وثق محققون في “جرائم الحرب” قيام النظام السوري بتأسيس وتوجيه جماعات مسلحة، تعرف باسم “الشبيحة”، لقمع المتظاهرين والمعارضين بداية الثورة السورية عام 2011.
جاء ذلك في تحقيق مشترك نشرته “لجنة العدالة والمساءلة الدولية” (CIJA)، بالتعاون مع وكالة “رويترز”.
ممارسات “الشبيحة” في 7 وثائق
وتضمّن التحقيق 7 وثائق، أظهرت أن “أعلى مستويات الحكومة السورية خططت ونظمت وحرّضت ونشرت الشبيحة منذ بداية الحرب عام 2011”.
ويعود تاريخ الوثائق إلى الأيام الأولى من الاحتجاجات السلمية ضد حكم بشار الأسد عام 2011، وتظهر إنشاء ما يسمى بـ “اللجان الشعبية”.
وهي مجموعات ضمت أنصار النظام المعروفين باسم “الشبيحة” في الأجهزة الأمنية، بعد تدريبهم وتوجيههم وتسليحهم.
وتضمنت الوثائق التي نشرها التحقيق توجيهات صادرة عن “اللجنة المركزية لإدارة الأزمات” المنشأة حديثاً، وهي مزيج من قوات الأمن ووكالات المخابرات وكبار المسؤولين الذين كانوا يقدمون تقاريرهم مباشرة إلى الأسد.
وأمرت إحدى التوجيهات الأولى الصادرة بتاريخ 18 أبريل/ نيسان 2011، بتدريب “اللجان الشعبية” على كيفية استخدام الأسلحة ضد المتظاهرين، وكذلك كيفية اعتقالهم وتسليمهم للقوات الحكومية.
ويعتمد التحقيق على عشرات الأوراق الأخرى التي تم جمعها من منشآت حكومية أو عسكرية بعد سقوط الأراضي في أيدي المعارضة.
ولم تنشر “لجنة العدالة” جميع الوثائق التي استندت إليها، قائلة إن بعضها يستخدم في التحقيقات الجارية في الدول الأوروبية.
واللجنة التي أعدت التحقيق هي منظمة غير ربحية أسسها محقق مخضرم في “جرائم الحرب”، ويعمل بها محامون جنائيون دوليون عملوا في البوسنة ورواندا وكمبوديا.
وقد تم استخدام أدلتها بشأن سورية سابقاً في قضايا قضائية ضد مسؤولي النظام، في ألمانيا وفرنسا والسويد وهولندا.
تسع مجازر
بحسب التحقيق، تم توثيق ما لا يقل عن 9 مجازر نفذتها “الشبيحة” في سورية، أبرزها في حي كرم الزيتون بحمص في آذار 2012.
ونقلت عن أحد الشهود قوله إن زوجته وأطفاله الخمسة كانوا من بين ضحايا تلك المجزرة.
وأظهرت وثائق اللجنة توترات بين بعض أفرع الأمن وبعض “اللجان الشعبية”، مع انتشار تقارير الانتهاكات.
لكن “بدلاً من كبح جماح الميليشيات (الشبيحة)، أصدرت قوات الأمن تعليمات بعدم معارضتها”.
وعرض التحقيق، الذي أعده قرابة 45 شخصاً، تفاصيل نمو جماعات “الشبيحة”، التي بدأت بجماعات موالية على مستوى الأحياء.
ثم تحولت إلى مليشيا “جيدة التنظيم”، ثم جناح موازٍ لجيش الأسد يُدعى “الدفاع الوطني”.
وكان محققو الأمم المتحدة خلصوا عام 2012 إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن مليشيات الشبيحة ارتكبت “جرائم ضد الإنسانية”.
وتشمل “القتل والتعذيب وجرائم الحرب، مثل الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والعنف الجنسي والنهب”.
وتقول “رويترز” إنه بالرغم من عدم وجود محكمة جرائم حرب دولية ذات اختصاص قضائي حول سورية، إلا أن هناك عدداً من قضايا “الولاية القضائية العالمية” في دول مثل هولندا والسويد وفرنسا وألمانيا.
وتملك تلك الدول قوانين تسمح لها بالتحقيق في جرائم الحرب حتى لو تم ارتكابها خارج أراضيها.
واعتبرت أن الوثائق المتعلقة بممارسات الشبيحة قد تكون “أدلة ضرورية” تربط الشبيحة بالنظام السوري في قضايا العدالة الدولية.