تستمر التحليلات والتفسيرات المتباينة حول التحرك العربي الأخير، الذي حسم مسألة عودة نظام الأسد لمقعد سورية في جامعة الدول العربية، بعد تجميدٍ استمر قرابة 12 عاماً مترافقاً مع قطيعة عربية بدأت تتلاشى مؤخراً.
وفيما يدور الحديث عن عودة مشروطة، عبر تنازلات سيقدمها الأسد للدول العربية لقاء قبوله مجدداً، يؤكد محللون أن الأسد يجد نفسه منتصراً حالياً في ظل تهافت عربي لإعادة التطبيع معه وفرضه على الساحة العربية.
“فضيحة” للأنظمة العربية
في مقال لها على صحيفة “العربي الجديد”، رأت الكاتبة والصحفية السورية سميرة المسالمة أن النظام السوري لم يطلب العودة للجامعة العربية، ولم يعمل لأجلها، ولن يقدم شيئاً مما تأمله التصريحات العربية منه.
وأضافت في المقال المنشور اليوم الثلاثاء، أن النظام العربي متمثلاً بجامعته هو الذي عاد لحضن الأسد، وقرر التطبيع معه.
وتابعت: “يمكن القول هي (الجامعة العربية) التي اكتشفت خطأ قرارها تجاهه بتجميد عضويته في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، على أساس مراعاتها حقوق الشعب السوري، التي على ما يبدو لم تعد تعنيها”.
ووصفت الكاتبة السورية عودة النظام للجامعة العربية بأنها “فضيحة” للنظام العربي، مشيرة إلى أنها بمثابة كشف حسابٍ سياسي وأخلاقي للدول العربية أمام مواطنيها.
وفيما يتعلق بملف الكبتاغون، الذي يُعتبر مصدر قلق للدول العربية، قالت المسالمة لا يبدو أن النظام السوري سيعمل أي شيء للتخفيف منه، أو لتخفيف مخاوف الدول العربية من تبعاته الخطيرة.
وكذلك، سيبقى النظام السوري كجسر بين إيران ولبنان، في سياساته لتعزيز هيمنة إيران عليه، وهو ما يخيف دولاً عربية عدة.
ملف اللاجئين الشائك
في إطار عودته للجامعة العربية، تنتظر دول الجوار دوراً فعالاً للنظام السوري بتخفيف الأعباء عنها، عبر تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وهو أكد عليه بيان اجتماع عمّان التشاوري.
الكاتب مثنى عبد الله، قال في مقال له عبر موقع “عربي 21″، اليوم الثلاثاء، إن ملف اللاجئين السوريين هو عملية اختبار للنظام السوري، إذ يجب عليه تقديم ضمانات أمنية قوية للعائدين.
وأضاف: “لكن لا يبدو أن النظام قادر على استقبال ملايين اللاجئين، لأنه يعتبرهم الحاضنة الشعبية لما يسميه الإرهاب”.
فيما رأت الكاتبة سميرة المسالمة بهذا الخصوص، أن مشكلة اللاجئين السوريين ستبقى مفتوحة، في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية الراهنة، التي تحول دون تمكين اللاجئين السوريين من العودة لبلدهم.
وأضافت “النظام لا يبدو مستعداً للتسهيل في هذا الأمر”.
تسابق مع طهران
على صعيد آخر، يرى الكاتب السوري مالك ونوس أن العرب ظهروا وكأنهم يسابقون الإيرانيين إلى النظام السوري، الذي بدا شديد التوافق مع الإيرانيين خلال زيارة إبراهيم رئيسي الأخيرة إلى دمشق قبل أيام.
وقال الكاتب في مقال له في صحيفة “العربي الجديد” إن مبادرة وزراء الخارجية العرب التي أطلق عليها “خطوة مقابل خطوة” لإنهاء الأزمة في سورية، والتي تنسجم مع القرار 2254، كما قالوا، تمضي بسرعة.
وحول تقويض الدور الإيراني في الساحة العربية، قال الكاتب مثنى عبد الله إن تصور البعض من العرب إنهاء الوجود الإيراني في سورية “يبدو ضرباً من الخيال ويتطلب الانتظار طويلاً جداً”.
وأضاف: “الديون الإيرانية على سوريا تُقدّر بأكثر من 50 مليار دولار، ولذلك كانت من ضمن اللجان التي شُكّلت بين الطرفين، لجنة حول الديون، كما تم التوقيع في زيارة الرئيس الإيراني على اتفاقية لفتح خط ائتمان إيراني جديد، يُستثمر في قطاع توليد الكهرباء، ليضاف هذا القطاع إلى قطاعات النقل والفوسفات والإسمنت وغيرها”.
وختم بسؤال: “فهل بعد كل هذه الهيمنة الإيرانية وقيود الديون، هنالك من شك بأن الحضن العربي قادر على جذب بشار الأسد أكثر من الحضن الإيراني؟”.