دعت منظمة “العفو الدولية” الأمم المتحدة إلى مواصلة تسليم المساعدات عبر الحدود من جميع المعابر التي تربط سورية بالجوار، بغض النظر عن موافقة النظام السوري أو الحصول على إذن من مجلس الأمن.
وتأتي هذه الدعوة قبل يوم واحد من انتهاء التفويض المتعلق بإدخال المساعدات إلى شمال سورية عبر معابر ريف حلب الشمالي، بعدما حصلت الأمم المتحدة على موافقة من نظام الأسد، في 13 من فبراير/شباط الماضي.
وكان التفويض قد جاء حينها بعد كارثة الزلزال المدمّر، إذ دخلت المساعدات عبر معبري باب السلامة والراعي في ريف حلب، للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.
وجاء في تقرير لـ”العفو الدولية”، اليوم الجمعة، أنه “يجب على الأمم المتحدة أن تواصل تقديم المساعدات عبر باب السلامة والراعي الحدوديين بعد انتهاء صلاحية الحكومة السورية في 13 مايو”.
وأضاف التقرير: “إيصال المساعدات يجب أن يستمر بصرف النظر عما إذا كانت الحكومة تجدد هذه الموافقة”.
ووفقاً للتحليل القانوني للمنظمة الحقوقية فإن تسليم المساعدات الإنسانية غير المتحيزة إلى المدنيين الذين هم في حاجة ماسة إليها عبر الحدود السورية دون إذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو موافقة الحكومة السورية “هو أمر قانوني بموجب القانون الدولي”.
وذلك لأنه “لا توجد بدائل أخرى، بينما تعتبر عمليات الإغاثة عبر الحدود التي تقوم بها الأمم المتحدة ضرورية لمنع معاناة السكان المدنيين والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في شمال غرب سورية”.
“حياة الملايين في خطر”
وأوضحت شيرين تادروس، نائبة مدير المناصرة والممثلة في “العفو الدولية” لدى الأمم المتحدة أن “حياة أكثر من أربعة ملايين شخص معرضة للخطر، والقانون الدولي يوضح بأن حقوقهم يجب أن تكون لها الأولوية”.
وقالت: “خلال الأيام القليلة الأولى الحرجة بعد الزلازل، تأخر إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية عبر معابر حدودية إضافية ودعم فرق البحث والإنقاذ بسبب استمرار القيود التعسفية على المساعدات من قبل الحكومة السورية”.
كما جاء التأخير بسبب “التردد من جانب الأمم المتحدة لاستخدام المعابر الحدودية غير المصرح بها من قبل مجلس الأمن”.
وجاءت مثل هذه الحسابات بتكلفة باهظة للمدنيين في شمال سورية الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة.
وأضافت تادروس أنه “يجب على الأمم المتحدة اتخاذ موقف واضح ضد المكائد السياسية القاسية التي أعاقت عملياتها الإنسانية في شمال سورية لعدة سنوات”.
“ضرورية وقانونية”
ومنذ تموز / يوليو 2020، تقدم الأمم المتحدة المساعدات إلى مناطق شمال غرب سورية عبر معبر “باب الهوى” على الحدود مع تركيا.
وفي أعقاب الزلازل التي ضربت شمال سورية وجنوب شرق تركيا في 6 فبراير 2023، استغرق وصول أول شحنة من مساعدات الأمم المتحدة ثلاثة أيام.
وأدى هذا التأخير، إلى جانب عدم قدرة الأمم المتحدة على زيادة استجابتها للمساعدات بسبب التحديات اللوجستية والسياسية، إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية وعرقلة عمل فرق البحث والإنقاذ.
وفي 13 فبراير/شباط فقط وافق النظام السوري على فتح معبري حدوديين إضافيين مؤقتاً، من تركيا إلى شمال غرب سورية لمدة ثلاثة أشهر.
ومن المقرر أن تنتهي هذه الاتفاقية في 13 مايو، أي يوم غد السبت.
ومنذ انطلاقة الثورة السورية فرض النظام السوري قيوداً تعسفية على وصول المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سورية.
واستخدم النظام تجويع المدنيين كسلاح حرب من خلال حرمانهم من الطعام والدواء والضروريات الأخرى.
نتيجة لذلك، أنشأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة آلية الأمم المتحدة للمساعدة عبر الحدود في يوليو/تموز 2014، مما سمح للأمم المتحدة وشركائها بتقديم المساعدة إلى شمال غرب سورية، دون إذن من النظام.
“روسيا على الخط”
في غضون ذلك لطالما عارضت روسيا، وهي عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتتمتع بحق النقض (الفيتو) إلى جانب النظام السوري على الآلية العابرة للحدود.
وجاءت معارضتها من مزاعم أن هذه الآلية “تنتهك سيادة سورية”.
ومنذ عام 2014، قلّصت موسكو والأسد الإطار الزمني والنطاق الجغرافي للقرار، تاركين “باب الهوى” باعتباره المعبر الحدودي الوحيد المصرح به لإيصال المساعدات الإنسانية.
وهذا التفويض أيضاً من المقرر أن ينتهي في يوليو/تموز 2023 ما لم يتم تجديده من قبل الأمن.
ووفق “العفو الدولية” يجب ألا يعتمد مصير الملايين في شمال سورية على تفويض من مجلس الأمن الدولي أو موافقة نظام الأسد.
وأشار تحليلها القانوني إلى أن “الألعاب السياسية السامة حالت دون وصول المساعدات إلى من يعتمد عليها في بقائهم على قيد الحياة”.
بدورها قالت شيرين تادروس: “انتهت صلاحيتها أم لا، فإن وقف تدفق المساعدات عبر الحدود في مثل هذا الوقت الحرج سيكون بمثابة التخلي عن الناس في حالة من اليأس وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية”.