اهتمت الصحافة الغربية في مسار التقارب العربي مع بشار الأسد، وحضوره قمة جدة في السعودية.
وتناولت تحليلات كثيرة المسألة، على أن الدول العربية التي قادت عملة التقارب مع نظام الأسد، تريد تحقيق مصالح يتعلق بعضها في الأمن القومي، أما الأسد فهدفه الأول هو الحصول على الأموال الخليجية.
إذ تحاول دول عربية تقديم طلبات لنظام الأسد، بهدف معرفة جديته في تنفيذها، وعلى رأسها مسألة اللاجئين وتجارة المخدرات.
سوريون عن القمة العربية: “مندوب إيران” يحمل “دماء السوريين” إلى جدة
التطبيع وقمة جدة.. هل ينهيان عزلة الأسد؟
منح زلزال 6 شباط/فبراير الماضي فرصة للأسد والدول التي تسعى للتقارب معه، إلى إجراء تحركات أكثر جدّية في العملية بذريعة الأوضاع الإنسانية.
تحركات الدول العربية وخاصة السعودية مؤخراً، أشارت إلى إمكانية تطبيع العلاقات مع الأسد، دون تقديم الأخير أي تنازلات ولو محدودة.
وقال النائب عن الحزب “الجمهوري” الأمريكي فرينش هيل، إن عودة النظام إلى جامعة الدول العربية تقدم إشارة إلى الأسد “بأن سلوكه الهمجي مقبول”.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية “ينقسم أعضاء الجامعة العربية حول كيفية إعادة بناء علاقاتهم مع الديكتاتور السوري. لكن حضوره خطوة رمزية قوية”.
وأضافت الصحيفة أن الكثيرين يتعاملون مع حكومة الأسد علناً، بحجة أن عزله ومقاطعته لم يحقق الكثير.
بينما بإعادة العلاقات معه يمكن على الأقل محاولة التأثير على مجريات الأوضاع في سورية، التي لها تأثيرات على المنطقة بأكملها.
ومن أبرز الملفات التي تنعكس آثارها على المنطقة، تهريب وصناعة المخدرات وملايين اللاجئين في دول الجوار.
إذ يقول المسؤولون في هذه الدول، إن أعداد اللاجئين الكبيرة استنزفت مواردهم وتثير استياء مواطنيهم.
وحول جدية تقديم طلبات للأسد من الدول المطبعة، لا ترى الباحثة المكلّفة بالملف السوري في “مجموعة الأزمات الدولية” دارين خليفة، أن هناك حتى طلبات “ناهيك عن الشروط”.
وكان رئيس النظام بشار الأسد قد شارك في مباحثات القمة العربية لأول مرة منذ 2011، إثر دعوة من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
وسبق الدعوة، انقلاب توجهات المملكة حيال التعامل مع الأسد خلال الأشهر الأخيرة.
وبرز ذلك في تصريحات وزير خارجية المملكة، فيصل بن فرحان، حول وجود إجماع عربي بعدم استمرار الوضع في سورية على ما هو عليه.
ثم زيارة بن فرحان دمشق ولقائه الأسد، وزيارة وفد النظام لجدة ومشاركته بالمؤتمر التشاوري حول سورية.
الأسد يسعى لجمع الأموال
ونقل موقع “المونيتور” الأمريكي عن السفير الأمريكي السابق في سورية روبرت فورد، قوله، إن الأسد سيستغل قضية اللاجئين لجذب الحوافز المالية، وسيقدم وعوداَ مختلفة.
وسيتذرع نظام الأسد بأنه إذا لم يحصل على دعم مالي، فلم يتمكن من إعادة الإعمار حتى يتمكن اللاجئون من العودة، وتعزيز القوة الأمنية لمنع تجارة المخدرات.
وإذا أدرك الأسد أنه لن يحصل على المساعدة المتوقعة، فستنمو تجارة المخدرات مرة أخرى (في حال قيدها).
ومن المتوقع بحسب تقرير “المونيتور”، أن تنتهي قمة جدة على الأرجح بوعود لطيفة أمام الكاميرات، لكن بنتيجة مختلفة في الواقع، لأن مسائل التطبيع مع الأسد وتجاوز العقوبات وعودة اللاجئين تواجه عقبات متزايدة.
ويرى فورد إن الأسد ليس لديه نية لإعادة اللاجئين السوريين في أي وقت قريب.
كما ستواجه دول الخليج ضغوطاً أمريكية، إذا حاولت تحويل أي أموال لدعم قوات النظام الأمنية.
بالمقابل لن تمنح المملكة أموال للأسد قبل أن يفي بوعوده، بحسب “المونيتور”.
مساعد وزير خارجية النظام، أيمن سوسان، أكد في أحد تصريحاته على أهمية حصول نظام الأسد على مساعدات لإعادة الإعمار.
فبحسب سوسان، أصدر النظام مراسيم و”قوانين عفو” لعودة اللاجئين، ودوره انتهى في هذه المسألة، لأن عودة اللاجئين مرتبطة بإعادة الإعمار أولاً.
وتنفي عدة تقارير حقوقية وصحفية غربية كلام سوسان حول جدية وصدق مراسيم العفو.
إذ تعرض لاجئون سوريون إلى عمليات اعتقال وتعذيب من قبل أجهزة النظام العسكرية والأمنية، أودت بحياة بعضهم بعد عودتهم أو إعادتهم قسراً إلى سورية.
كما ترفض الأجهزة الأمنية بعض الأسماء الواردة في قوائم العودة الطوعية، خاصة من الأراضي اللبنانية.
انقسام في الموقف العربي
صرّح دبلوماسيون عرب لصحيفة “فاينانشيال تايمز“، أن المبادرة العربية ستشمل في البداية إعادة دفعة لاجئين سوريين من الأردن ومراقبة عملية عودتهم “الطوعية” من قبل وكالات الأمم المتحدة، لضمان معاملتهم بشكل صحيح.
ويأمل الدبلوماسيون العرب بحسب “فاينانشيال تايمز”، أن يشجع مخطط اللاجئين في حال نجاحه عودة مزيد من السوريين.
ثم تمكين الدول العربية من إقناع الولايات المتحدة وأوروبا بتخفيف العقوبات للمساعدة في إعادة الإعمار.
فخطة اللاجئين هي طريقة لاختبار ما إذا كان الأسد جادّاّ ويمكن الوثوق به لإجراء إصلاحات.
والعرب الذين يدعمون خطوة اللاجئين لم يناقشوا المساعدة الاقتصادية مع دمشق، حيث يريدون أولاً رؤية تقدم بشأن قضية اللاجئين.
وذلك لأن هناك وجهة نظر بأن نظام الأسد ليس صادقاً وليس جادّاً “لكن الطريقة الوحيدة لاختبار هذه الجدية هي من خلال هذه العملية الهادفة. وإلّا كيف ستتمكن من اختباره؟”، يحسب تعبير دبلواسيين عرب لـ“فاينانشيال تايمز”.
فيما أشار شخصان على اطلاع بالأمر لـ”فاينانشيال تايمز”، إن هناك انقسامات داخلية بشأن الخطة بسبب اعتمادها على ضمانات أمنية من دمشق وإمكانية تشجيع الإعادة القسرية لبعض اللاجئين.