الازدحام داخل العيادات العامة في إدلب يرهق المرضى.. أسباب وحلول
يعاني المرضى والمراجعون لمستشفيات ومراكز محافظة إدلب الصحيّة باختلاف تخصصاتها، من “الدور الطويل” والازدحام داخل قاعات الانتظار، في ظل محدودية الكوادر الطبية والمرافق الصحية.
ويتركز “الدور الطويل” والازدحام في المستشفيات المركزية التي توفر تخصّصات نادرة، مثل مستشفيات “الرحمة، وإدلب المركزي، والجراحي التخصصي، وأطمة الخيري، وعقربات، وباب الهوى”، إلى جانب جميع مستشفيات الأطفال والنسائية، وفقاً لـ”مديرية صحة إدلب”.
وتقول أرقام المديرية، إن المستشفيات في محافظة إدلب يبلغ عددها 50 مستشفى، وحوالي 75 مركزاً صحياً، و20 مركز خدمات تخصصية (غسيل كلى وثلاسيميا وأشعّة وسل).
وتشير الإحصاءات التي حصل عليها موقع “السورية.نت”، إلى أنّ المستشفيات تحتوي حوالي 2400 سرير، نسبة 80% منها فعّال على مدار العام، أما الأطباء فيبلغ تعدادهم 940 طبيباً فقط، بين عام واختصاصي.
الحجز بعد أسبوع
منذ الساعة 8 صباحاً وحتى الساعة 10 ونصف، ينتظر قدور حبيش دوره أمام العيادة “البولية” في قسم “عيادات مستشفى باب الهوى”، قادماً من منطقة “دير حسان” شمالي إدلب.
يقول قدور لـ”السورية. نت”: “حتى الآن لم يصل الدكتور إلى العيادة بعد، قدمتُ إلى العيادة من أجل تصوير إيكو، إذ أعاني من البروستات، لكن الانتظار طال جداً وأنا إلى جانب مرضي هذا، أعاني من الديسك”.
يوضح قدّور وهو صاحب ترتيب 13 على الدّور: “أنتظر دوري لأكثر من ساعتين ونصف ولم يصل الدكتور بعد، وربما أنتظر بذات القدر من الوقت بعد وصول الدكتور ليحين موعد دوري.. هذا الأمر متعب جداً، لكن لا خيارات كثيرة أمامي”.
استغرق حجز الموعد في العيادة “العصبية” لدى مصعب الحسين، مدة أسبوع كامل عبر “الحجز الهاتفي” في قسم عيادات مستشفى “باب الهوى”، لكن معاناته لم تقتصر على هذا الانتظار الطويل من أجل الحصول على حجز.
يقول الحسين في حديثٍ لـ”السورية. نت”: “وصلنا إلى العيادة في الساعة 8 ولم يصل الطبيب حتى الساعة 10، أي بعد ساعتين من الانتظار، وأخبرونا الإدارة أن الطبيب مناوب في المستشفى ويجري عمليات”.
ويضيف: “هذا القسم مهم في العيادات ونطالب برفده بكادر إضافي ينوب عن الطبيب المناوب، نظراً لما نعانيه من انتظار طويل وازدحام على باب العيادة”.
أما ضرار غراب وهو مهجّر من مدينة عندان شمالي حلب، يقول إنّ “المشكلة التي نعاني منها كما ترى الدور الطويل.. أحياناً نضطر للعودة في اليوم التالي للحصول على الخدمة الطبية بسبب ازدحام المراجعين الكبير”.
ويؤكد في حديثٍ لـ”السورية. نت”، أنّ “عيادات مستشفى باب الهوى قدّمت لزوجتي خدمات طبية غاية في الجودة وتحسنت جداً.. وفقط عانينا خلال فترة العلاج الطويلة والمراجعات من الدور الطويل والحجوزات المتعبة”.
“عيادات نوعيّة ومتنوعة”
يُرجع عبد الرحمن حاج حسن، المسؤول الإداري في “عيادات مستشفى باب الهوى” المدعوم من منظمة “سامز”، أسباب الازدحام إلى “توفير القسم عيادات نوعيّة وشاملة تضم مختلف الاختصاصات الجراحية، إلى جانب كونه مركز معتمد لتحويل الحالات المرضية إلى تركيا”.
ويبلغ أعداد المراجعين لـ”قسم العيادات” شهرياً حوالي 7 آلاف مريض.
ويضيف حاج حسن في حديثٍ لـ”السورية. نت”: “الخدمة جيدة جداً ونوعية، لكن نعاني من الازدحام الشديد، إذ يصل المراجعين إلينا من كافة مناطق شمال غربي سورية، من مدينة الباب شرقي حلب حتى مدينة جسر الشغور غربي إدلب”.
ويتابع: “العيادة الداخلية القلبية هي الأكثر ازدحاماً على اعتبارها تقدم خدمات نوعيّة ونادرة في المنطقة، لكن بعد افتتاح عيادتين مؤخراً بدأنا نستوعب الأعداد الكبيرة المراجعة للعيادة، وأيضاً هناك عيادة الداخلية العصيبة تعاني من ضغط كبير وتحتاج إلى توسعة وزيادة أعداد الأطباء”.
وحول تأخير الحجز لأسبوع أحياناً، يقول: إنّ “الأمر اضطراري حتى إمكانية استقبال هذه الأعداد الضخمة من المراجعين، وضمان وصول الخدمة لجميع المرضى الذين يحجزون عبر الرقم”.
وعلى الرغم أنّ الحجز المسبق عبر الـ “واتس اب”، يوضح الحاج حسن: “تركنا نسبة 30% من مدة الخدمة ضمن العيادة للحالات الإسعافية أو ممن غير قادرين على الحجز عبر الهاتف خاصةً المتقدمين في العمر”.
كثافة سكانية و”فقر”
بدوره، يقول سالم عبدان، مدير صحة إدلب لـ”السورية. نت”، إنّ “أهم أسباب الازدحام في المستشفيات والمراكز الصحية هو الضغط السكاني والفقر الموجود في المجتمع والتوجّه الكبير نحو الخدمة المجّانية”.
ويقطن في إدلب حوالي 2.8 مليون نسمة، نسبة 80% منها تحت خطّ الفقر، وفقاً لمدير الصحّة.
ويتابع حديثه حول أسباب الازدحام والضغط على المرافق الصحية: “من الأسباب أيضاً نقص عدد الأطباء خاصةً بالاختصاصات الفرعية، إلى جانب تلقّي نفس الخدمة من نفس المستفيد من عدة مراكز ومستشفيات”.
ويلفت سالم في ختام حديثه إلى أهمية تنظيم الدور، ضمن الإجراءات التي تسعى مديرية الصحة لتعميمها على المستشفيات والمراكز الصحية، والتي غالباً ما تكون عبر توفير روابط تسجيل وأرقام تواصل للحجوزات المسبقة.
ويضيف عن جملة إجراءات المديرية لمواجهة الازدحام: “نسعى بشكل دائم لاستمرار دعم المستشفيات وعدم حدوث فجوات بالدعم، بالإضافة إلى زيادة عدد الأطباء الأخصائيين عبر الهيئة السورية للاختصاصات (SBOMS)”.
ويردف في ختام حديثه: “هناك محاولات دائمة لزيادة عدد المراكز الصحية التي تقدم خدمة الرعاية الأولية وتوزيعها بكامل مناطق إدلب لتخفيف العبء عن المستشفيات”.