أعلن “الائتلاف الوطني السوري” تشكيل “المفوضية العليا للانتخابات”، في خطوة هي الأولى من نوعها، وتستبق الانتخابات الرئاسية في سورية، التي يحاول نظام الأسد المضي فيها، بعيداً عن أي حل سياسي ودون الالتزام بالقرارات الدولية، وخاصة قرار مجلس الأمن 2254.
جاء ذلك ضمن قرار داخلي تأكدت “السورية.نت” من صحته، اليوم الجمعة، وقضى بأن يتم إنشاء “المفوضية العليا”، على أن تقوم بأعمالها بعد تأمين البيئة المحايدة والآمنة، وتحت إشراف الأمم المتحدة، وفقاً لمقتضيات بيان “جنيف 1″ و”القرار 2254”.
ويعتبر إنشاء “المفوضية العليا للانتخابات” خطوة هي الأولى من نوعها من جانب المعارضة السورية، وتأتي بالتزامن مع سريان مسار اللجنة الدستورية السورية، والتي من المفترض أن تضع دستوراً جديداً لسورية، أو تجري تعديلات على الدستور الحالي.
وحتى الآن عقد القائمون على اللجنة الدستورية ثلاثة اجتماعات، لم تُنضج مسار الحل السياسي لسورية، على أن يُعقد اجتماعين لاحقين، الأول أواخر الشهر الحالي، والثاني في مطلع كانون الثاني 2021.
وحدد “الائتلاف” الهدف من “اللجنة العليا” بـ”تمكين قوى الثورة والمعارضة السورية من خلال ممثلها الشرعي، من المنافسة في أي انتخابات مستقبلية سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو محلية”.
ومن ضمن الأهداف أيضاً: “تهيئة الشارع لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي”.
“سنشارك بشروط”
ولم يذكر “الائتلاف” في قرار إنشاء “المفوضية العليا” بالاسم تحضيره للانتخابات الرئاسية المقبلة في سورية، في عام 2021، وترك الباب مفتوحاً أمام جميع الاستحقاقات الانتخابية.
لكن الصيغة التي جاء بها البيان قادت إلى الانتخابات المزمع عقدها في العام المقبل، والتي كان مسؤولو نظام الأسد قد أكدوا في الأشهر الماضية إجرائها في وقتها، وفق “الدستور القائم ودون أي تدخل خارجي”، حسب قولهم.
في حديثٍ لـ”السورية.نت” يقول نائب رئيس “الائتلاف”، عقاب يحيى إن خطوة تشكيل “المفوضية” تأتي في إطار التحضير المستمر لـ”الائتلاف” للسلال الأربعة، المحددة في “جنيف 4″، ومن بينها “سلة الانتخابات”.
ويضيف يحيى أن “المفوضية” لن تخوض غمار انتخابات 2021، إلا في حال وجدت شروط البيئة الآمنة والمحايدة، وتحت إشراف الأمم المتحدة.
وفي حال لم يتم ذلك ولم تتهيأ “الظروف الآمنة” التي يبتعد عنها نظام الأسد ولم يلتزم بها، يشير نائب “الائتلاف”: “ستعمل في اتجاه آخر لن نصرح به حالياً”.
ويوضح المسؤول في “الائتلاف” أنهم يعلمون أن نظام الأسد “لن يلتزم ولن يهيئ أي ظروف محايدة للانتخابات”، كما لن يسمح بأي مخرج من اللجنة الدستورية السورية، في إطار العمل على دستور جديد.
ويقول يحيى: “كان علينا أن نستعد في حال اضطررنا للسير نحو الانتخابات أن يكون لدينا مفوضية عليا”.
وفي وقت سابق من العام الحالي كان نظام الأسد قد فصل الانتخابات الرئاسية المقبلة في سورية، المزمع إجرائها في النصف الأول لسنة 2021 عن أعمال اللجنة الدستورية السورية، والتي عقدت ثلاث جولات من اجتماعاتها في العاصمة جنيف.
