أزمة المحروقات مستمرة..سيناريو متكرر لـ”انفراجة” اسعافية
سلطت وسائل الإعلام الموالية لنظام الأسد، اليوم الثلاثاء، على خبر وصول ناقلتي نفط إلى بانياس، قادمة من إيران، زاعمة أنها ستؤدي إلى “انفراج” لأزمة المحروقات، الخانقة التي عاشتها مجدداً مناطق سيطرة النظام في الأسابيع الأخيرة.
ونقلت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية عن مصدر في وزارة النفط التابعة للنظام، قوله إن انفراجة ستحصل فيما يتعلق بأزمة البنزين والمازوت والفيول، اعتباراً من يوم غد الأربعاء، بعد وصول مليوني برميل من النفط الخام الإيراني، وبدء عملية التكرير.
وحاولت أغلب التغطيات في هذا الجانب، ربط “انفراجة” أزمة المحروقات، بزيارة رئيس النظام، بشار الأسد إلى طهران، الشهر الماضي، وبتفعيل الخط الائتماني الإيراني عقب هذه الزيارة.
كيف تُفهم خطوة إعادة تفعيل الخط الائتماني الجديد #طهران و #دمشق؟@mohmdkhdr #سوريا #إيران pic.twitter.com/edOecNrurg
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 14, 2022
وبحسب تصريحات إيرانية سابقة، فإن الهدف من الخط الائتماني بين النظام وإيران، هو تجاوز العقوبات المفروضة على الجانبين، خاصة بالنسبة لحكومة النظام، على اعتبار أن هذه الأموال ستسهم بتخفيف الضغوطات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات.
عقوبات إيران
وشحنت إيران ملايين البراميل من النفط الخام لمناطق سيطرة النظام، في السنوات الماضية، في انتهاك للعقوبات الأمريكية المفروضة ضد إيران، والعقوبات الأخرى ضد نظام الأسد.
وكشف مركز أبحاث الكونغرس الأمريكي، كمية النفط الموردة من قبل إيران إلى نظام الأسد خلال سنة 2021، رغم العقوبات الأمريكية.
وأصدر المركز في 2 يناير/ شباط الماضي، تقريراً بعنوان “عقوبات إيران“، للكاتب كينيث كاتزمان، الذي يقدم إلى أعضاء الكونجرس الأمريكي تقارير وملخصات، عن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية وتشريعاتها.
وحسب التقرير الذي ترجمه فريق “السورية.نت”، فإن إيران صدّرت النفط إلى أربعة دول عام 2021، هي الصين وسورية والعراق وفنزويلا.
وأشار إلى أن صادرات إيران من النفط إلى سورية، بلغت 96 ألف برميل يومياً، و600 ألف برميل للصين، و400 ألف برميل لكل من العراق وفنزويلا.
“سيناريو” متكرر
وتعاني مناطق سيطرة النظام من أزمة محروقات منذ سنوات، زادت حدتها خلال الأيام الـ 10 الأخيرة، حيث يجد المواطنون صعوبة في توفير البنزين والمازوت وغيرها من المشتقات النفطية، إلى جانب انعكاس ذلك على قطاع الكهرباء عبر زيادة ساعات التقنين.
وأرجع مسؤولو حكومة الأسد ذلك، إلى توقف التوريدات النفطية من إيران، والعقوبات الغربية التي تعيق وصولها.
واللافت أن ذات السيناريو يكاد يتكرر في كل عام، من خلال أزمة خانقة تعيشها مناطق النظام، وتصل إلى مرحلة متقدمة جداً، تُبرر بالعقوبات الغربية التي تُقيّد وصول نفط “الحليف الإيراني”، يعقبها وصول شحنات منه، لتبدأ وسائل إعلام النظام بالترويج لـ”إنفراج الأزمة”، وحل المشكلة إلى غير رجعة.
لكن ما أن تمر أسابيع أو أشهر قليلة، حتى تنحسر الموارد النفطية، وتبدأ أزمة جديدة تصل إلى مرحلة متقدمة جداً، لتبدأ الوعود بالحل، الذي يحمل عقب ذلك ذات السيناريو، من خلال وصول ناقلات نفط إيرانية، يتم التسويق لها إعلامياً وسياسياَ.
وحصلت “انفراجة” لأزمات مشابهة في منتصف عام 2019، وكذلك في أبريل/ نيسان 2020، وفي صيف 2021.
العامل المشترك بين هذه “الانفراجات” أنها تكون محدودة فعلياً في المراكز الرسمية التي تبيع بالسعر المدعوم، لكن الأزمة تبدو أقل حضوراً في قنوات السوق السوداء التي تباع فيها المحروقات بأسعار مضاعفة.
الحاجة الفعلية
وتحدث مدير شركة المحروقات “سادكوب” السابق، مصطفى حصوية، في مقابلة مع الإخبارية السورية، في أبريل/ نيسان 2019، عن حاجة سورية الفعلية من النفط الخام لإنهاء أزمة خانقة مشابهة عاشتها مناطق النظام حينها.
وقال حصوي، إن الحاجة اليومية تبلغ 100 ألف برميل من النفط الخام يومياً، وإذا ما جرى ربط هذا الرقم، بكميات النفط التي وصلت عبر ناقلتي النفط الواصلة من إيران اليوم، فإنها لن تكفي لأكثر من 20 يوماً.
وبالمقابل، يطرح وصول الناقلتين، تساؤلات حول التوقيت، وإن كان ذلك مرتبط بالتجاذبات الحاصلة بين حليفي نظام الأسد الرئيسيين(روسيا وإيران)، في العديد من القضايا المرتبطة بالشأن السوري، وجدوى وصولها اليوم على الواقع الاقتصادي والمعيشي؟
حلول “إسعافية”
يؤكد الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، محمد العبدالله، أنه “على مدار الأعوام الماضية، شكلت أزمة المحروقات أحد أبرز التحديات التي واجهها نظام الأسد، باعتبارها أزمة مركبة متعددة الأبعاد يمتزج فيها البعد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي”.
وأضاف العبدالله في حديث لـ”السورية نت”، أن النظام حاول جاهداً العمل على “استدامة توريد هذه المادة”، وتوفيرها في مناطقه، سواء عن طريق الاستيراد الخارجي، أو الإنتاج المحلي، أو من خلال الاعتماد على شبكات التهريب.
وأشار الباحث، إلى أن النظام “اتبع إجراءات وسياسات حكومية للتقنين، ورفع الدعم ورفع الأسعار وتقليص المخصصات عله يتمكن من تخفيف تداعياتها، وتفادي السخط الشعبي، لكنه لم يتمكن من وضع حلول مستدامة لمعالجتها”.
ونوه في هذا الإطار، إلى”المساومة السياسية التي يتعرض لها من قبل إيران لمده بشحنات الوقود، عبر الخطوط الائتماينة.،ويضاف إليها حالياً الارتفاع المضطرد في أسعار الوقود على المستوى الدولي”.
وحول جدوى وصول الناقلتين اليوم على أرض الواقع، يرى العبدالله بأن “الحلول المرتبطة بأزمة الوقود ستظل اسعافية، ووصل ناقلتي النفط مؤخراً سيسهم في التخفيف من التداعيات لفترة زمنية غير مستديمة، وهو ما تكرر خلال الأعوام الماضية”.