بسبب الفقر وارتفاع الأسعار.. وسائل تدفئة بدائية تنتشر في إدلب رغم مخاطرها
بأسعار مرتفعة، وشح كبير في وسائل التدفئة، يستقبل أهالي إدلب ونازحوها فصل الشتاء، دون استعدادات تقيهم برد الطقس، وذلك مع عجز عدد كبير منهم عن شراء المازوت الذي تجاوز سعر برميله عتبة الـ100 ألف ليرة سورية.
ومع الأوضاع الاقتصادية السيئة للأهالي في إدلب، لجئ البعض إلى بدائل أقل تكلفة، رغم مخاطرها الصحية، ومنها مخلّفات الحرّاقات البدائية المنتشرة في إدلب، والذي يسمى محلياً “فحم الحراقات”، بالإضافة إلى زيوت السيارات المحترقة، كما ازدهر سوق الكراتين والبلاستيك، والثياب المستعملة هذه الفترة بهدف استعمالها كوقود للتدفئة.
علاء نعنوع، وهو نازح يقيم في قرية معارة النعسان بإدلب، قال لـ”السورية.نت”، إنّ “الضغوط المعيشية حولت التدفئة إلى أهمية ثانوية في ظل سعي الناس لتأمين قوت طعامها”، مضيفاً “الفيول في المنطقة منقطع منذ فترة طويلة، وكمياته قليلة في الأسواق، لتر المازوت ب800 ليرة، الحطب سعر الطن فوق الـ90 ألف، حتى قشر الفستق الذي بدأ الناس بالاعتماد عليه العام الماضي ارتفع سعره لقرابة 150 ألف للطن”.
فحم الحرّاقات
وبحسب نعنوع، فإنّه وخلال الفترة الماضية “اتجهت خيارات الأهالي لشراء مخلّفات الحراقات، لاستعمالها في التدفئة المنزلية، رغم أنها غير مخصصة لذلك، ويستعملها المزارعون في مداجنهم كونها تعطي حرارة عالية، وتحتاج إلى مكان واسع، لكن رخص أسعارها نوعا ما زاد الطلب عليها”.
وحول الكمية التي تكفي العائلة، أوضح الشاب الثلاثيني أنّ “طن و نصف يمكن أن يؤمن الدفّئ للشتاء بأكمله، حيث أن هذه المادة تبقى مشتعلة لساعات طويلة أكثر من الحطب”.
ووفق ناجي رحمون، وهو صاحب حراقة في معارة النعسان، فإنّ فحم الحراقات الذي بدء بعض السكان باستعماله “هو عبارة عن مخلّفات عمليات التكرير التي تقوم بها الحراقات البدائية، بعد فصل أنواعه، حيث ينتج عنها مخلّفات سائلة لم تنفصل في عملية الاحتراق تتحول بعد أن تبرد إلى فحم”.
وأشار رحمون في حديثه لـ”السورية.نت”، إلى أنّ “فحم الحراقات كان قبل فترة قصيرة يباع الطن منه بسعر 35 ألف ليرة، لكن وبسبب انقطاع وصول الفيول لم يبق الكثير منه لدى حراقات معرة النعسان ليباع للمواطنين”.
وحول جودة الفحم ومدى صلاحيته للاستخدام في المدافئ، أجاب الرجل الأربعيني “من خصائص رواسب الحرّاقات أنها تحوي بقايا عالقة من الغاز والبنزين والمازوت، وبالتالي فهي سريعة الاشتعال، وحرارتها عالية جداً لا تناسب الغرف الصغيرة والخيم، ويمكن أن تتسبب باشتعال حرائق بها، كما أنها ذو رائحة قوية وعدم اشتعالها الجيد قد يتسبب بالاختناق”.
ورغم هذه المخاطر الكبيرة التي يعرفها جميع السكان كما يقول، إلا أنّ الطلب بات عليها كبيراً، بسبب ضيق الأحوال لدى الأهالي، مضيفاً أن “البعض يأتي لدينا ليشتري كيساً واحداً(50كيلو) بالكاد يكفيه لأربعة أيام. هذا حال الناس هنا”.
مدافئ زيت السيارات
و انتشرت أيضاً خلال الآونة الأخيرة، مدافئ مخصصة للتدفئة باستخدام زيت السيارات المحروق المنخفض الثمن، حيث تُصنع هذه المدافئ من خلال اسطوانة أوكسجين صغيرة، وقاعدة حديد في أسفله، وفتحة لوضع الزيت.
هذه المدفأة المصنعة محلياً، كانت حلاً للعديد من أهالي إدلب هذا العام، للحصول على الدفئ، حيث تتميز كما يؤكد أيمن سيد علي من أهالي مدينة إدلب بأنها “اقتصادية، وغير مكلفة، كون لتر الزيت المحروق يباع بسعر لا يجاوز 500 ليرة، وهو ذات استدامة طويلة وتدفئة عالية، كما أنّ هذه المدفأة أقل ضرراً من الفحم وأكثر أماناً”.
من جانب آخر، يفتقد معظم سكان المخيمات في إدلب هذا العام للمساعدات الشتوية، التي كانت تقدم لهم من قبل المنظمات الانسانية قبل بداية كل شتاء. ووفق الناشط الإعلامي في ادلب، بلال الحاج أحمد، فإنّ الفحم الحجري الذي كان يدخل من تركيا ويوزع لسكان المخيمات بشكل مجاني، بات غائباً هذا العام، الأمر الذي فاق من المعاناة ويُنذر بكوارث كبيرة للسكان.
ويضيف الناشط في حديثه لـ”السورية.نت”، بأن “معظم سكان المخيمات بالكاد يؤمنون قوت يومهم ولا يستطيعون شراء مواد التدفئة، ورغم درجات الحرارة المنخفضة، فإنّ معظم الأهالي لم يقوموا بنصب مدافئهم، رغم أنّ معظم هذه الخيم تحوي أطفال ذو أعمار صغيرة ليس بإمكانها مقاومة البرد الشديد”.
وختاما ذكر الحاج أحمد، أنّ تكرار النزوح وارتفاع الأسعار خلق وسائل بدائية جداً للتدفئة، تقوم على حرق الملابس المستعملة، والنايلون، والكرتون مع ما تحمله هذه الوسائل من مخاطر صحية كبيرة، لاسيما على أجساد الصغار وكبار العمر.