معطيات متسارعة تفتح الأبواب أمام معارك “حتمية” في إدلب
شهدت الساعات الماضية معطيات متسارعة، خصّت ملف محافظة إدلب، والتي تحاول قوات الأسد، بدعم من روسيا التوغل في عمق ريفها الشرقي والجنوبي، في خطة للوصول إلى الأوتوستراد الدولي دمشق- حلب، والذي يمثل “عقدة” أساسية، في اتفاق “سوتشي” الموقع في أيلول عام 2018، إلى جانب أوتوستراد حلب- اللاذقية.
وتتعرض المحافظة لحملة قصف جوي وصاروخي “مكثف” من قبل قوات الأسد وروسيا، على الرغم من إعلان اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار فيها، من قبل الجانبين الروسي والتركي، الأمر الذي أدى إلى مقتل عشرات المدنيين في مناطق متفرقة شملت إدلب المدينة.
واللافت في التطورات أنها تبعت الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار.
وجاءت على مستوييّن: الأول من قبل الجانب التركي، الذي يعتبر الطرف الأساسي المحرك في المحافظة، أما المستوى الثاني فهو على الأرض من جانب فصائل المعارضة، المتمثلة بـ”الجبهة الوطنية للتحرير” من جهة وقوات الأسد والميليشيات المساندة لها من جهة أخرى.
تركيا تعطي الضوء الأخضر؟
التطور الأول يرتبط بالتصريح اللافت لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو في أثناء مشاركته في بث مباشر على قناة “سي إن إن تورك”، يوم الأربعاء 15 من كانون الثاني الحالي.
وقال جاويش أوغلو في تعليق عما تتعرض له إدلب: “هناك انتهاكات لوقف إطلاق النار، ولكن لا يمكننا القول إنه انهار، إذا استطعنا إيقاف هذه الانتهاكات في الفترة المقبلة يمكننا القول أننا حققنا وقف إطلاق النار من جديد”.
وأضاف: “لكن إذا استمرت الانتهاكات والهجمات، فلا يمكننا وقتها الحديث عن وقف اطلاق للنار”.
وأكد وزير الخارجية التركي، على أهمية وقف إطلاق النار في العملية السياسية، مشيراً إلى أنه “يجب على المعارضة حماية نفسها من هجمات النظام”، بحسب ما نقلت وكالة “الأناضول”.
وأشار جاويش أوغلو أن نظام الأسد، “قتل الكثير من المدنيين خلال قصفه الوحشي للمستشفيات والمدارس، وأجباره العديد لترك منازلهم”.
انقاذ طفلة من تحت أنقاض منزلها المدمر، ببلدة الزربة في ريف حلب، بعد استهداف البلدة من الطيران الحربي صباح اليوم الخميس.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/UTs9sKOgsj
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 16, 2020
اجتماع على الحدود
تزامن تصريح جاويش أوغلو مع معلومات نشرتها مصادر محلية عن اجتماع عقد على الحدود السورية- التركية، مساء يوم الأربعاء الماضي، بين قيادات من “الجيش الوطني” و”الجبهة الوطنية للتحرير” ومسؤولين عسكريين أتراك.
ولم يعلن عن الاجتماع بشكل رسمي، سواء من قبل تركيا أو الفصائل العسكرية المعارضة.
وبحسب ما قالت صحيفة “جسر” المحلية فإن “أنقرة استدعت على عجل قادة فصائل المعارضة إلى اجتماع طارئ في معبر أطمة العسكري”.
وأضافت الصحيفة، نقلاً عن مصادر، أن الاجتماع “بحث قضية فتح الطرقات الدولية، بناء على مباحثات موسكو التي طالب فيها ممثل النظام علي مملوك نظيره التركي حقان فيدان بفتحها”.
ووفق المصادر، التي نقلت عنها الصحيفة، فإن “الاجتماع قد يتلوه استدعاء قادة الفصائل للاجتماع بمسؤولين أتراك في أنقرة”.
تحرك على الأرض
رافق ما سبق استئناف قوات الأسد لهجماتها على مواقع فصائل المعارضة في الريفين الجنوبي والشرقي لإدلب، معلنةً السيطرة على ثلاث قرى.