ما سبق جاء حينها على لسان وزير خارجية النظام السابق، وليد المعلم في مؤتمر صحفي، أيلول الماضي، وقال إن إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في سورية ليس مرتبطاً بنشاط اللجنة الدستورية في جنيف.
وأضاف المعلم حينها، أن الانتخابات الرئاسية في سورية ستقعد في موعدها عام 2021، معتبراً أن “أي مواطن لا يتعارض ترشيحه مع مقتضيات الدستور يمكنه المشاركة”.
لا يمكن أن يكون هناك حل في سورية بوجود المجرم بشار الأسد وأعوانه ولا يمكن للائتلاف ولا للشعب السوري في أغلبه المشاركة أو الاعتراف بانتخابات يشارك فيها هذا القاتل وتشكيل مفوضية الانتخابات يأتي ضمن جهود الاستعداد لتطبيق كل بنود بيان جنيف والقرار ٢٢٥٤ في مرحلة سورية ما بعد الأسد .
— د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) November 20, 2020
مهام وآلية عمل
ويبدو أن تشكيل “اللجنة العليا للانتخابات” لم يكن قراراً سريعاً من جانب “الائتلاف”، بل كان على نحو مدروس، وهو ما أشار إليه “عقاب يحيى” بالقول: “كان لدينا في هيئة التفاوض في وقت سابق لجنة خاصة بالانتخابات، وتعمل منذ سنوات على دراسات تصب في أجوبة العديد من الأسئلة”.
أبرز الأسئلة، حسب يحيى: “كيف ستجري انتخابات نزيهة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة؟، ما هي الانتخابات؟ وما هي الأصوات ومن هم المرشحون؟”.
وبموجب القرار الداخلي لـ”الائتلاف” فقد حدد مهام وآلية عمل “المفوضية”.
ومن أبرز مهامها: “تعزيز شرعية قوى الثورة والمعارضة السورية، وتعزيز مبدأ المشاركة الفاعلة من خلال الترشح والانتخاب، وإيجاد آليات من أجل مشاركة واسعة من السوريين في الداخل والخارج”.
في حين وضمن آليات اللجنة، فمن المقرر أن تدرّب كادر فني متفرغ وفرق عمل في جميع المناطق في الداخل السوري، وفي دول اللجوء الأساسية، كتركيا والأردن ولبنان وألمانيا وفرنسا.
وأيضاً تحددت الآليات بـ”تشبيك ودعم كيانات الثائرين والمعارضين في دول الاغتراب، بحيث تتمكن هذه الكيانات من دعم الائتلاف في ملف الانتخابات وتمكنه من تمثيل الشعب السوري بشكل حقيقي”.
“قناعة بعدم التغيير”
إلى ذلك أشار نائب رئيس “الائتلاف”، عقاب يحيى إلى أن المعارضة السورية لديها “قناعة” بأن الوضع السياسي في سورية لن يتغير، في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية.
ويقول خلال حديثه لـ”السورية.نت”: “سيترشح بشار الأسد، ومن هنا سنرفض بالقطع المشاركة في الانتخابات التي تكرّس النظام، ومن أجل أن يكون لموقفنا أثر يجب أن يقترن بخيارات أخرى”، في إشارة إلى “اللجنة العليا للانتخابات”.
ويضيف يحيى: “نحن متمسكون بثوابت الثورة والعملية الانتقالية، وإسقاط النظام السوري، والتغيير إلى نظام ديمقراطي بعيداً عن المجرمين والقتلى”.
وتأسس “الائتلاف الوطني السوري” في تشرين الثاني 2012، في العاصمة القطرية الدوحة، ويقدم نفسه كمظلة جامعة للمعارضة ضد نظام الأسد.
ويرأسه في الوقت الحالي “نصر الحريري”، وهو طبيب معارض من مواليد مدينة درعا عام 1977، وكان سابقاً في منصب رئيس “الهيئة العليا للمفاوضات السورية”.