منذ بداية العام الجاري، كثّفت إيران من نشاطها الدبلوماسي، وانخطرت في علاقات مع “الأصدقاء والأعداء” على حد سواء، في سعيها لكسر عزلتها وتحسين اقتصادها وتقوية مشروعها في المنطقة.
وذكر موقع “فويس أوف أمريكا” في تقرير له، أمس الأربعاء، أن الرئيس الإيراني المحافظ، إبراهيم رئيسي، قاد الطريق نحو هذا الانفتاح.
وقال إن رئيسي “تأرجح بين الصين وسورية وفنزويلا، واستضاف أكبر مسؤول دبلوماسي سعودي، وتواصل مع منافسين إقليميين مثل دولة مصر”.
ونقل الموقع عن سانام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط في “تشاتام هاوس”، أن إيران “تسعى لإظهار قدرتها بالتغلب على خصومها.”
وقالت وكيل إن إيران “تتطلع إلى إظهار أنه على الرغم من العقوبات والاحتجاجات المحلية فإنها تواصل الصمود في وجه العاصفة”.
وذلك عبر تعزيز العلاقات الاقتصادية والخارجية الدولية القوية، وعقد اتفاقيات مع عدة دول.
وتأمل إيران في أن تسمح لها مثل هذه الاتفاقات بإنعاش الاقتصاد المتضرر من العقوبات والتضخم والانخفاض القياسي في قيمة الريال مقابل الدولار.
إيران و”سياسة الانفتاح”
في عام 2018، انسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني، وفرضت موجات من العقوبات على إيران.
ولا تزال الإجراءات العقابية سارية، وتعتبر “رادعاً قوياً” لأي شركة أجنبية تزن استثماراتها في إيران، بغض النظر عن جنسيتها.
وبحسب موقع “فويس أوف أمريكا”، فإن أي مؤشر على تحسن العلاقات “سينظر إليه بشكل إيجابي من قبل الدول العربية، وخاصة دول الخليج”.
مضيفاً أن تلك الدول “تسعى إلى تخفيف التوترات التي أججتها في السنوات الأخيرة الصراعات في اليمن وسورية”.
وأشار إلى أن هذه الرغبة كانت “أحد الدوافع الرئيسية لتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية بوساطة الصين، في مارس الماضي، بعد سبع سنوات من العداء”.
ومنذ ذلك الحين، سعت إيران إلى توطيد أواصر العلاقات مع الدول العربية الأخرى، بما في ذلك مصر والإمارات.
وتقول طهران إن “سياسة الانفتاح” التي تتبعها ساهمت في تهدئة التوترات في الشرق الأوسط.
وذلك بالرغم من أن خطر المواجهة المسلحة لا يزال مرتفعاً مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، بحسب الموقع.
وقال الرئيس الإيراني عندما استقبل وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، الأسبوع الماضي، إن “أعداء الإسلام فقط وعلى رأسهم النظام الصهيوني (إسرائيل) منزعجون من تقدم التعاون بين إيران والسعودية”.
“النظام العالمي الجديد”
في الوقت نفسه، بدأ الانفراج بين إيران والدول الأوروبية، بعد شهور من التوترات منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في إيران، إثر وفاة محساء أميني.
وهي كردية إيرانية تبلغ من العمر 22 عاماً، توفيت في الحجز في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد اعتقالها بتهمة انتهاك قواعد الحجاب المعمول بها في إيران.
وفي الأسابيع الأخيرة، أطلقت إيران سراح ستة أوروبيين كانت تحتجزهم، وأجرت محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وهي الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي “التاريخي” عام 2015.
لكن لا تزال هناك خلافات بين إيران والدول الغربية، بحسب موقع “فويس أوف أمريكا”.
وتتمحور حول توجيه الاتهامات لطهران بتزويد موسكو بطائرات مسيرة، ومساعدتها في بناء مصنع لتصنيعها، وهو ما تنفيه إيران.
وأضاف أن إيران تغازل الصين التي زارها رئيسي في فبراير/ شباط الماضي، في أول رحلة من نوعها منذ 20 عاماً.
وتتوقع طهران جذب استثمارات صينية كبيرة، والتي لا يزال مستواها منخفضاً على الرغم من الوعود التي قُطعت في السنوات الأخيرة.
وتقدم إيران نفسها على أنها إحدى ركائز “النظام العالمي الجديد”، وتريد توسيع نفوذها ليشمل جنوب شرق آسيا وإفريقيا وأمريكا الوسطى.
فبعد رحلة إندونيسيا، زار رئيسي الأسبوع الماضي فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا، حيث “شجب القوى الإمبريالية” بقيادة الولايات المتحدة.
وقال محلل السياسة الخارجية لإيران، دياكو حسيني، إن إيران “تتجه إلى دول لا تعتبر في الكتلة الغربية، لتظهر أن تأثير الغرب على إيران واقتصادها ليس كبيراً”.
وأضاف في حديثه للموقع أن إيران تأمل أيضاً أن يتم قبولها سريعاً في منظمتين تستبعدان الدول الغربية.
وهما: مجموعة البريكس المكونة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
ومنظمة شنغهاي للتعاون التي تضم الصين وروسيا والعديد من دول آسيا الوسطى.