من الذهب للخبز..اعتماد الدولار والليرة التركية بدل السورية شمال حلب
بعد الانخفاض الكبير مؤخراً بسعر صرف الليرة السورية، مقابل العملات الأجنبية، خاصة الدولار، بدأت شركاتٌ ومؤسساتٌ تجارية في منطقة “درع الفرات”، بريف حلب، تحصيل الرسوم بالدولار أو الليرة التركية، عوضاً عن العملة السورية، وهو ما ساهم في موجة غلاء و زيادة للأسعار، بشكل كبير، خاصة أولئك الذين يقبضون رواتبهم بالعملة المحلية.
وشملت القطاعات التي انتقلت مؤخراً، ليتم تسعير اشتراكاتها بالليرة التركية أو الدولار الأمريكي، الكهرباء والانترنت والذهب، وحتى الخبز في بعض المناطق، فيما ذكر ناشطون في المنطقة، أنّ بعض التجار بدأوا بالفعل تسعير منتجاتهم بالليرة التركية.
الخدمات بالتركي
وفي تصريح خاص لـ”السورية.نت”، قال جمال عثمان، رئيس “المجلس المحلي لمدينة الباب”، إنّ “جميع الدوائر و المديريات والشركات المرتبطة بالمجلس بدأت التعامل بالفعل بالليرة التركي فقط باستثناء الخبز”.
وأوضح عثمان، أنّ شركة الكهرباء التركي الخاصة، والتي أبرم المجلس المحلي عقداً معها، لا تقبل إلا بالدفع بالليرة التركية، أما بالنسبة للإنترنت، فهو قطاع خاص، ويعمل المجلس حالياً على طرح هذا القطاع من اجل الاستثمار.
المجلس المحلي في مدينة أعزاز وريفها
في إطار توحيد سعر مادة الخبز وإستجابة لمطالب المواطنين إجتمع كل من مجلس مدينة أعزاز ومارع وصوران وأخترين والراعي في مجلس مدينة أعزاز وبالتعاون مع منظمة الآفاد تم الإتفاق على توحيد سعر ربطة الخبز الواحدة بقيمة ليرة تركية واحدة بوزن ٨٠٠ غرام pic.twitter.com/6kmIu30mZB
— المجلس المحلي في مدينة أعزاز وريفها (@AZAZ_C_LOCAL) January 19, 2020
وعلى صعيد متصل، أصدر المجلس المحلي في مدينة أعزاز، يوم الأحد 12 يناير/كانون الثاني الجاري، قراراً بتحديد سعر ربطة الخبز وزن 800 غرام بـ1 ليرة تركية، وذلك بعد بدء عمل إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، بدعم الأفران بمادة الطحين وفق إعلان المجلس.
ويتفاوت استخدام العملة الأجنبية في ريف حلب الشمالي، حسب قرارات المجالس المحلية والتجار، إلا أن معظمها بدأ بالفعل تعميم التجربة، لاسيما في مجالات الخدمات التابعة لهذه المجالس ورواتب موظفيها، كما اتجه معظم الصاغة في المنطقة للتسعير بالعملة التركية.
زيادة مضاعفة
وفي هذا السياق، ذكر الناشط الإعلامي في مدينة الباب، يحيى مرعي، أنّ أصحاب المولدات الخاصة التي تقوم ببيع اشتراكات الكهرباء للأهالي، رفعت الأسعار بحيث أصبح سعر “الأمبير” الواحد للاشتراك الشهري 120 ليرة تركية، (قرابة23ألف ليرة سورية) بمعدل 12 ساعة تشغيلية متواصلة، بينما كان سابقاً 9 آلاف ليرة سورية للأمبير الواحد لـ 9 ساعات تشغيل يومياً.
و قال مرعي، إن أسعار اشتراكات الإنترنت أيضاً، أصبحت بالليرة التركية أو الدولار فقط، مشيراً إلى أنّ سعر اشتراك 1ميغا في مدينة الباب، أصبح 6 دولار، أو 35 ليرة تركية، وسعر الـ2 ميغا 10 دولار أو 60 ليرة تركية.
القبض بالليرة والدفع بالدولار
وحول تأثير هذا القرار على سكان المنطقة، قال عبد الله يونس، وهو أحد نازحي ريف حمص الشمالي، ويقيم حالياً في مدينة الباب، إنّ ارتفاع الأسعار الكبير مؤخراً، والاسعار الجديدة للخدمات، أثر بشكل سلبي جداً، على السكان الذين يعانون بالأصل من أوضاع اقتصادية سيئة، ومن قلة فرص العمل.
وأضاف يونس الذي يعمل في مجال الزراعة، أنّ تسعير الخدمات بالدولار أو الليرة التركية، يجب أن لا يقتصر على مجالات دون أخرى، متسائلاً “كيف يقبض معظم العمال رواتبهم حتى الآن بالليرة السورية، ثم يضطرون للدفع بعملة أخرى أضعافا مضاعفة”.
ورأى الرجل الأربعيني، في حديثه لـ”السورية.نت”، أنّ المجلس المحلي حين قرر التعامل بالليرة التركية “لم يراعي أحوال الناس ومستوى المعيشة، حيث مازال مستوى متوسط الدخل لدى معظم الأسر لا يتعدى الـ100 ألف ليرة سورية شهرياً (أقل من 100دولار) في حين أن الأسعار الجديدة تحتاج لأضعاف هذا الرقم”.
من جهة أخرى، دافع أيمن عبد المنعم، وهو مالك مولدات كهربائية في مدينة الباب، ببدء عمل توزيع الأمبيرات على قرار التسعير بالليرة التركية، إذ قال:” نضطر لشراء المازوت في ظل انقطاعه المتكرر واحتكاره من قبل التجار بأسعار عالية، ومع استمرار هبوط قيمة الليرة السورية، أصبحنا نخسر باستمرار، لذلك فإنّ التعامل بعملة أكثر استقرار، هو ضمان لكلا الطرفين (البائع والمشتري)، لذلك أدعو الجميع لعدم التعامل بالليرة السورية المتهاوية”.
ماهي التأثيرات؟
وحول التأثيرات الاقتصادية المتوقعة، جراء الاجراءات الأخيرة، قال الباحث الاقتصادي السوري/ سقراط علو، إنّ “من شروط نجاح استبدال العملة هو تعميمها على كامل المنطقة، بمعنى الرواتب بالكامل يتم دفعها بالليرة التركية أو الدولار، وأن يتم ضخ كميات من العملات الأجنبية تتناسب مع حجم اقتصاد المنطقة، ولكن هذا لم يتم، حيث مازال معظم العاملين يقبضون بالليرة، ويدفعون بالدولار وهو أمر كارثي لاسيما على أصحاب الطبقة الفقيرة والمتوسطة”.
ورأى الباحث في حديثه لـ”السورية.نت”، أنّ هذه الخطوة تحمي بالدرجة الأولى أصحاب رؤوس الأموال، ومن شأنها زيادة الفوارق الطبقية، منوهاً في الوقت ذاته، إلى أنّ المبادرة بدأت بالأصل من جمعية الصاغة، وما يحدث فقط هو حماية لأرصدة أصحاب الاستثمارات والثروات.
وكان انهيار سعر الليرة السورية مؤخراً، أثر بشكل واضح على حركة الأسواق، التي شهدت بحسب السكان المحليين، جموداً كبيراً، وارتفاع في أسعار أغلب المواد الأساسية، كالمياه والمواصلات والوقود والمواد الغذائية والاستهلاكية.