حصدت الزيارة التي أجراها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى العاصمة السورية دمشق، اهتماماً إعلامياً عالمياً، باعتبارها الأولى التي يجريها رئيس إيراني لسورية منذ 13 عاماً، فضلاً عن تزامنها مع تغيرات عربية حول الملف السوري.
ويُنظر للزيارة بعيون الجانبين على أنها تعزيز للعلاقات التاريخية “الأخوية”، فيما قالت تقارير دولية إنها جاءت في إطار المساعي الإيرانية لتحقيق مكاسب اقتصادية عالقة، لقاء دعمها العسكري والاقتصادي لنظام الأسد منذ سنوات.
“اليد العليا” بإعادة الإعمار
صحيفة “فاينشال تايمز” البريطانية قالت إن زيارة رئيسي لسورية تأتي في محاولة من إيران لبسط نفوذها على النظام السوري، استعداداً لمرحلة “إعادة الإعمار”.
ونقلت الصحيفة عن محلل سياسي مقيم في طهران قوله إن “زيارة رئيسي هي استعراض قوة للقول إننا نجحنا في الحفاظ على الأسد في السلطة، وسنواصل الحفاظ على وجودنا القوي في المنطقة”.
وأضاف أن طهران تريد أن يكون لها “اليد العليا” في وقت السلم وفي مرحلة “إعادة إعمار” سورية، التي تتطلب مساراً دولياً محدداً.
وكان الناطق باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، قد صرح هذا الأسبوع أن طهران “سيكون لها دور حاسم في المساعدة بإصلاح أضرار الحرب” في سورية”.
فيما قال كيفان كاشفي، عضو غرفة التجارة الإيرانية، “نأمل أن تساعد زيارة رئيسي بإنشاء آلية يمكننا من خلالها تحقيق عائد على القروض وخطوط الائتمان لسورية (أثناء الحرب)”.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى منصة جديدة تشارك إيران من خلالها بشكل أكبر في التجارة مع سورية وتساعد في إعادة إعمار ذلك البلد”.
من جانبه، اعتبر محلل الاقتصاد السياسي الإيراني، سعيد ليلاز، إن سورية ليست سوقاً كبيراً لإيران، لكن الأخيرة لا يمكنها تحمل خسارة حتى الأسواق الصغيرة.
وقال، حسبما نقلت “فايننشال تايمز” عنه، إن إيران تفضل بيع الخام إلى النظام السوري، حتى وإن لم يدفع في الوقت المحدد، بدلاً من عدم البيع على الإطلاق وخسارة هذا السوق.
أما صحيفة “ذا غارديان”، قالت إن إيران تسعى من خلال زيارة رئيسها لسورية، إلى ضمان جني الفوائد الاقتصادية لقاء دعمها للأسد.
وأضافت في تقرير لها، أمس الأربعاء، أن رئيسي يقوم بالزيارة الآن لمحاولة بناء تحالف أقوى مناهض لإسرائيل في المنطقة.
واعتبرت الصحيفة أن الخطط طويلة الأجل لإعادة إعمار سورية تعتمد بشدة على دعم الاتحاد الأوروبي، لكن من غير الممكن أن يساعد الأخير بإعادة الإعمار ما لم يوافق الأسد على إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، وتقاسم السلطة مع المعارضة، وهو أمر غير وارد بمفهوم النظام، حسب تعبيرها.
استغلال للغياب الأمريكي
مجلة “فوربس” الأمريكية قالت إن الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي الذي قدمته إيران للأسد خلال سنوات الحرب، جعلها “لاعب رئيسي” في جهود إعادة إعمار سورية.
وأضافت في تقرير لها، اليوم الخميس، أن إيران والنظام السوري يعتقدان أنهما نجحا بتجاوز المساعي الأمريكية لعزلهما دبلوماسياً في المنطقة، عبر استعادة العلاقات مع المحيط العربي.
وبحسب المجلة، فإن إيران تحاول الاستفادة من تضاؤل نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تحت إدارة بايدن، التي لم تضع الملف السوري ضمن أولوياتها بعكس الإدارات الأمريكية السابقة.
وأضافت: “لقد تعزز نهج إيران العدواني والسريع دبلوماسياً بشكل أكبر، بسبب التقارب بين طهران والرياض، ما أدى إلى تسارع جهود إيران لتعزيز طموحاتها الإقليمية”.
ومع ذلك، تواجه إيران، بحسب المجلة” عدة عقبات في سورية، بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية على المليشيات الموالية لإيران، والوجود العسكري لـ “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة شمال شرقي سورية.