من مدينة موسكو الروسية يطل السياسي السوري وزعيم “جبهة السلام والحرية”، أحمد الجربا من جديد، في زيارة لم تتضح أسبابها أو التفاصيل التي خرجت منها، خاصة أن ما رشح من تصريحات إعلامية لم يخرج عن إطار “ضرورة التوصل إلى حل سياسي بموجب القرار 2254”.
وهذه الزيارة ليست الأولى من نوعها للجربا، بل سبقتها الكثير، آخرها في يوليو/تموز العام الماضي، وكما هو الحال اليوم التقى في ذلك الوقت وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف والمبعوث الرئاسي الخاص للشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف.
وفي بيان نشرته الخارجية الروسية، اليوم السبت قالت إن لافروف “ركّز على حل الأزمة السورية في محادثاته مع أحمد الجربا”، وأنهما تبادلا الآراء حول تطورات الوضع في سورية، مع التأكيد على الحاجة إلى تعزيز العملية السياسية على أساس القرار 2254.
من جهته قال الجربا عبر “تويتر” إنه جرى “تبادل لوجهات النظر حول تطول الوضع في سورية، مع دفع الحوار السوري السوري بأشكال مختلفة”.
وأضاف في تصريحات إعلامية أن زيارته تأتي ضمن إطار “طرق أبواب الدول صاحبة الحل في سورية”، مشيراً إلى أن روسيا “أحد هذه الأبواب”.
خلال المحادثة، التي جرت اليوم الجمعة في العاصمة الروسية موسكو، جرى تبادل لوجهات النظر حول تطور الوضع في سوريا وحولها، مع التركيز على الحاجة إلى دفع العملية السياسية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 ، بما في ذلك من خلال إنشاء هيئة بناءة مستقرة. الحوار السوري السوري بأشكال مختلفة
— أحمد عوينان الجربا (@Ahmad_Aasi_alja) November 5, 2021
من هو الجربا؟
أحمد العاصي الجربا من مواليد مدينة القامشلي 1969، وأحد شيوخ عشيرة “شمر” في منطقة الجزيرة السورية، وكان قد ترأس “الائتلاف الوطني السوري” لدورتين متتاليتين على التوالي في يوليو/تموز 2013 والثانية مطلع عام 2014.
وفي 2014 كان قد تصدر اسمه حديث وسائل الإعلام بعد الزيارة التي أجراها إلى أمريكا، حيث التقى بالرئيس الأمريكي حينها، باراك أوباما، ليكون الشخصية الأولى المحسوبة على الثورة التي يكون لها هكذا نوع من اللقاءات.
وشارك الجربا في المحادثات الدولية بالشأن السوري في “جنيف 1” و”جنيف 2″، التي لم تقدم أي شيء على الوضع الإنساني في سورية.
وبعد رحيله عن “الائتلاف الوطني السوري” أسّس “تيار الغد السوري” في مارس/ آذار 2016 في مصر، وافتتح اجتماعه التأسيسي بنشيد “حماة الديار”، بحضور عدد من الشخصيات المصرية، أبرزها وزير الخارجية سامح شكري، والقيادي الفلسطيني في حركة “فتح”، محمد دحلان، المقرب من دولة الإمارات.
وبعد تأسيس تيار الغد وقع الجربا اتفاقاً مع “الإدارة الذاتية” شمال شرق سورية في العاصمة المصرية القاهرة، لرسم “الاستراتيجيات والعمليات العسكرية المشتركة”، ومن ثم شكّل ما يسمى بـ”قوات النخبة السورية”، وهي تشكيل جديد أتبعه لتياره، وأعلن سيطرته على قرى ومناطق في ريف الحسكة ودير الزور.
وتعمل “قوات النخبة” تحت قيادة التحالف الدولي، وتضم مقاتلين من عشائر عربية في دير الزور والرقة، وبرزت مشاركتها في معارك الرقة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ويبلغ عدد المقاتلين فيها حوالي ثلاثة آلاف مقاتل، بحسب ما أعلن الجربا في فبراير/ شباط 2017.
“جبهة سلام وحرية”
منذ تأسيس “تيار الغد” حاول الجربا عدم الخروج عن المشهد السياسي الخاص بسورية، وما بين الفترة والأخرى كان يطل بلقاءات مع مسؤولين لدول فاعلة في الملف.
ومن بين الدول روسيا، وقبلها أربيل عاصمة كردستان العراق وتركيا أيضاً، التي يدخل أراضيها بشكل دوري، بحسب ما تقول مصادر مقربة منه لموقع “السورية.نت”، لكنه لم يلتق منذ مدة طويلة مع أحد من مسؤوليها السياسيين.
وكثيراً ما تثير زيارات الجربا ولقاءاته السياسية الجدل حول الهدف والمسعى منها، خاصة تلك المتعلقة بروسيا، في ظل حديث عن نيته لعب دور ما في المرحلة المقبلة، سواء على صعيد المسار السياسي العام أو الميداني على الأرض الخاص بمناطق شرق سورية.
وفي يوليو /تموز 2020 كان الجربا قد أعلن عن تشكيل جبهة حملت اسم “السلام والحرية”، ليتحول منصبه منذ ذلك الوقت إلى زعيم ورئيس لها.
وتتألف الجبهة من تحالف كل من “المجلس الوطني الكردي” في سورية، و”تيار الغد السوري” و”المنظمة الآثورية الديمقراطية” و”المجلس العربي في الجزيرة والفرات”.
وحسب بيان التشكيل فإن “جبهة السلام والحرية، هي إطار لتحالف سياسي بين عدد من القوى السياسية السورية، التي تسعى لبناء نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي، يصون كرامة السوريين وحريتهم، لا مكان فيه للإرهاب والتطرف والإقصاء بكلّ أشكاله وتجلياته، تعمل وفقا للمبادئ والأهداف التي تم تضمينها في الرؤية السياسية”.
وأكد البيان أن “جبهة السلام والحرية تدعم الحل السياسي في سورية، وفق قرارات الشرعية الدولية وأهمها قرار مجلس الأمن 2254، وبيان جنيف1″، مشيراً إلى أن الجبهة “منفتحة على الحوار والعمل المشترك مع أطياف المعارضة السورية”.
وجاء تشكيل الجبهة في ظل تحركات متسارعة تشهدها مناطق شرق سورية، من قبل الأطراف الفاعلة على الأرض، وهي تحركات لا تبدو أبعاد اللاعبين فيها واضحة تماماً حتى الآن، سواء التي تسير عليها أمريكا وروسيا من جهة، وتركيا من جهة أخرى، وهي الدول الفاعلة في المنطقة، والتي بدورها تدعم قوىً محلية على الأرض.
بينما تتزامن زيارة الجربا إلى موسكو في الوقت الحالي مع تطورات معقدة تشهدها مناطق الشرق السورية.
وفي الوقت الذي تهدد فيه تركيا بشن عملية عسكرية ضد “وحدات حماية الشعب” تدخل روسيا على الخط، بمناورات برية وجوية وانتشار غير مسبوق، أما أمريكا فتشير معظم تصريحات مسؤوليها إلى عدم موافقتها على شن أي هجوم ضد القوات التي تدعمها لقتال تنظيم “الدولة الإسلامية”.