كشف الزلزال المُدمر الذي ضرب عدة مدن جنوبي تركيا، الشهر الماضي، “هشاشة” حياة السوريين في تركيا، حسب تقرير تحليلي نشره “مركز الحوار السوري”.
ودعا “مركز الحوار السوري” المعنيّين إلى التحرك بهدف تخفيف آثار الزلزال عن السوريين المقيمين في تركيا، مقدماً مجموعة من الحلول والتوصيات لتحسين الاستجابة على المدى المتوسط والبعيد.
وكان زلزالان ضربا عشر ولايات جنوب تركيا، وعدة مناطق في شمال غربي سورية، يوم السادس من فبراير/ شباط الماضي، بشدة 7.8، و7.6 على مقياس ريختر بفارق زمني قدرُه عدة دقائق، وراح ضحيتهما أكثر من خمسين ألف شخص في سورية وتركيا.
وبلغت نسبة الوفيات من السوريين 9% من إجمالي عدد ضحايا الزلزال في تركيا، كون الولايات التي ضربها، من المناطق ذات الكثافة في التواجد السوري، إذ كان يتواجد قرابة 1.7 مليون سوري في الجنوب التركي.
وسلط التقرير في قسمه الأول الضوء على القرارات الصادرة من إدارة الهجرة التركية، فيما يخص اللاجئين السوريين.
ومن هذه القرارات السماح للسوريين التنقل بين الولايات التركية دون الحاجة إلى إذن سفر باستثناء إسطنبول، قبل أن تتراجع عن القرار بشرط استصدار إذن سفر من إحدى مراكز دائرة الهجرة فيها ولمدة لا تزيد عن شهرين.
إضافة إلى أن عمليات الإخلاء المجاني جواً لم تشمل الأجانب، ما دفع بالعديد من الجهات السورية لتأمين باصات نقل مجانية لنقل العائلات المتضررة خارج المناطق المنكوبة.
كما أتاحت السلطات التركيةـ للاجئين السوريين الحاملين لبطاقة الحماية المؤقتة، الدخول إلى سورية من عدة معابر برية، في “إجازات” لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد عن 6 أشهر.
واعتبر التقرير أن كارثة الزلزال أوضحت “هشاشة وضع السوريين في تركيا؛ فلم تكن هناك خطة واضحة عند دائرة الهجرة للتعامل مع أعداد كبيرة من السوريين في أوقات الأزمات والكوارث”.
نقاط الضعف
في القسم الثاني تناول التقرير، مواطن الضعف والهشاشة التي يعيشها السوريون المتضررون في تركيا، عبر إجمالها في عدة نقاط.
النقطة الأول فيما يخص الإشكاليات القانونية وصعوبة تنفيذ قرارات إدارة الهجرة، فيما يخص استصدار إذن سفر أو طلب وجود كفيل من أحد الأقارب الذين قاموا باستضافة إحدى العائلات.
وأكد التقرير أن مصير السوريين المخالفين الموجودين في تركيا، لم يكن واضحاً، خاصة المخالفين منهم، وسط تساؤلات السوريون المتضررون من الزلزال عن مصيرهم بعد انقضاء مدة إذن السفر المحدد بشهرين.
كما يتخوف السوريون من أن تطالهم عمليات الترحيل التعسفي، خاصة في المحافظات الكبرى.
وفيما يتعلق بالمشاكل القانونية، أوضح التقرير أن غالبية العائلات السورية المتضررة فقدت أوراقها الثبوتية تحت الأنقاض، مشيراً إلى أن استخراج وثائق بديلة أمر شبه مستحيل؛ نظراً لصعوبة التعامل مع قنصلية نظام الأسد في إسطنبول.
وسلط التقرير الضوء على الأطفال الذين أصبحوا بلا عائلات، ومشكلة استخراج أوراق ثبوتية تثبت هوية هؤلاء الأطفال وعلاقتهم مع أقاربهم، أو إشكالية إثبات هوية ونسبة الأطفال الذين تم نقلهم إلى دور الأيتام والمراكز المختصة.
النقطة الثانية فيما يتعلق بالأمور التعليمية والطبية، وإمكانية المتضررين من الوصول للخدمات الطبية العامة، وخاصة لحاملي إذن السفر من الولايات المتضررة.
كما أنه “من غير الواضح ما إذا كانت المدارس في الولايات غير المتضررة، ستستقبل الطلاب السوريين المتضررين بناءً على الوثيقة التي يحملونها إذن السفر المؤقت”، حسب التقرير.
