مسارٌ جديد للعقوبات الأمريكية على الأسد، شق طريقه مؤخراً إلى مجلس النواب الأمريكي، وحمل عنواناً مختلفاً عن العقوبات السابقة، محوره محاربة التطبيع مع الأسد بوصفه “مجرم حرب”، في تحدٍ للمسار العربي الذي أفضى إلى إعادة الأسد للجامعة العربية.
وعلى غرار “قيصر” و”الكبتاغون”، دخل مشروع القانون الأمريكي مرحلة ما قبل الإقرار الرسمي، حين أقرته لجنة العلاقات الخارجية في “مجلس النواب”، بعد حصوله على موافقة الغالبية العظمى من أعضاء اللجنة.
وينص البند الرئيسي لمشروع القانون على حظر الاعتراف بالأسد أو تطبيع العلاقات مع أيّ حكومة يرأسها، وتطبيق قانون قيصر لردع نشاطات إعادة الإعمار في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام.
وطُرح المشروع من قل نواب أمريكيين، وبجهود “التحالف الأميركي لأجل سوريا”، وهي مظلة انضوت تحتها عشرة منظمات أميركية مختصة بالشأن السوري، وتنشط في العاصمة الأميركية واشنطن.
“عصا بوجه المطبعين”
رئيس المجلس السوري- الأمريكي، فاروق بلال، يرى أن أهمية قانون محاربة التطبيع مع الأسد تكمن بنقطتين اثنتين، الأولى هي “عدم الاعتراف بأي حكومة سورية حالية أو مستقبلية يترأسها بشار الأسد”.
وقال في حديثه لـ “السورية نت”، إن “هذه النقطة تعني أن الأسد أصبح شخصاً مفلساً من الناحية السياسية، وعلى الدول العربية التي تطبع علاقاتها معه أن تعي ذلك”.
أما الأهمية الثانية للقانون، بحسب بلال، هي التوقيت الذي طُرح فيه، تزامناً مع انعقاد “القمة العربية” في جدة.
وتحدث رئيس المجلس السوري- الأمريكي، عن سرعة “غير مسبوقة” في طرح مشروع قانون محاربة التطبيع مع الأسد، للتصويت عليه من قبل لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس.
مشيراً إلى أن طرح أي مشروع قانون يستغرق عادةً شهرين، لحين التوافق على صيغته النهائية.
ونوه إلى أن سرعة طرحه للتصويت جاءت بهدف المزامنة مع القمة العربية، ولإيصال رسالة لـ”المطبعين أن عصا الكونغرس ستبقى مرفوعة بوجه من يريد التطبيع مع الأسد، حتى لو كانت إدارة بايدن متساهلة بهذا الخصوص”.
“الأقوى” بعد قيصر
وحول التأثير المتوقع للقانون، بعد أن يصبح نافذاً بشكل رسمي، يقول بلال إنه سيشكل أدة ضغط على الدول العربية للتراجع عن فكرة التطبيع مع النظام.
وقد يدفع القانون الدول العربية للضغط على الأسد من أجل تقديم تنازلات جدية في مسار الحل السياسي، بموجب قرار مجلس الأمن “2254”، وإعادة تفعيل عمل اللجنة الدستورية السورية، والتعاون بملف المعتقلين.
ووصف “التحالف الأميركي لأجل سوريا” مشروع القانون، بأنه “الأقوى والأضخم والأهم من نوعه منذ قانون قيصر”، وذلك في بيان للتحالف حصلت “السورية.نت” على نسخة منه.
إذ يشمل مشروع القانون كل القطاعات التي يمكن أن يعمل فيها نظام الأسد الأسد أو يستفيد منها، ومن بينها الخطوط الجوية السورية.
وهذا يعني أنه في حال حطت طائرة سورية تابعة لحكومة النظام في أي مطار دولي حول العالم، فإن ذلك المطار والدولة الموجود فيها، سيخضعان للعقوبات الأمريكية.
وبحسب رئيس المجلس السوري- الأمريكي، فإن العقوبات التي أصدرتها الولايات المتحدة سابقاً ضد الأسد، كانت محدودة فيما يتعلق بشمولية العقوبات.
موضحاً أن قانون الكبتاغون مثلاً، يختص بمكافحة تجارة الكبتاغون التي يرأسها الأسد فقط، وكذلك قانون قيصر يختص بمنع جهود إعادة الإعمار وبملف الدعم العسكري للأسد والملف الكيماوي.
