“الباب مغلق أمام الحل”.. تحليل للسياسة التركية تجاه سورية وتوقعاتها
في مقال نشرته صحيفة “حرييت” التركية، اليوم الخميس، لخّصت عبره السياسة التركية تجاه سورية لعام 2023، وما المتوقع للملف السوري خلال العام الجديد، خاصة في ظل تأثر سورية بالحرب الإسرائيلية على غزة.
وجاء في المقال الذي كتبه سادات أرجين، أنه “عندما ننظر إلى العام الماضي، يمكننا القول إن صورة انقسام البلاد على الجبهة السورية وعدم وجود حل لها، ظلت على حالها”.
معتبراً أن الوضع القائم ينذر بجمود الملف السوري حتى عام 2030 على الأقل.
وأضاف: “لن يكون من الخطأ الاستنتاج بأن حالة الانقسام الحالية أصبحت راسخة، باعتبارها الوضع الراهن في سورية”.
جهات عدة في الميدان
وبحسب الكاتب التركي فإنه “مع هذا الوضع المسدود، هناك نظام تعرض لأضرار بالغة بسبب الحرب، باعتباره السلطة المركزية في سورية، لكنه تمكن من البقاء، رغم أنه يعاني من مشاكل ضخمة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي”.
وقال: “إن الرئيس السوري بشار الأسد، زعيم هذا النظام، لا يملك القدرة على تحقيق مطالبه بالسيادة على أرض الواقع، في منطقة من أراضي البلاد لا يمكن الاستهانة بها من حيث المساحة”، في إشار منه إلى الشمال السوري.
وأوضح أن ما يقرب من ثلث البلاد شرق الفرات مغلق أمام النظام السوري، ويخضع لحكم “الإدارة الذاتية” التي تقودها كوادر “وحدات حماية الشعب”، وهي امتداد لـ “حزب العمال الكردستاني” في سورية، تحت رعاية الولايات المتحدة.
كما أن منطقة ريف حلب في شمال البلاد، والتي تعادل ثلثي الحدود مع تركيا وتمتد بمتوسط عمق 30 كيلومتراً في الأراضي السورية، تقع تحت سيطرة “الجيش الوطني السوري” والقوات المسلحة التركية، تحت رعاية تركيا.
وتتأثر، وفق الكاتب، منطقة إدلب شمال غرب سورية، بالتنظيم المسمى “هيئة تحرير الشام”، والمسجل كمنظمة “إرهابية” من قبل مجلس الأمن الدولي، وتخضع المنطقة لإدارة “حكومة الإنقاذ”.
وتحافظ القوات المسلحة التركية أيضاً على وجود عسكري كبير في هذه المنطقة، حيث يعيش ما يقرب من مليوني نازح، “لتوفير الردع ضد موجة الهجرة المحتملة”.
الباب مغلق أمام الحل
بحسب مقال “حرييت”، فإن وجود أكثر من لاعب دولي على الأراضي السورية قد يؤخر التوصل لحل سياسي للملف السوري، بسبب سعي اللاعبين الدوليين للحفاظ على مصالحهم.
وجاء فيه: “يستمر الوجود العسكري الروسي القوي في البلاد، خاصة مع وجود قواعد جوية وبحرية، رغم انسحاب مجموعة فاغنر”.
والدولة الأخرى التي لديها قوة عسكرية كبيرة على الأرض في سورية هي إيران، لافتاً إلى أنه “يمكن لهذه الدولة أن تمارس تأثيراً كبيراً على الميدان في سورية، من خلال مستشاريها العسكريين والوحدات التابعة للحرس الثوري الإسلامي ومجموعات الميليشيات القريبة منه”.
وأضاف “لا ينبغي لنا أن نتوقع من الوضع الذي ينتشر فيه هذا العدد الكبير من الجهات الفاعلة، التي تسعى جميعها إلى تحقيق مصالح مختلفة إلى حد ما، أن يؤدي إلى الاستقرار أو فتح الباب أمام حل سياسي”.
وفي هذا السياق، ليس من المستغرب أن محاولات إيجاد حل سياسي للملف السوري بقيادة الأمم المتحدة لم تحقق أدنى تقدم منذ سنوات، وفق “حرييت”.
واعتبرت أنه “ما لم يتم التوصل إلى تسوية مفاجئة بين اللاعبين الرئيسيين، أو تغيير جذري من شأنه أن يغير التوازنات على الأرض بشكل كبير، فإن ضوء الحل السياسي لا يبدو في المتناول”.
الصراع مع إيران يمتد لسورية
يرى مقال “حرييت” أن العامل الذي ينبغي أن نشير إليه كعنصر جديد في التأثير على هذه الصورة هو “الصدمة الكبرى” التي أحدثتها حرب إسرائيل في غزة، والتي انتهكت كافة معايير القانون الإنساني والدولي، في المنطقة برمتها.
واعتبر أن حرب غزة هي أيضاً حرب بين إسرائيل وإيران، التي تدعم “حماس” بقوة، ولطالما اعتبرت إسرائيل إيران تهديداً أمنياً كبيراً لها.
وبهذا الصدد، فإن الحرب في غزة بين إيران وإسرائيل “لديها القدرة على الظهور في سورية أيضاً”.
وقبل الحرب على غزة، كان الموقف الذي تمت مواجهته بشكل متكرر هو قيام إسرائيل من حين لآخر بتنفيذ عمليات عسكرية محددة تستهدف الوجود العسكري الإيراني في سورية.
وتكثفت هذه العمليات العسكرية أكثر بعد حرب غزة، وشملت استهداف رضى موسوي، أحد قادة “الحرس الثوري” الإيراني، في غارة جوية إسرائيلية على أحد أحياء دمشق في 25 كانون الأول الماضي.
ويحدث وضع مماثل في سورية بين الولايات المتحدة وإيران، وكذلك إسرائيل.
إذ نفذت الجماعات الموالية لإيران، المتمركزة في سورية، سلسلة من الهجمات التي استهدفت وحدات عسكرية أمريكية، بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
وبالمثل، فإن القوات الأمريكية في العراق مستهدفة أيضاً بهجمات من قبل الجماعات الموالية لإيران.
وبحسب تقرير لوكالة “فرانس برس” يستند إلى مصادر عسكرية أمريكية، فقد وقعت حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي 103 هجمات من هذا القبيل في سورية والعراق، منذ أكتوبر الماضي.
وترد الولايات المتحدة على هذه الهجمات بضرب أهداف إيرانية بين الحين والآخر.