النقطة الثالثة تعلقت بتعرض بعض العائلات السورية في المحافظات غير المتضررة، للضغط من أجل رفع الإيجارات الشهرية للمنازل، بحجة احتياج صاحب المنزل لإخلائه من أجل إسكان أقاربه من المتضررين.
والنقطة الرابعة تناولت فئة السوريين العاملين التي يؤمنون احتياجاتهم الأساسية عندما يعملون فقط(المياومين وأصحاب الدخل المحدود)، خاصة أن الزلزال حرم شريحة واسعة من السوريين من فرص العمل.
والنقطة الخامسة تتعلق بالفئات الأكثر خشاشة، مثل “المسنّين وذوي الإعاقات والاحتياجات الخاصة الذين فقدوا الاستقرار، وربما فقدوا بعض شبكاتهم الاجتماعية الداعمة والراعية”.
وتحدثت النقطة الأخيرة عن تزايد خطاب الكراهية للسوريين من قبل بعض السياسيين الأتراك، ما أدى إلى تعرض بعض الفرق الإنسانية والتطوعية للاعتداء والضرب من بعض المدنيين الذين تأثروا بالأخبار الكاذبة حول قيام السوريين بعمليات السرقة والنهب.
توصيات وحلول
وقدم التقرير مجموعة من التوصيات التي يجب السوريين والأتراك العمل عليها لتجاوز المحنة، سواء على المستوى القانوني أو المجتمع المدني.
وطالب التقرير إعادة النظر في الشكل القانوني لحملة بطاقات الحماية المؤقتة، والعمل على تسهيل عملية استصدار أذونات سفر للمتضررين من الزلزال، وتقديم تسهيلات لمنح بطاقات الحماية المؤقتة استناداً إلى بيانات سابقة في دائرة الهجرة، دون إلزامهم بتقديم مستندات جديدة.
وطالب التقرير، بإعادة توزيع السوريين بشكل متوازن في الولايات التركية، ووضع المخالفين الذين لا يحملون بطاقات الحماية المؤقتة، وزيادة عدد مراكز دائرة الهجرة وعدد الموظفين العاملين.
وكذلك ضرورة إصدار تعميمات مكتوبة ومترجمة وممهورة بختم دائرة الهجرة، وإنشاء صفحة رسمية تنشر هذه التعليمات باللغة العربية منعاً للالتباس.
وأكد التقرير ضرورة إعادة النظر في واقع الأطفال السوريين ومساعدة العائلات الكفيلة منعاً لاستغلالهم، وإعادة النظر في سياسية تقييد الأحياء السكنية للأجانب.
إضافة إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي والدول المانحة لتقديم استجابة عاجلة داعمة للسوريين المقيمين في تركيا، وتطبيق سياسة واضحة تتعلق بالخطاب التحريضي وخطاب الكراهية وإشاعة المعلومات الكاذبة.
كما قدم التقرير توصيات لمنظمات المجتمع المعنية باللاجئين، وهي:
- التعاون المشترك مع المنظمات المعنية باللاجئين لاستقبال الاستشارات المتنوعة من الأجانب المتضررين من الزلزال، وإرشادهم إلى مراكز الخدمات المتاحة لهم، واستقبال الشكاوى الواردة من طرفهم.
- الضغط على مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لأخذ دور الوسيط والوكيل الذي يقوم بإصدار أوراق رسمية ثبوتية بدل التي ضاعت
- إجراء شراكات مع منظمات سورية تسمح لها بمتابعة العائلات التي فقدت أطفالها خلال الزلزال، ووضع خطة لربط العائلات بمراكز الطفولة أو الملاجئ التي نُقل إليها هؤلاء الأطفال،
- الضغط من أجل إعفاء طلاب الجامعات من القسط الخاص بالفصل الثاني، وتشجيع المتبرعين لدعمهم.
- إنشاء منصة لاستقبال الشكاوى المتعلقة بحالات الاستغلال،
- زيادة الاهتمام بالشرائح الهشة من السوريين، وزيادة وصولها للخدمات المتاحة في المناطق الجديدة التي استقرت فيها.
- تطوير سياسة إعلامية جديدة هدفها إعادة بناء العلاقة على أسس سليمة.
- تدريب بعض الطواقم السورية على عمليات الإنقاذ والمساعدة، وتطوير أداء الفرق التطوعية السورية لتحقيق استجابة أفضل.