مع ارتفاع نسبة العنوسة في سوريا إلى 65 في المئة، والظروف التي أفرزتها الحرب خلال السنوات الثمان الماضية، بلغ عدد الرجال المتزوجين من امرأة ثانية 40 في المئة، بحسب مصادر قضائية.
وفي تقرير نشرته وكالة “سبوتنيك(link is external)” أمس الجمعة، فإن القصر العدلي في دمشق يشهد ارتفاعاً كبيراً في عدد طلبات تثبيت الزواج المقدمة يومياً، ولا سيما من المناطق والمحافظات التي عانت ظروفاً صعبة خلال سنوات الحرب، ما حال دون إمكانية وصول سكانها إلى المحاكم والجهات الرسمية.
إلّا أن أكثر ما يثير الاستغراب، بحسب الوكالة، هو ارتفاع أعداد الراغبين بتثبيت زواجهم من امرأة ثانية، رغم أن ما يفرضه المشرّع السوري من شروط، وتحديداً المادية منها، يجعل الزواج الثاني أمراً شبه مستحيل في بلد تؤكد أحدث الإحصاءات الرسمية، أن حاجة الأسرة السورية شهرياً تفوق 300 ألف ليرة (ما يعادل 691 دولاراً أمريكياً) لتلبية احتياجاتها المعيشية.
للموظف والوزير زوجة واحدة فقط!
مصدر قضائي في القصر العدلي بدمشق أوضح لـ “سبوتنيك” أن المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية نصت على أنه: يحق للقاضي ألّا يأذن للمتزوج بأن يتزوج على امرأته إلا إذا كان لديه مسوغ شرعي، مع توافر القدرة لديه على إعالة أسرتين، وهو ما يسمى الملاءة المالية أو شرط الكفاية، وهذا يعني أن القانون اعتبر الأصل بالاقتصار على وجود زوجة واحدة، لذلك وضع ضوابط لمن يريد التعدد لكونه “حالة استثنائية”. وهذه الضوابط كما قلنا هي (وجود المسوغ الشرعي والقدرة على الإنفاق).
ويرتبط المسوغ الشرعي كمبرر للزواج الثاني بعدة أمور منها عدم قدرة الزوجة على الإنجاب أو مرض الزوجة، وكل هذا يُثبت طبياً، كما أن القدرة على الإنفاق بحاجة لإثبات أيضاً عبر بيان بالراتب أو شهادة شاهدين إثنين. وهنا أكّد المصدر القضائي أن “الوظيفة العامة في الدولة لا تتيح لأي موظف مهما علت مرتبته ودرجته الزواج بثانية قولاً واحداً، لأن مرتب أي موظف في الدولة لا يكفي لزوجة واحدة مع الأولاد فكيف ستكون لديه القدرة للإنفاق على زوجتين؟”، ليشمل هذا بطبيعة الحال الوزراء والقضاة والمدراء العامين لكونهم موظفين أيضاً، ينالون الرواتب نفسها مع علاوات لا تكفي —شرعا- للسماح بزواجهم من ثانية!.
إلا أن المصدر استدرك قائلاً: “لكن إذا كان لدى الموظف مصدر آخر للدخل يجعله مليئاً مادياً فيستطيع أن يتزوج من زوجة ثانية، وللقاضي أن يتأكد من ذلك”. ففي حال كان الراغب بالزواج ثانية على سبيل المثال: موظفاً في شركة خاصة وكان مرتبه مرتفعاً، أو يملك منزلاً مؤجراً أو سيارة مؤجرة أو أسهماً في مشروع ما، أو له أبناء خارج البلاد يمدونه بمصروف شهري إضافة إلى دخله الأول، فإن شرط الملاءة المالية يغدو متوفراً.
تزوج اثنتين وهو في مركز (الإيواء)!
أما ما نراه من زيجات ثانية بين أوساط السوريين لذوي الدخل المحدود أو المعدمين فهو ناشئ عن الزواج العرفي(link is external)بعيداً عن الضوابط المذكورة حتى أن أحد المقيمين في مركز للإيواء، تزوج من امرأتين في المركز نفسه، ولذلك سبب واحد حسبما يقول المصدر، وهو أن الزواجين لم يحصلا عن طريق المحكمة، أي أنهما “زواجان عرفيان”، وهذا أحد الأسباب التي دعت المشرّع السوري إلى تشديد العقوبة على هذا الزواج والتي راوحت بين الغرامة المالية والسجن، بموجب القانون رقم 24 لعام 2018 ، وقد أدى صدوره إلى تناقص حالات الزواج العرفي.
يقول المصدر القضائي لـ “سبوتنيك”: لا يمكن للمحكمة أن تفرض شروطها على الزواج الثاني الحاصل بعيداً عنها، لكن المشكلات تبدأ عندما يأتي أولئك لتثبيت زيجاتهم، ففي حال كانت الزوجة حاملاً فستصبح الأولوية حكماً لتثبيت الزواج حرصاً على حقوق الجنين أو الطفل القادم، ولا يمنع ذلك من إيقاع العقوبة القانونية، لكنه أسلوب يتبعه كثير من الناس للأسف، لذلك ترتفع أعداد الراغبين بتثبيت الزواج الثاني، حتى تكاد تقارب معاملات الزواج العادية!.
40 بالمئة تزوجوا من ثانية
وبيّن المصدر أن نسبة الزواج من امرأة ثانية ازدادت بسبب ظروف الأزمة، وبشكل خاص لدى العائلات التي فقدت معظم الرجال فيها واضطرت للسكن عند غيرها، إضافة إلى نسبة العنوسة التي وصلت إلى 65 بالمئة في سوريا، مشيراً إلى أن المحاكم في دمشق تجري حالياً عدة إحصاءات لمعرفة نسب الزواج الأول والثاني في العام الماضي.