تجري روسيا وإيران عمليات تنسيق “هادئة” في سورية من أجل الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب ما قال مسؤول أمريكي، متحدثاً عن “أدلة ومؤشرات”.
وقال المسؤول لموقع “المونيتور“، اليوم السبت إن “روسيا تحاول إخراج الولايات المتحدة من المجال الجوي السوري بينما يواصل الحرس الثوري الإيراني تدفق الأسلحة المستخدمة لمهاجمة القواعد الأمريكية داخل البلاد”.
ورغم أن الطيارين الروس تراجعوا عن الموجة الأخيرة من الرحلات الجوية المسلحة المهددة فوق القواعد الأمريكية بينما صمتت الهجمات التي تنفذها ميليشيات إيران، إلا أن العديد من المؤشرات تقود إلى ترتيب جديد.
وأضاف المسؤول أن “المؤشرات تقود إلى أن القادة العسكريين الروس في سورية ينسقون بهدوء مع الحرس الثوري الإيراني بشأن خطط طويلة الأجل للضغط على الولايات المتحدة لسحب قواتها من البلاد”.
وأوضح: “هناك تلاقي مصالح بين هذه المجموعات الثلاث الإيرانيين والروس والسوريين”.
“أدلة على التخطيط”
وكان المجال الجوي السوري قد شهد خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من حادثة احتكاك بين الطائرات الحربية الروسية والطائرات المسيّرة الأمريكية التي تجري عمليات مراقبة باستمرار.
وبينما اتهمت الولايات المتحدة موسكو بإجراء “أنشطة استفزازية” وجهت الأخيرة ذات الاتهام، وتحدثت عن أكثر من 10 تحرشات أمريكية بطائراتها في المجال الجوي السوري.
وقال المسؤول الأمريكي إنه “يرى أدلة من التخطيط على المستوى العملياتي بين قيادة فيلق القدس المتوسط المستوى التي يعمل في سورية والقوات الروسية العاملة هناك”.
وفي حين رفض المسؤول مناقشة طبيعة الأدلة، إلا أنه وصف التعاون بـ”تخطيط تعاوني، وفهم تعاوني، وتبادل معلومات استخباراتية” على مستوى “متوسط إلى أعلى رتبة” للجيشين الروسي والإيراني.
وأضاف: “بصراحة، [إنها] نفس الأشياء التي سنفعلها مع شركائنا في مواجهة شيء كنا نحاول تحقيقه”.
“نراهم يفعلون ذلك من جانبهم، وهم يحاولون التفكير في كيفية مزامنة الأشياء المختلفة التي تقوم بها أذرعهم المختلفة من أجل ممارسة هذا الضغط علينا”.
وأشار المسؤول إلى حادثة الأسبوع الماضي، بعدما أقدم طيارو Su-35 الروس على مضايقة 3 طائرات مسيرة أمريكية من طراز MQ-9 بينما كانوا يستعدون لشن هجوم على أحد كبار قادة تنظيم “الدولة الإسلامية” في شمال غرب سورية.
“لا انسحاب”
وينفي مسؤولو البنتاغون أن يكون لأعمال قواتهم في سورية أي علاقة بالاستفزازات الروسية والإيرانية.
ويقولون إنهم يعتقدون أن الردود الأمريكية الأخيرة قد أوقفت دورة التصعيد في الوقت الحالي.
وقال كبير مديري العمليات في الأركان المشتركة، اللفتنانت جنرال دوغلاس سيمز، للصحفيين في وقت سابق من هذا الأسبوع: “لا نتوقع أي مشكلة، ولا نرى مستوى من التصعيد نشعر بالقلق حياله في سورية”.
ومع ذلك، لا تزال المجموعة المتبقية المكونة من حوالي 900 جندي أمريكي في سورية معرضة للخطر.
وفي السابق، كان نهر الفرات بمثابة حدود معترف بها بشكل متبادل بين الجيوش المتنافسة.
وجادل المسؤول العسكري الأمريكي البارز يوم الجمعة لـ”المونيتور” بأنه سيكون من غير الحكمة التخلي عن أي مساحة أو مجال جوي إضافي للقوات الروسية والإيرانية في سورية.
وأضاف: “لأنه بمجرد أن تفعل ذلك، سينتقلون فقط إلى المكان التالي وسيواصلون محاولة الضغط عليك”.
وأفاد موقع “المونيتور” لأول مرة في فبراير/شباط الماضي عن مخاوف بين كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين بشأن احتمال التعاون الروسي والإيراني ضد الوجود الصغير للقوات الأمريكية في سورية، كنتيجة للدعم العسكري الإيراني لحرب الكرملين في أوكرانيا.
وفي الشهر الماضي، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” وثيقة مسربة للبنتاغون تكشف أن القادة الروس والإيرانيين اتفقا على تشكيل مركز عمليات مشترك لتنسيق الجهود للضغط على القوات الأمريكية في سورية.
“لا معركة كبيرة”
وتحتفظ الولايات المتحدة بقواتها في سورية في أعقاب الحملة متعددة الجنسيات ضد “الدولة الإسلامية” في ظل سلطات منحها الكونغرس في الأصل عام 2001 لتمكين إدارة جورج دبليو بوش من ملاحقة مخططي هجمات 11 سبتمبر.
وتتركز القوات الأمريكية اليوم في أقصى شمال شرق البلاد وفي موقع بعيد للعمليات الخاصة يعرف باسم قاعدة التنف.
في المقابل يدعم كل من الجيش الروسي و”فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني نظام الدكتاتور بشار الأسد.
لكن التنافس بين الاثنين على النفوذ في مناطق رئيسية والوصول إلى القواعد أعاق منذ فترة طويلة التنسيق رفيع المستوى ضد منافسهما المتبادل (أمريكا).
وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، بدأ الطيارون المقاتلون الروس ينتهكون بشكل متزايد بروتوكولات المجال الجوي المتفق عليها مع القادة الأمريكيين في سورية.
وتم ذلك من خلال التحليق على ارتفاع منخفض فوق القواعد الأمريكية هناك، وخاصة قاعدة التنف.
وقال مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى يوم الجمعة: “لم يكن هناك شيء مختلف في سلوكنا على الإطلاق عما كنا نفعله منذ خمس سنوات”.
وأوضح المسؤول أن الخط الهاتفي “الساخن” الذي تم إنشاؤه في عام 2016 للحد من فرص اندلاع حريق بين الجانبين الأمريكي والروسي لا يزال نشطاً.
وكشف بالقول: “لم تكن لدينا أوقات رفضوا فيها الرد على الهاتف”.
ومع ذلك، يقدر كبار الضباط الأمريكيين أنه لا القادة الروس ولا الإيرانيون في سورية يريدون الدخول في معركة كبيرة مع خصومهم الأمريكيين في أي وقت قريب.
واعتبر المسؤول الأمريكي الكبير أن “الجنرالات [الروس] المسؤولين في سورية هم في الغالب جنرالات أرسلوا من أوكرانيا بعد فشلهم في إحدى عمليات الدفع إلى كييف أو في دونباس”.
وعندما أعيد تكليفهم بأدوار قيادية كبيرة في سورية، قال المسؤول إن “لديهم شيء لإثباته”.