ولم يقتصر التحرك العسكري على جبهات ريف إدلب فقط، بل واصلت قوات الأسد بإرسال التعزيزات إلى جبهات ريف حلب الجنوبي والغربي.
وبحسب ما ذكرت شبكات موالية لنظام الأسد عبر “فيس بوك” فإن التعزيزات تأتي لبدء عملية عسكرية في الأيام المقبلة، لـ”تأمين مدينة حلب”.
وفي إطار حملة القصف الجوي والصاروخي، كان اللافت في الساعات الماضية، توسع دائرة القصف إلى ريف حلب الغربي والجنوبي، حيث شهدت عدة قرى وبلدات في المنطقة لغارات جوية، لم يسبق لها أن شهدها الشهران الماضيان.
تل خطرة – ريف إدلب .. صديق .بحمى الرحمن لرجال الجيش والقوات الرديفة .
Posted by قوات النمر Syrian Tiger Forces on Thursday, January 16, 2020
“الجبهة الوطنية” تعلن النفير
من جانبها أعلنت “الجبهة الوطنية للتحرير”، المنضوية في “الجيش الوطني” النفير العام لصد الهجوم البري لقوات الأسد والميليشيات المساندة لها.
وقال الناطق باسم “الجبهة الوطنية”، ناجي المصطفى عبر “تلغرام”، أمس الخميس، “نؤكد لأهلنا وشعبنا الثائر أننا في الجبهة الوطنية قد رفعنا جاهزية وحداتنا القتالية بكل اختصاصاتها، وأعلنا نفير مقاتلينا للدفاع عن أرضنا وعرضنا وثورتنا بكل مانملك من قوة و تصميم”.
وأضاف المصطفى: “كنا على ثقة أن المحتل الروسي الغادر وذيله نظام الإجرام ليس لهم عهد ولاذمة ولن يلتزموا بأي تهدئة أو هدنة”.
ولم تقتصر التحركات العسكرية في ريف حلب على الطرف الذي تسيطر عليه قوات الأسد، بل دفع “الجيش الوطني” أيضاً لتعزيزات عسكرية، على مدار اليومين الماضيين، وبشكل أساسي من التشكيلات العسكرية المنضوية في “الفيلق الثاني”.
#لتموز_نت/15/15
"هذه المعركة تحدث في أهم معاقل الثورة السورية، وأكثرها تحصينا، كما أن للتبدلات السياسية دور كبير في تغيير المعادلة، لا سيما بدأت تتعالى التهديدات الأمريكية ضد روسيا ونظام الأسد، وننتظر منها دورًا عمليًا فاعلًا يجنب المدنيين مزيدًا من القتل والتهجير".— عميد ركن فاتح حسون F.hasson (@fatehhasson) January 16, 2020
أمريكا تحذر
التطورات التي خصّت محافظة إدلب، لم تقتصر على ما سبق فقط، بل أثار الوقع الخاص بها حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي حذرت روسيا ونظام الأسد من “إجراءات دبلوماسية واقتصادية”، في حال استمر الهجوم على إدلب.
وذكرت السفارة الأمريكية في دمشق عبر “تويتر”، الخميس 16 من كانون الثاني، أن استمرار القصف الجوي والمدفعي على المدنيين والمراكز الصحية والمنشآت المدنية، يعد أمراً “مخجلاً يدينه المجتمع الدولي”، خاصة أنه جاء بعد أسبوع من زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى سورية.
وأكدت السفارة أن “الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لاتخاذ الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام الأسد، وأي دولة أو فرد يدعم أجندته الهمجية”، في حال استمرار الهجمات.
وكانت تركيا قد أجرت مؤخراً عدة اتصالات مع الجانبين الأمريكي والأوروبي، من أجل تشكيل موقف ضاغط على روسيا ونظام الأسد.
وترجمت بعض الاتصالات، بزيارات شهدتها العاصمة أنقرة، بينها زيارة المبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، الأسبوع الماضي.
طلما استمرت هذه الهجمات الوحشية، فإن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ أشد الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام الأسد وأي دولة أو فرد يدعم أجندته الهمجية. #سوريا
— U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) January 15, 2020