفلاح”.
ويضيف: “رغم تكلفة كيلو الثوم التي تقارب 3500 ليرة، يضطر الفلاح لبيعه من الأرض بـ500 ليرة، وهو سعر لا يعوض حتى أجور القلع والتوصيل، لذلك رأى الكثيرون أن ترك المحصول بالأرض أوفر لهم من التكلف بمصاريف إضافية لن يعوضها أحد عليهم،”.
والثوم في سورية “ليس من النوع القابل للتخزين”، و”الكميات التي لا تصرف منه بسرعة معرضة للتلف”، ويتابع عفيف: “مع ذلك لم نر أي إجراء لتصريف الموسم وتسويقه”.
ويوضح: “في وقت يبيع فيه الفلاح الكيلو بـ500 ليرة، هناك من يشتري رأس الثوم الواحد المخزن من العام الماضي لدى التجار بـ1000 ليرة”، مشيراً: “قد نصل لمرحلة لا نجد كيلو ثوم واحد في الأسواق إن استمر الفلاح بالخسارة”.
ولا يقتصر التحذير من “سيناريو البصل” على الثوم فحسب، بل ينسحب إلى محاصيل أخرى، مثل البازيلاء والفول.
وفي أواخر مارس/آذار الماضي قدمت حكومة النظام السوري عدة “إغراءات” لمزارعي الفول والبازيلاء، تحسباً من أزمة شبيهة بأزمة البصل، والتي ما تزال مستمرة حتى الآن في وقت تسود الكثير من التحذيرات عن انسحابها إلى منتجات أخرى.
وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حينها، أنها ترغب “بدعم الإخوة المزارعين في موسم الفول والبازيلاء عبر السورية للتجارة، وعن طريق الشراء منهم مباشرةً”.
وقالت إنها “ستزودهم بالصناديق ونقل محصولهم بسيارات السورية للتجارة وتوفير عمولة سوق الهال، وطرح محصولهم في صالاتها بالبيع الحر، وبسعر مستهلك أقل”.
ماذا حصل للبصل؟
ومنذ مطلع العام الحالي خيمّت على الأسواق السورية أزمة غير مسبوقة في الحصول على كيلو واحد من البصل، وهو ما دفع حكومة النظام السوري إلى حصر عمليات البيع من خلال “البطاقة الذكية”.
ووصل سعر الكيلو الواحد من البصل إلى 15 ألف ليرة سورية، في وقت تحدث خبراء اقتصاد أن الأزمة تقف ورائها السلوك الذي اتبعته حكومة نظام الأسد مع المحصول، على مدى الأشهر الماضية.
وكان رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس قد قرر السماح باستيراد كمية 2000 طن من البصل مؤخراً لمصلحة المؤسسة السورية للتجارة، لتقوم بطرحها في صالاتها وبيعها بالمفرق للسكان.
لكن حكومة الأسد ذاتها كانت قررت في السابق السماح بتصدير البصل لمدة شهرين خلال منتصف العام الماضي، وبررت حينها القرار بوجود فوائض من الإنتاج المعروض من البصل تفوق حاجة السوق خلال تلك الفترة، وذلك في بيان عُمم من رئاسة الوزراء.
ويعاني معظم السوريين في مناطق سيطرة النظام من تدهور الوضع المعيشي، جرّاء انخفاض الدخل مقارنة بالارتفاع المستمر بالأسعار.
وخلال عام 2022، سجّل “برنامج الأغذية العالمي” 90% من السوريين خلال العام نفسه تحت خط الفقر، وما لا يقل عن 12.4 مليون سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي، كما يعاني 600 ألف طفل سوء التغذية المزمن.