آخر أخبار دمشق، أن أجهزة مخابرات نظام الأسد، بدأت حملة لإزالة صور العميد ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة في مدينة دمشق وريفها، وشملت عمليات إزالة الصور مواقع وحواجز الفرقة الرابعة التي يقودها الشقيق الثالث المتبقي لرئيس النظام بشار الأسد، وأحد أهم المقربين إليه في العائلة، كما شملت الحملة رافعي صور ماهر على سياراتهم الخاصة، حيث طلب منهم إزالة الصور تحت المسؤولية، وترافقت الحملة الرسمية مع موجة معلنة في الإعلام الاجتماعي المؤيد للنظام، توجهت بالنقد إن لم نقل بالتشهير بالعميد ماهر، شملت اتهامه بالفساد، حسب ما قالت رسالة باسم حقيقي وصريح، «إن ماهر الأسد سبب 70 في المائة من الفساد القائم في البلد، ويشبح هو وعصابته على الناس، ويمتصون دماءهم»، وشدد تعليق ناشط معروف من المؤيدين في اللاذقية على قول إن ماهر الأسد «ليس مفروضاً من السماء… وليس له مسمى بالدستور»، و«إن كان شقيق الرئيس، فإنه لا يفترض، أن علينا أن نقدسه أو نبجله».
وإذا أمكن لنا، قول إن صراعات تتصاعد بين الشقيقين أو الشقيين كما يحلو لكثير من السوريين وصفهما، فإن هذا التقدير ليس غريباً أو غير واقعي. ففي تاريخ الإخوة من عائلة الأسد وقائع كثيرة، لعل الأهم فيها خلاف الأخوين الرئيس السابق حافظ وشقيقه اللواء رفعت قائد سرايا الدفاع في الثمانينات، وقد انتهى بتسوية، قامت على تسفير رفعت إلى المنفى، بعد أن كاد حافظ يقتله لولا تدخلات والدتهما. ومما يعزز هذا التقدير، أن رأس النظام بشار الأسد، خرج للتو من صراع شرس مع ابن خاله رامي مخلوف، أحد أقرب المقربين له، والوجه الاقتصادي الأبرز للنظام، ومدير القسم الرئيس لثروة آل الأسد، وكانت نهاية الصراع إبعاد رامي والسيطرة على القسم الأهم من أعماله وثروته في سوريا.
ولا شك، أن مجريات الحال السوري في السنوات الأخيرة، هيأت الظروف لتمايز المواقع والمصالح بين الشقيقين رغم كل ما يجمعهما. فالحرب التي يخوضها نظام الأسد ضد السوريين، غيرت قواعد كثير من العلاقات داخل النظام، سواء على مستوى الأشخاص أو الأجهزة الأمنية والعسكرية، خصوصاً إذا كان الأمر يتصل بشخص مثل ماهر الأسد وجهاز أمني عسكري مثل الفرقة الرابعة، حيث الشخص شريك في النظام الموروث، إضافة إلى أنه ضابط كبير في النظام، والفرقة الرابعة ليست جزءاً من الجهاز الأمني – العسكري للنظام، بل المعنية بالدفاع عنه، وهي صاحبة التأهيل والتسليح والميزانية الأعلى من غيرها، وكله أعطى قائدها كما أعطاها تميزاً ممتداً في كل الاتجاهات لدرجة صارت وكأنها كيان موازٍ للدولة السورية، بل هي قادرة على التأثير على الأخيرة في جوانب متعددة.
وإذا كانت تلك التطورات لفتت انتباه رأس النظام منذ سنوات، فقد كرر النظام محاولاته في وقف تمدد قوة ماهر الأسد والفرقة الرابعة إلى ما بعد الدور الأمني – العسكري، كما في موضوع المكتب الاقتصادي للفرقة الرابعة الذي كان يعني إجراءات تخصها (مثل عمليات الترفيق والخاوات وتلزيم التعفيش، إضافة إلى تصنيع المخدرات والاتجار بها) للحصول على أموال تتعلق ظاهراً بتمويل عملياتها ودعم ميزانيتها، بينما الجزء الأساسي منها يذهب إلى تراكم الثروة الشخصية لماهر الأسد.
وكان بين محاولات النظام لجم نشاط ماهر وفرقته الرابعة، حملة تكررت ضد المقربين منه، وأبرزها ملاحقة، ثم اعتقال، مدير مكتبه العميد غسان بلال وصاحب عدة مناصب أمنية وعسكرية، وبعض مساعديه من جانب المكتب الأمني في القصر الجمهوري، قبل أن يتدخل الروس في القضية، مما أدى إلى كف يد غسان بلال بصورة نهائية وترفيعه إلى رتبة لواء إيذاناً بوضعه خارج الخدمة، وإحالته على التقاعد أواسط عام 2019.
ولم تؤثر نهاية بلال وأزلامه على توجهات ماهر الأسد وفرقته ومشاريع تمددها، خصوصاً في ظل دعم إيراني واسع لماهر الأسد الموصوف بأنه «رجل إيران الأبرز»، مما جدد محاولات الروس تحجيمه، وكانت آخر المحاولات مطلع مايو (أيار) 2021، حيث أبلغ قائد قاعدة حميميم الجنرال فيتسلاف سبتكين، النظام، ضرورة وقف عمليات تهريب الوقود والمواد التي تدعمها الدولة اللبنانية والمخدرات عبر الحدود، التي تقوم بها أو تدعمها الفرقة الرابعة بين سوريا ولبنان، وطبقاً لمعلومات مسربة، فإن الموضوع جرى بحثه مؤخراً بين الشقيقين بشار وماهر.
ثمة نقطة أخيرة لا بد من إشارة إليها في سياق ما يبدو من صراع الأخوين بشار وماهر، وهو الدور الذي يمثله وجود أسماء الأسد في فضاء السياسة السورية، وهو يتعدى دورها في الحد من وجود ونفوذ أشخاص مقربين من بشار والاستيلاء على أموالهم على نحو ما ظهر دورها في صراع بشار ورامي مخلوف.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت