جاء إعلان النظام السوري عن موافقته على تمديد إيصال المساعدات لشمال غربي سورية ستة أشهر، “مفاجئاً” نظراً للخلافات القائمة في مجلس الأمن حول هذا القرار.
إذ أعلن سفير النظام في الأمم المتحدة، بسام الصباغ، مساء أمس الخميس، عن موافقة الأسد على إدخال المساعدات الأممية عبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، مدة ستة أشهر.
وقال في تغريدة عبر “تويتر”: “لقد أبلغت الأمين العام للتو أن الحكومة السورية اتخذت قراراً سيادياً بمنح الإذن باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري في شمال غربي سورية لمدة 6 أشهر اعتباراً من 13 تموز الجاري”.
I just informed SG @antonioguterres & #SC president that the Syrian Government has taken the sovereign decision to grant the @UN permission to use Bab al-Hawa crossing to deliver humanitarian aid to the Syrian people in northwest Syria for a period of 6 months as of today July 13 pic.twitter.com/qraHavxW39
— Bassam Sabbagh (@AmbSYUN) July 13, 2023
وانتهت صلاحية التفويض الأممي لإيصال المساعدات العابرة للحدود لشمال غربي سورية، الاثنين الماضي، دون تجديد القرار.
إذ فشل مجلس الأمن بتمديد التفويض بعد غياب التوافق على أحد القرارين المطروحين على الطاولة.
واستخدمت روسيا “حق النقض” (الفيتو) ضد مشروع قرار برازيلي- سويسري، يقضي بتمديد المساعدات 9 أشهر.
وطرحت موسكو مشروع قرار منافس، يقضي بإدخال المساعدات مدة 6 أشهر، لكنه فشل بالحصول على الأصوات اللازمة في مجلس الأمن.
ماذا وراء الموافقة؟
يرى محللون أن موافقة النظام تأتي في محاولة منه لتهميش مجلس الأمن، الذي عمل خلال السنوات الماضية على تجاهل موافقة النظام، وإيصال المساعدات للشمال السوري رغم رفض الأسد لذلك.
وقال الباحث السوري في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، معن طلاع، إن هدف النظام من هذه الخطوة هو “استرداد السيادة”، وإظهار أنه صاحب القرار في المناطق الخارجة عن سيطرته.
واعتبر في حديثه لـ “السورية نت” أن هذه الخطوة تأتي استكمالاً لمشهد التطبيع العربي مع النظام السوري، بعد تعويمه على الساحة العربية ومحاولات إقناع الغرب بالتطبيع معه.
ويعتبر النظام أن إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى المناطق الخارجة عن سيطرته هو “انتهاك للسيادة الوطنية”.
وذلك كونها “لا تمر عبر حكومته ولا تشترط موافقته”.
وهو أمر تتذرع به روسيا في كل مرة تستخدم فيها “الفيتو” ضد تمديد قرار المساعدات.
إلى جانب ذلك، يهدف النظام، بحسب طلاع، إلى إحكام قبضته على المساعدات الدولية وتمريرها عبره فقط، خاصة بعد كارثة الزلزال.
مضيفاً أنه “يسعى للاستفادة من مشاريع التعافي المبكر وتوجيهها لمناطق سيطرته”.
الروس و”ابتزاز” المساعدات
وحول موقف الدول الغربية من ذلك، يرى طلاع أن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة “يحاول التخلص من الابتزاز الروسي المتعلق بالمساعدات”.
وبالتالي فإن واشنطن قد تظهر وكأنها “غير معنيّة” لتفادي أي “ابتزاز” روسي حول المساعدات، بحسب طلاع.
مضيفاً أن ملف المساعدات هو الملف الوحيد الفعّال دولياً في مجلس الأمن حول سورية.
وعملت روسيا خلال السنوات الماضية على ابتزاز الغرب بملف المساعدات، وتقويض الجهود الرامية لفتح معابر جديدة، عبر استخدامها “الفيتو”.
يذكر أن آلية المساعدات العابرة للحدود بدأت عام 2014، ونصت حينها على إدخال المساعدات الأممية عبر 4 معابر حدودية مع سورية.
إلا أن “الفيتو” الروسي قلّص عدد المعابر، وأبقى على معبر باب الهوى مع تركيا مفتوحاً لـ12 شهراً، ثم 6 أشهر.
لكن بعد زلزال فبراير/ شباط الماضي، حاول النظام استغلال الكارثة عبر إعلانه فتح معبرين إضافيين للشمال السوري.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن نظام الأسد رأى في الزلزال الذي ضرب سورية، “فرصة للخروج من عزلته الدولية”.
وأضافت في تقرير لها أن الأسد يحاول الإثبات أن التعامل معه هو “وسيلة مثمرة لتحسين ظروف السوريين المنكوبين”.
ومن المقرر إغلاق المعبرين الإضافيين في 13 أغسطس/ آب المقبل.
وحول إمكانية التمديد، قال مندوب النظام في مجلس الأمن، أمس الخميس، ” سنقيّم الوضع. لا يزال لدينا متسع من الوقت من الآن وحتى 13 آب”.