تحقيقات “عالية التقنية” تثبت تورط اليونان بحادثة غرق “سفينة الموت”
تواجه السلطات اليونانية اتهامات بالمسؤولية عن غرق سفينة المهاجرين، التي كانت تقل أكثر من 700 شخص، بينهم 500 في عداد المفقودين.
جاء ذلك في تحقيق أعدته صحيفة “الغارديان” البريطانية بالتعاون مع شركاء إعلاميين، استند إلى 20 مقابلة مع ناجين، إلى جانب وثائق المحكمة ومصادر من خفر السواحل.
وكانت سفينة صيد تقل مهاجرين من ليبيا إلى إيطاليا، غرقت قبالة سواحل اليونان في 14 يونيو/ حزيران الماضي.
ووصفت الحادثة بأنها “الأسوأ” منذ عام 2015، حيث تم إنقاذ 104 أشخاص فقط وانتشال 78 جثة، فيما لا يزال 500 شخص بعداد المفقودين.
ومعظم طالبي اللجوء الذين كانوا على متن السفينة ينتمون لجنسيات سورية ومصرية وأفغانية وباكستانية.
تحقيقات “عالية التقنية”
توصل التحقيق، الذي نشرته الصحيفة أمس الاثنين، إلى أن محاولات خفر السواحل اليوناني لسحب السفينة أدت لإغراقها.
ونقلت عن ناجين قولهم إن خفر السواحل كان يجر السفينة لإبعادها عن المياه اليونانية وإخلاء مسؤوليته، ما أدى لغرقها بالنهاية.
إلا أن خفر السواحل اليوناني نفى بشدة أنه حاول جر الزورق.
وقدّم التحقيق تصوراً ثلاثي الأبعاد لرحلة السفينة، انطلاقاً من المسار الذي اتخذته وحتى لحظة غرقها، باستخدام نموذج تفاعلي.
واستند النموذج إلى بيانات من سجل خفر السواحل وشهادة القبطان ومسارات الإبحار وبيانات حركة المرور وصور الأقمار الصناعية ومقاطع فيديو التقطتها السفن التجارية القريبة.
وتوصل التحقيق لـ”أدلة جديدة” تثبت تورط اليونان، مثل وجود سفينة خفر السواحل في ميناء أقرب، لكنها لم ترسل لمكان الحادث.
كما توصل إلى أن اليونان تلقت 3 مرات عروض مساعدة من قبل “وكالة الحدود الأوروبية” (فرونتكس)، لكنها لم تستجب لها.
ووفقاً لشهادات الناجين، فإن خفر السواحل اليوناني أرسل سفينة لمكان الحادث، وأخبرهم أنه سيوصلهم إلى إيطاليا.
إلا أن الرواية الرسمية تقول إن سفينة الصيد بدأت تتحرك غرباً “من تلقاء نفسها”.
وأظهر التحقيق أيضاً أن السفينة “المكتظة” قد تحولت إلى الجنوب، وكانت شبه متوقفة لمدة ساعة على الأقل، كما قال الناجون، حتى حدثت محاولة جرّ ثانية و”مميتة”.
وقال 3 من الناجين إن خفر السواحل قام بدفعهم للأمام (مثل الصاروخ)، لكن المحرك كان متوقفاً، ما يشير لمحاولة جر.
فيما قال ناجٍ آخر إن الجيش اليوناني ربط السفينة بحبل، وقام بجرها مدة 10 دقائق قبل غرقها.
ويشير ذلك، بحسب التحقيق، إلى أن اليونان “حاولت إخراج السفينة من المياه اليونانية حتى تخلي مسؤوليتها”.
إشارات لتورط اليونان بغرق السفينة
إلى جانب ذلك، تحدث التحقيق عن مصادرة السلطات اليونانية هواتف الناجين، وقال بعضهم إنهم صوروا فيديوهات قبل لحظة الغرق.
وبحسب الناجين، فإنهم وثقوا في الفيديوهات وجود رجال ملثمين، قاموا بربط السفينة بحبل وجرها.
كما ادعت اليونان أن الكاميرات الحرارية لم تسجل حادثة الغرق لأن طاقمها كان يركز على عملية الإنقاذ.
إلا أن مصدراً في خفر السواحل اليوناني قال لـ”الغارديان” إن الكاميرات لا تحتاج لتشغيل يدوي، وهي موجودة لتصوير حوادث كهذه.
وكذلك، نقلت عن مصدرين من خفر السواحل أنهما يعتقدان “أن السحب كان سبباً محتملاً لغرق سفينة المهاجرين”.
وكانت “فرونتكس” نشرت لقطات للسفينة قبل غرقها في البحر الأبيض المتوسط بساعات.
وانتقدت الوكالة خفر السواحل اليوناني، لعدم مبادرته لإنقاذ المركب بشكل سريع، رغم المناشدات التي أطلقها ركابه.
واعترفت السلطات اليونانية بأن خفر السواحل لم يطلق عملية إنقاذ واسعة النطاق بذريعة أن المهاجرين على متنه رفضوا المساعدة.
إلا أن شبكة “BBC” البريطانية قالت إن قارب الصيد ظل واقفاً لمدة سبع ساعات في البحر قبل انقلابه، وطلب المساعدة مرات عدة.