عبد السلام محمود..”مجرم الأسد” من قائمة العار الأمريكية إلى المحاكم الفرنسية
يعمل حقوقيون في فرنسا منذ خمس سنوات على ملف ثلاثة ضباط كبار في نظام الأسد، متورطين بارتكاب “جرائم حرب” أمام القضاء الفرنسي، لينتهي الملف الأسبوع الماضي بإصدار أمر بالبدء بمحاكمتهم بتهمة قتل مواطنين سوريين يحملان الجنسية الفرنسية وهما مازن دباغ ونجله باتريك.
والضباط الثلاثة هم رئيس مكتب “الأمن القومي” علي مملوك، والرئيس السابق لإدارة الاستخبارات الجوية جميل الحسن، ورئيس فرع التحقيق في الاستخبارات الجوية، عبد السلام فجر محمود.
ملف المحاكمة بدأ في 2018 عندما أصدر القضاء الفرنسي لأول مرة مذكرة اعتقال دولية بحق الضباط الثلاثة، بعدما تقدم عبيدة دباغ، شقيق مازن دباغ، بدعوى قضائية في المحاكم الفرنسية ضد الضباط الثلاثة.
وبعد خمس سنوات، وفي 4 أبريل/ نيسان 2023، أمر قاضيا تحقيق فرنسيين، بمحاكمة الضباط أمام محكمة الجنايات، بتهمة قتل المواطنين السوريين- الفرنسيين، مازن الدباغ وابنه باتريك بعد اعتقالهما عام 2013.
وصدرت مذكرات توقيف بحقهم وستتم محاكمتهم غيابياً، بتهم ارتكاب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”.
وتعتبر أسماء علي مملوك وجميل الحسن معروفة لدى السوريين، فالأول يعتبر صندوق أسرار نظام الأسد، والثاني يعتبر من كبار ضباط النظام وأكثرهم إجراماً فهو أدار فرع “المخابرات الجوية” الذي يعتبر أقوى جهاز أمني في سورية، ويعرف بوحشيته في قتل آلاف المواطنين والمعتقلين تحت التعذيب.
لكن الملف في القائمة الثلاثية هو اسم “عبد السلام فجر محمود” الذي قد لا يعرفها السوريون بشكل كبير.
من هو عبد السلام محمود؟
عبد السلام من مواليد بلدة الفوعة بريف إدلب عام 1959، وتخرج من كلية الحقوق في دمشق عام 1983، قبل أن يلتحق بخدمة العلم برتبة ملازم وفرزه إلى فرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية.
ونقل موقع “كلنا شركاء” عن مدير فرع الأمن الجنائي بدمشق، العميد عوض أحمد العلي، قوله إن عبد السلام قبل تسريحه من الجيش تقدم بطلب تطوع في الخدمة العسكرية وتمت الموافقة عليه واستمر بخدمته في الإدارة.
ويضيف العلي أنه عقب ذلك تم فرز عبد السلام إلى مكتب مدير الإدارة في بناء قيادة القوى الجوية (الآمرية) معاون للرائد أديب سلامة مدير المكتب، قبل أن يتدرج في الرتب العسكرية، ويصل إلى رئيس فرع التحقيق.
وقبل الثورة السورية كان العلي ينتظر قرار تسريحه بسبب استنفاذ خدمته برتبة عقيد وعدم إمكانية ترفيعه إلى رتب أعلى، كونه ليس خريج كلية عسكرية، إلا أن اندلاع الثورة السورية دفع نظام الأسد إلى التمديد له وترقيته إلى رتبة عميد.
وحسب موقع “مع العدالة” فإن عبد السلام كان يشغل منصب مدير مكتب إدارة المخابرات الجوية الأسبق اللواء، محمد الخولي، قبل أن يترأس فرع المخابرات الجوية في المنطقة الجنوبية في عام 2010.
وحصل عبد السلام على شهادة ماجستير من إحدى الجامعات اللبنانية، ليترفع إلى رتبة عميد، ويصبح بعد ذلك رئيساً لفرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية والموجود في مطار المزة العسكري.
جرائم فرع التحقيق
مع اندلاع الثورة السورية، أشرف عبد السلام على ارتكاب الانتهاكات والتعذيب بحق المدنيين المعتقلين من كافة المحافظات في فرع التحقيق بمطار المزة العسكري.
وحسب “مع العدالة” فإن عبد السلام شكل مع عدد من الضباط مجموعة فرق تحقيق من أسوأ المجموعات، إذ أشرفت على تعذيب وتصفية المئات من المدنيين بينهم أطفال، ومن أبرز الضحايا الطفل حمزة الخطيب.
وورد اسم عبد السلام محمود في تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” في 2011 حول الانتهاكات التي كانت ترتكب في فرع التحقيق بالمزة.
ونقلت المنظمة عن إحدى الشهود بأن التعذيب شمل “الضرب لوقت طويل بالعصي والجلد بالسياط، والتعليق من الأيدي إلى السقف، وفي بعض الأحيان لساعات وأيام، واستخدام صواعق الماشية الكهربية وأجهزة الصعق بالكهرباء المجهزة بالأسلاك التي يتم وضعها على مختلف مناطق الجسد، وكذلك الحرمان من الطعام والمياه والنوم”.
كما ورد اسمه ثانية في تقرير لنفس المنظمة في 2012، خلال الحديث عن الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري في مراكز الاعتقال السورية ومن بينها المخابرات الجوية.
وفي تقرير صادر عن منظمة “العفو الدولية” تحت عنوان “سوريا: إنه يحطِّم إنسانيتك.. التعذيب والمرض والموت في سجون سورية” في 2016، تناول أساليب التعذيب الممنهجة في فرع التحقيق المزة الذي يشرف عليها العيد عبد السلام
“لائحة العار” الأمريكية
وبسبب تورطه في مقتل الكثير من المعتقلين تحت التعذيب وإشرافه المباشر على عمليات العنف، أدرج عبد السلام على لائحة العقوبات الأوروبية والبريطانية في 2012.
كما أدرج على قائمة “العار” الأمريكية التي حددتها المندوبة الأميركية الدائمة في الأمم المتحدة سامنثا باور في كلمة أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي في 2016.
وتضم القائمة أسماء 12 ضابطاً في قوات الأسد والقوى الأمنية التابعة لها، واتهمتهم المندوبة الأمريكية بـ”الإشراف على ارتكاب انتهاكات جسيمة وجرائم بحق الشعب السوري”.
وقالت “اليوم أود تحديد بعض أسماء الأشخاص اللذين كانوا منخرطين منذ عام 2011 في قتل وإصابة المدنيين عبر تنفيذ هجمات عسكرية جوية وأرضية على المدن والمناطق السكنية والبنية التحتية المدنية”.
وهم “اللواء أديب سلامة، العميد عدنان عبود حلوة، العميد جودت صليبي مواس، العقيد سهيل الحسن، اللواء طاهر حامد خليل، واللواء جميل حسن، العميد عبد السلام فجر محمود، العقيد إبراهيم معلا، العقيد قصي محبوب، اللواء صلاح حماد، اللواء رفيق. شحادة، واللواء حافظ مخلوف”.
وأكدت المندوبة الأمريكية أن واشنطن لن “تسمح لهؤلاء الذين قادوا وحدات انخرطت في تلك الأفعال بالاختباء وراء واجهة نظام الأسد”.