نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تقريراً حول زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، للصين، تساءلت خلاله عن إمكانية إقامة “شراكة استراتيجية” فعلية بين الطرفين، نظراً لموقع الأسد “المنبوذ” غربياً واستقطاب الصين للحكام “الديكتاتوريين”.
وجاء في التقرير، الصادر أمس الثلاثاء، أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أصبح معتاداً على ظهور “الديكتاتوريين” على عتبة بابه.
فقد زار الزعيمان الفنزويلي والإيراني الصين هذا العام، على أمل جني المكافآت من خلال تقديم أنفسهما كضحايا للحرب المالية الأمريكية، وفق الصحيفة.
وأضافت: “الأسبوع الماضي، أصبح الأسد هو المتوسل، وليس من الواضح بعد ما إذا كان سيقنع شي جين بينغ بتمويل إعمار سورية”.
هل سيقنع الأسد الصين؟
واعتبرت الصحيفة أن الرئيس الصيني حذر بشأن التحالف الوثيق مع الأسد، مشيرة إلى أنه بالرغم من أن الرئيس بوتين مشتت بسبب حربه على أوكرانيا، إلا أن روسيا تظل الحليف الأساسي للأسد.
وجاء في التقرير: “ربما تبدو سورية بالنسبة لموسكو وكأنها حفرة أموال، حيث أن بنيتها التحتية مدمرة، واحتياجاتها السكنية لا نهاية لها”.
وأردف: “لن يتمكن الأسد من تحقيق التعافي المعجزة الذي وعد به الرئيسان الصيني والروسي، إلا إذا تمكن من تقديم عرض جذاب لملايين اللاجئين في الشتات للعودة إلى الوطن الأم والتحول إلى قوة عمل شابة ومتحمسة”.
وهذا بدوره يتوقف على “برنامج جدير بالثقة للتحديث والإصلاح السياسي، وبنظر المستثمرين وضع حد للفساد النظامي الذي يبدأ من القمة، مع عائلة الأسد الممتدة”.
وبحسب الصحيفة فإن التضامن بين الديكتاتوريين “أمر مكلف”، و”يجب أن يعلم الرئيس الصيني أنه سيندم على مساعدة الأسد في الخروج من عزلته”.
ولكن “هناك حجة حاسمة لصالح تجنب الأسد مثل الطاعون، خاصة أن الأسد ومن أجل الحفاظ على التدفقات النقدية إلى الأسرة والنخبة، سمح لبلده بالتحول إلى دولة مخدرات”.
الصين ووصمة المخدرات
جاء في تقرير “التايمز” أن إنتاج الكبتاغون يتم بكميات ضخمة في سورية ولبنان، برعاية نظام الأسد.
ويقول باحثون مستقلون إن المنتج يصل بشكل أقراص إلى العملاء في المملكة العربية السعودية والأردن، لكنه انتشر في جميع أنحاء المنطقة.
وأكدت تقارير غربية أن أفراد عائلة الأسد يحصلون على شريحة من الأرباح السنوية البالغة ملياري دولار.
وكان للسلطات الصينية الكثير من التعاملات مع الحكومات الفاسدة، ويُزعم أن الصفقات التي تم التوصل إليها داخل مبادرة الحزام والطريق وما حولها قد تم تزويدها بالمكافآت.
لكن النظام السوري، الذي أصبح “شريكاً استراتيجياً” للصين، والذي يجني الأموال من تجارة المخدرات، لن يلقى قبولاً لدى شي جين بينغ، وفق “التايمز”.
وذلك على اعتبار أن العقيدة السياسية للرئيس الصيني هي أن بلاده يجب أن تتخلص من الإذلال الذي ألحقته بها “القوى الإمبريالية”، وبالمقام الأول تجارة الأفيون، التي اندلعت بسببها حرب طاحنة بين الصين وبريطانيا في أربعينيات القرن التاسع عشر.
واندلعت الحرب حينها بعد محاولات الصين للتصدي لتجارة الأفيون التي كان يمارسها تجار بريطانيون بشكل غير مشروع بين الهند والصين.
وقد أدى انتشار الأفيون في الصين إلى إدمان الشباب الصيني وظهور مشكلات اجتماعية واقتصادية خطيرة، فقررت الحكومة الصينية مكافحته.
وبحسب تقرير “التايمز” فإن ذلك سيجعل الرئيس الصيني “حذراً” من العلاقات التجارية مع دول المخدرات، ومن بينها سورية التي يحكم الأسد أجزاءً كبيرة منها.
وختم بالقول أن “عملية إعادة تأهيل عائلة الأسد تتقدم بسرعة كبيرة، دون أي مساءلة عن جرائمهم، مثل البراميل المتفجرة التي سقطت على طوابير الخبز، والهجمات بالغاز الكيماوي، وتدمير المدارس”.
وأضاف موجهاً كلامه للرئيس الصيني “فكر مرة أخرى شي، فالأسد ليس مسألة خيرية”.