متى يصبح القانون نافذاً؟
حصل مشروع قانون محاربة التطبيع مع الأسد لعام 2023، على موافقة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، بعد موافقة 39 عضواً من أصل 40 عليه، خلال جلسة تصويت انعقدت ميساء الثلاثاء الماضي.
وبحسب رئيس المجلس السوري- الأمريكي، فاروق بلال، لم يكن هناك سوى اعتراض واحد فقط من قبل أعضاء لجنة العلاقات الخارجية، موضحاً أن الاعتراض لم يكن على نص القانون، وإنما على سرعة طرحه للتصويت.
وبعد إقراره من قبل لجنة العلاقات الخارجية، سيُطرح مشروع القانون على مجلس النواب كاملاً، للتصوييت عليه.
وفي حال وافق عليه مجلس النواب سيُطرح مشروع القانون على “الجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ”، ثم يمرر بعدها للتصويت من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي، وفي حال حصل على الأصوات المطلوبة سيذهب إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن مباشرة للتوقيع عليه، وحينها يُصبح نافذاً.
ولا يمكن للرئيس الأمريكي إجراء أي تعديل على مشروع القانون أو إلغائه، لكن يمكنه تأجيل التوقيع.
يُشار إلى أن قانون قيصر، الذي دخل حيز التنفيذ في يونيو/ حزيران 2020، كان قد طُرح عام 2016، أي في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، إلا أن أوباما أجّل المصادقة عليه، ليتم التوقيع عليه رسمياً من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب.
وبدأت المنظمات والجهات العاملة في الولايات المتحدة التحرك من أجل الضغط على الكونغرس الأمريكي، لإقرار قانون محاربة التطبيع مع الأسد، بحسب رئيس المجلس السوري- الأمريكي فاروق بلال.
وقال بلال لـ “السورية نت”، إن تلك التحركات تشمل زيارة أعضاء الكونغرس في مدنهم وولاياتهم ومكاتبهم، من أجل إقناعهم بتبني مشروع القانون.
تعديلات “نحو الأفضل”
خلال المراحل السابقة التي تلي إقرار القانون رسمياً، قد تخضع بعض بنوده لتعديلات من قبل أعضاء الكونغرس أو في مجلس الشيوخ الأمريكي.
إلا أن فاروق بلال، يعتقد بإمكانية تمرير مشروع القانون بصيغته الحالية.
وأوضح أن التعديلات التي خضع لها مشروع القانون منذ طرحه لم تكن جوهرية، بل كانت “إيجابية” وتدعم القانون بصورة أكبر.
واعتبر أن أهم ما في القانون هو رأيه ببشار الأسد، ومعاقبة المطبعين معه، وهي نقاط مفصلية لا يمكن إجراء أي تعديل عليها.
وحول التعديلات “الإيجابية” التي خضع لها القانون، قال بلال إنها شملت تسهيل إيصال المساعدات للشعب السوري، وتغيير بعض المصطلحات.
مثلاً: إذا كانت المنظمة التي تقدم المساعدات تعلم بأن النظام قد يسيطر على جزء منها، لا تعاقب بهذه الحالة.
لكن اذا تقصدت تلك المنظمات إيصال المساعدات للسوريين عن طريق النظام، فإنها ستخضع للعقوبات.
وخلال عرض مشروع القانون للتصويت أمام لجنة العلاقات الخارجية، تمت إضافة بعض التعديلات عليه، ومن بينها وضع “الأمانة السورية للتنمية”، التي تترأسها أسماء الأسد، على لائحة العقوبات، بسبب استغلالها للمساعدات الأممية وسرقتها.
كما شملت التعديلات إضافة قياديين في “حزب البعث” للائحة العقوبات، وكذلك جميع أعضاء مجلس الشعب وذويهم، كي لا يتم تحويل الأموال المنقولة وغير المنقولة لأسماء ذويهم.
واعتبر بلال أن كل تلك التعديلات “إيجابية”، ومن شأنها أن تقوي القانون في حال دخل حيز التنفيذ.
وختم بقوله: “القانون سيضيّق الرباط على عنق الأسد ويخنقه سياسياً، وعلى كل من يطبع معه أن يعرف أنه يطبع مع جثة سياسية هامدة، لن تنفعه بشيء”.