من جنيف لبروكسل وباريس..ما تفاصيل الاجتماعات الجديدة حول سورية؟
يشهد الملف السوري خلال شهر يونيو/ حزيران الجاري عدة اجتماعات، منها ما هو مؤكد وتمت تحديد موعده، وبعضها الآخر ما يزال بانتظار التأكيد من قبل بعض الأطراف.
وتحمل الاجتماعات كافة طابعاً سياسياً، وإن كان أحدها إنساني لدعم سورية، في محاولة لتحريك مياه الملف الجامدة منذ سنوات، والبحث عن حل سياسي.
وتأتي هذه الاجتماعات في ظل نشاط دبلوماسي شهده الملف خلال الأسابيع الماضية، كان أبرزها عودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية وحضور رأس النظام، بشار الأسد، القمة العربية في السعودية بعد 12 عاماً من تجميد العضوية.
إضافة إلى الاجتماع الرسمي الأولى على المستوى السياسي بين وزراء خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو ووزير خارجية النظام فيصل المقداد في موسكو.
وفي إحاطة للمبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، في مجلس الأمن قبل أيام، طالب باغتنام “النشاط الدبلوماسي المتجدد” في المنطقة من أجل التوصل لحل سياسي في سورية.
اجتماع بعد انقطاع
الاجتماع الأول سيكون في العاصمة السويسرية جنيف لـ”هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية”، بعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات.
وأعلنت الهيئة قبل أيام عبر معرفاتها الرسمية، أن الاجتماع سيبحث “رفع مستوى التنسيق والعمل المشترك تحت مظلة هيئة التفاوض لإعادة تنشيط العملية السياسية، وتأكيد هيئة التفاوض أن الحل السياسي في سورية هو وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
وسيكون الاجتماع على مدى ثلاثة أيام، بدأ الجمعة الماضي بلقاء كافة أعضاء الهيئة مع المبعوث الأممي غير بيدرسون.
وحسب بيان الهيئة فإن الأعضاء حذروا من “خطورة تجاهل الوضع السوري بهذا الشكل، لأن المجتمع الدولي لا يتعاطى بما يرقى لحجم الكارثة السورية”.
اليوم الثاني سيكون لاجتماع مكونات هيئة التفاوض، بما فيها منصة موسكو والقاهرة.
وتختتم الهيئة اجتماعاتها مع ممثلين لـ 15 دولة أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية ومصر، في حين يغيب ممثلو السعودية والأردن رغم توجيه دعوة لهما، حسب ما قاله رئيس الهيئة بدر جاموس، في مقابلة مع “تلفزيون سوريا”.
وأكد جاموس أن عدم اجتماع الهيئة خلال السنوات الماضية، يعود إلى الخلاف التي فجرته أزمة المستقلين سنة 2019.
كما قاطعت منصة موسكو اجتماعات الهيئة بعد فصلها العضو مهند دليقان، بسبب دعوته لنقل اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف إلى دمشق، بما يتماشى مع رؤية نظام الأسد.
إلا أن البارز في الاجتماع الحالي، حضور مهند دليقان، والذي أكد بدر جاموس أن الهيئة اجتمعت سابقاً وصوتت على عودته.
وأصدرت “منصة موسكو” بياناً أكدت فيه حضور الاجتماع، مجددة تأكيدها على أن نقل الاجتماعات إلى دمشق “هو الموقف الذي ما نزال نراه صحيحاً وندعو إليه”.
أما “منصة القاهرة” فقد نشر منسق المنصة فراس الخالدي، بياناً أكد فيه مقاطعة الاجتماع، بسبب “حالة التخبط الإداري” في الهيئة من خلال سياساتها “غير المتزنة”، حول فصل دليقان وإعادته.
إلا أن جاموس أكد حضور ممثل عن “منصة القاهرة”، وأظهرت الصورة التي نشرتها الهيئة حضور جمال سليمان عن بعد ممثلاً لـ”منصة القاهرة”.
وانبثقت “هيئة التفاوض” السورية عن مؤتمر الرياض، الذي انعقد في العاصمة السعودية، في ديسمبر/كانون الأول 2015.
وتحددت مهامها بالإشراف المباشر على العملية التفاوضية مع نظام الاسد، ضمن مسارات ترعاها الأمم المتحدة.
وتعتبر مدينة الرياض في السعودية المقر الرئيسي للهيئة، لكن عقد الاجتماع في جنيف فتح باب التحليلات حول موقف السعودية منها بعد تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد.
اجتماع “المبادرة المدنية”
الاجتماع الثاني سيكون في العاصمة الفرنسية باريس يوم الثلاثاء المقبل، السادس من شهر يونيو/حزيران الحالي، بحضور منظمات مجتمع مدن، تحت اسم “مؤتمر مدنية” برئاسة رجل الأعمال السوري، أيمن أصفري.
وتعرف المبادرة نفسها، حسب بيان صادر عنها، على أنها “جهة مستقلة عن أي نفوذ سياسي أو أجنبي، تهدف إلى حماية الفضاء المدني السوري وتعزيز فاعليته في منصات صنع القرار”.
وسيحضر الاجتماع أكثر من 150 شخصاً يمثلون مختلف المنظمة المدنية السورية، إضافة إلى مجموعة من المبعوثين الخاصين لسورية وقياديين وصناع قرار سوريين ودوليين.
