حوّلت عواصف ثلجية وأسابيع من الأحوال الجوية السيئة، وادي البقاع اللبناني، إلى مستنقع غير قابل للعيش بالنسبة لعشرات آلاف اللاجئين السوريين، ذلك حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من الدلهمية.
وأغرق نهر الليطاني الكثير من الحقول الممتدة عبر سلسلتي جبال تحيط بالبقاع، بعدما ضربت ثاني عاصفة كبيرة لهذا العام المنطقة الأربعاء.
وما كادت بعض العائلات تنهي إصلاح خيامها، حتى تسبب أقسى شتاء يمر عليها حتى الآن في ليلة أخرى من الثلوج والرياح والفيضانات التي عادت لتدمر الخيام.
وقال ثائر إبراهيم الأحمد، الذي لف رأسه بكوفية باللونين الأحمر والأبيض، “دخلت المياه إلى المنزل. قضينا الليل بطوله ونحن نسحبها إلى الخارج، وهي تتدفق مجدداً”، مضيفاً: “هذا أسوأ شتاء يمر على اللاجئين في المنطقة”.
وأكد اللاجئ الحلبي الذي يعيش في لبنان منذ خمسة أعوام: “تساقط الثلج قبل نحو 3 سنوات كذلك، لكن هذه السنة دخلت المياه (إلى الخيام) بشكل أكبر”. واستغل الأطفال أشعة الشمس بعد الظهر، وارتدوا أحذية مطاطية وساروا في أزقة المخيم التي امتلأت بالمياه والوحل ليلعبوا بالثلج.
ونصبت الخيام في “مخيم 040” الواقع على أطراف قرية الدهلمية بالطريقة ذاتها، وهي واحدة من عدة مخيمات عشوائية في البقاع.
وأقيمت هذه الملاجئ على ألواح خرسانية، بينما استخدمت إطارات قديمة لتثبيت أسقفها. ولا توفر جدرانها المصنوعة من المشمع الكثير من الحماية من الرياح العاتية ودرجات الحرارة المتجمدة.
ورغم أن مظهر المخيم يوحي بأنه أقيم قبل أسابيع فقط، لكن الواقع هو أن الكثير من سكانه يقيمون فيه منذ عام 2012.
أكد أبو أحمد، المتحدر من مدينة حمص السورية ويعيش في لبنان منذ 7 سنوات، أن المساعدات غير كافية. وقال وهو يقف على صخرة وضعت في المكان ليتمكن الناس من استخدامها للعبور وسط مستنقع موحل “هطلت الكثير من الأمطار هذه السنة، والمنظمات (الإنسانية) تخفف دعمها لنا”.
وأضاف: “ها أنتم ترون. هل هذه شوادر تكفي وتغطي وتمنع المياه؟ لم يوزعوا علينا خشباً، ولم نحصل منهم على شيء”.
من جهتها، تصر منظمات الإغاثة على أنها تبذل كل ما في وسعها لتوزيع المعونات العاجلة على اللاجئين الأكثر حاجة إليها من نحو 340 ألف لاجئ يعيشون في وادي البقاع.
وأفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن نحو 24 ألف شخص تأثروا بالظروف الجوية السيئة.
وتضررت بعض الخيام جراء العواصف التي تسببت في مناطق أخرى من لبنان بانقطاع الطريق الرئيسية المؤدية إلى سوريا عدة مرات، بينما أدت إلى فيضان في الطريق السريعة شمال بيروت، وأجبرت المدارس على إغلاق أبوابها.
ونقلت منظمات الإغاثة العائلات التي تشردت، مرة أخرى، وسط ارتفاع منسوب الثلج الذي بلغ عدة أمتار.
وقال اللاجئ أنور محمد أحمد، “المياه تتسرب إلينا من الطريق. نضع قطع قماش (…) طوال الليل ونحن ندخل ونخرج لإفراغ المياه”.
واضطرت فاطمة التي تتحدر من مدينة حلب في شمال سوريا إلى مغادرة خيمتها برفقة عائلتها، لكنهم اختاروا المكوث مع جيرانهم في خيمتهم المكتظة. وقالت: “منذ بدأ هطول المطر والمياه تتدفق إلى الداخل. لقد أدى ذلك إلى امتلاء البيت بالمياه. لا يمكننا البقاء فيه. حملنا أغراضنا وغادرنا. ماذا يمكننا أن نفعل؟”.