ويجتمع ممثلو المنظمات في اليوم الأول “لنقاش أولويات وآليات العمل المشترك مستقبلاً”.
ويقول رئيس المبادرة، أيمن أصفري، إنه “على مدى العقد الماضي، لعبت مؤسسات المجتمع المدني السوري دوراً استثنائياً في الحفاظ على قيم الانتفاضة السورية وتقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات السورية المختلفة”.
واعتبر أن لهذه المؤسسات شرعيتها، في أن يكون صوتها مؤثراً عند نقاش حاجات الشعب السوري.
وأكد البيان أن المبادرة لن تحل “محل الأجسام السورية المنخرطة في العملية السياسية وفق قرار مجلس الأم رقم 2254، بل تأتي ضمن محاولات رفد جهودها”.
ويعتبر أصفري من رجال الأعمال السوريين الذين أيدوا الثورة السورية سنة 2011، وشارك في عدة مؤتمرات حول المعارضة، ويحظى بمكانة لدى دول أوروربية حول إمكانية لعب دور مستقبلي في سورية.
مؤتمر بروكسل
الاجتماع الثالث سيكون مؤتمر بروكسل بنسخته السابعة، لـ “دعم مستقبل سورية والمنطقة” يومي 14 و15 من حزيران الحالي في العاصمة البلجيكية.
وحسب بيان صادر عن “دائرة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي”، فإن المؤتمر يهدف إلى “إعادة تأكيد التزام الاتحاد الأوروبي ودعمه للشعب السوري وحشد الدعم الإنساني والمالي لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان السوريين المتضررين”.
كما “سيوفر المؤتمر منصة لتجديد المشاركة الدولية من أجل حل سياسي للصراع، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
ويشهد المؤتمر في يومه الأول جلسات نقاشية حول الوضع في سورية، ومعالجة الاحتياجات الأساسية، تعزيز العدالة والمساءلة للشعب السوري، بحضور منظمات سورية.
أما اليوم الثاني، سيكون على مستوى وزراء الخارجية، برئاسة الممثل السامي للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ومشاركة دول الجوار لسورية وممثلين عن الأمم المتحدة.
و”بروكسل” هو مؤتمر دوري حول دعم مستقبل سورية والمنطقة، وكان قد انطلق لأول مرة في أبريل/ نيسان 2017.
وكان الحاضرون في المؤتمر بنسخته السابقة، تعهدوا تقديم نحو 6.7 مليار دولار أمريكي، بزيادة طفيفة عن نسخة 2021 الذي تعهد فيه المانحون بتقديم 6.4 مليار دولار، مخصصة للسوريين في الداخل وللحكومات التي تستضيف اللاجئين السوريين في دول الجوار.
لجنة “خارطة الطريق”
ومن المتوقع أن يشهد الشهر الحالي اجتماع للجنة إعداد “خارطة الطريق”، لتطبيع العلاقات بين تركيا ونظام الأسد، حسب ما أعلن وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو.
وكان جاويش أوغلو أعلن، الأسبوع الماضي، بأن لجنة إعداد “خارطة الطريق”، سوف تجتمع قريباً.
ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن جاويش أوغلو، قوله إن اللجنة ستبدأ قريباً العمل على إعداد خارطة الطريق.
وتضم اللجنة، حسب الوزير التركي، مسؤولين من تركيا وروسيا وإيران ونظام الأسد، وضمن أربع جهات مختلفة.
وهذه الجهات هي: وزارة الخارجية ووزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات ووزارة الدفاع.
إلا أن صحيفة “الوطن” شبه الرسمي ردت على تصريحات الوزير التركي بأن الحديث عن تعيين اللجنة “مبكر جداً”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها بأن “دمشق لن تتنازل عن مبادئها وثوابتها”.
وربطت أي خطوة تقرب مع تركيا “بإنهاء احتلالها للأراضي السورية، ووقف دعم الإرهاب وعدم التدخل بشؤونها الداخلية”.
وكان الوزراء اتفقوا خلال اجتماعهم في موسكو مطلع الشهر الماضي، على تشكيل اللجنة لوضع خارطة طريق.
إلا أن نتائج الانتخابات التركية وفوز رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية جديدة، قد تخلط الأوراق في التقارب مع نظام الأسد، خاصة في ظل إصرار الأخير على انسحاب القوات التركية، الأمر الذي رفضه مسؤولون أتراك مراراً.
“فريق أمني”
كما من التوقع أن يشهد الشهر الجاري، اجتماعاً للفريق الأمني بين نظام الأسد ودول الأردن والعراق لمكافحة تهريب المخدرات.
وكان وزراء خارجية عدد من الدول العربية اجتمعوا مع نظام الأسد في عمان مطلع الشهر الماضي، في ظل خطوات التقارب العربي مع نظام الأسد.
واتفقوا على تشكيل فريق عمل من سياسيين وأمنيين منفصلين مشترك بين الأردن والعراق ونظام الأسد خلال شهر.
ومهمة الفريقين تحديد مصادر إنتاج المخدرات في سورية وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات تهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، إضافة إلى اتخاذ خطوات لازمة لإنهاء عمليات التهريب.
لكن حتى الآن وبعد مرور شهر على بيان عمان، لم يعلن أي طرف من الأطراف الثلاثة تشكيل الفريقين.