التصريحات والوعود تنغّص آمال مهجري “تل رفعت” في العودة
تبدد التصريحات الرسمية والوعود المتباينة، آمال مهجري مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي، في العودة إلى مدينتهم بعد قرابة 7 سنواتٍ من التهجير والانتظار.
وفي الوقت الذي يتجدد لديهم “أمل العودة” بناء على معطيات رسمية محلية وتركية، سرعان ما تخفت الوتيرة، وفقاً لتداخل المصالح المشتركة بين الأطراف الفاعلة في القضية، بحسب حديث الأهالي.
ومنذ مطلع العام الجاري، كرر الجانب التركي التهديد بشنّ عمل عسكري على مدن عين العرب ومنبج وتل رفعت بريفي حلب الشمالي والشرقي، واعتبرها المرحلة الأولى من العملية العسكرية المرتقبة شمالي سورية.
وبالتزامن مع التهديدات بشنّ العمل العسكري، تحدّث مصادر تركية رسمية لـ”الجزيرة”، قبل أيام، عن رفض الجانب التركي، انتشاراً شكلياً لقوات الأسد في تلك المدن.
كما تحدّثت مصادر أخرى عن عرضٍ روسي بإبقاء قوات “الأسايش” (حرس الحدود الكردي) ودمجها بالمؤسسة الأمنية لنظام الأسد، مقابل تراجع أنقرة عن الهجوم العسكري.
“نحن الضحية مرتين”
أمام جملة التصريحات المتباينة حول تل رفعت، يجد الأهالي أنفسهم الخاسر الأكبر، بدفع فاتورة إنسانية كبيرة خلال 7 سنواتٍ من التهجير، وتحمّل معاناة الخيام والتشرّد.
يعتبر بشير عليطو، أحد مهجري المدينة أن “الأهالي كانوا الضحية مرتين. في الأولى، حين تهجّرنا قسرياً وتعرضنا له، كما تعرَّض له ملايين السوريين وعشنا المعاناة لما يقارب 7 سنوات في مخيمات عشوائية بناها الأهالي بأيديهم وما زلنا”.
أما في المرة الثانية، يضيف عليطو لـ”السورية.نت”: “من آثار الوعود الكثيرة بالعودة التي جعلت أهالي هذه المناطق في حالة استنزاف مادي ومعنوي”.
ويشير إلى أنّ التلميحات، بإمكانية القبول بإحلال قوات الأسد، بديلاً عن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في مدينتهم تل رفعت، “تجعل أمل العودة يتلاشى وتعزز شعور الخذلان من الحليف الوحيد، وتراجع عن الوعود الرسمية وغير الرسمية التي تلقّاها الأهالي بالعودة”.
ويعتبر أنّ “سيطرة قوات النظام المجرم، على مناطقنا يعني فقدان الأمل بالعودة. هو نظام قاتل انتقامي يرى في كلِّ من طالب بأبسط حقوقه المشروعة عدواً وخطراً يجب تصفيته، أو تغييبه في سجون هي أشدُّ من الموت”.
ويتابع: “إنّ تحقَّق ذلك فسيكون صدمةً للأهالي لا يمكن وصفها بكلمات أو تعابير، وسيكون ذلك إسفيناً في العلاقات التي لم تتردد تركيا بوصفها بالأخوية، وسيخلق فقداناً للثقة ولكلِّ ما هو إنساني”.
“القرار مسلوب”
في غضون ذلك يجد عبد الغني عبود، من سكان تل رفعت المهجّرين أنّ “مهجّري المدينة، توصلوا إلى قناعة محبطة، بعدم الإمكانية بالعودة إلى المدينة، بعد فيضٍ كبير من التصريحات على مدار سنوات ـ غير الموثوقة ـ دون وجود بوادر حقيقية على الأرض”، لكن “لديهم أمل من نوع آخر، وهو الأمل بكرم الله”.
وأضاف عبود، في حديثٍ لـ”السورية.نت” أنّ “القرار صار دولياً ولدى أطراف دولية، ومسلوباً من قبل الجيش الحر ومقاتلي المنطقة”.
واستبعد الحديث عن عودة أهالي المدينة المهجّرين في ظل عودة قوات الأسد إلى المدينة وريفها، على اعتبارها “مبدأ لا يتنازل عنه سكان المدينة الثائرون، وتجارب النظام القمعية ضد معارضيه”.
ويعاني سكان المدينة المهجّرين، بحسب عبود، وهو أحد أعضاء مجلس أعيان المدينة، من “مرارة النزوح، بسبب لجوء معظم المهجرين إلى الخيام، في ظل ظروف إنسانية صعبة”.
تل رفعت..7 سنوات من التهجير
في منتصف شهر فبراير/ شباط من العام 2016، خرج أهالي مدينة تل رفعت تحت “قصف هستيري” للطائرات الحربية الروسية على المدينة ومداخلها.
يقول بشير عليطو إنّ “الطائرات الروسية في تلك الهجمة، لاحقت السكان الفارّين من المدينة إلى الطرقات المؤدية إليها والشريط الحدودي، في سياسة تهجير قسرية بضغط السلاح”.
وأوضح أنّ “دخول قوات PPk (حزب العمال الكردستاني التي تتهم قسد بالارتباط به)، كان بعد انتهاج الطائرات الروسية سياسة الأرض المحروقة، وإفراغ المدينة كلياً من سكّانها”.
ويعتبر ناشطون ومراقبون لسير المعارك في ذلك الوقت، أنّ هذه الهجمة كانت “الأكثر غرابةً من الجانب الروسي”، على اعتبار أنّ السيطرة أفضت على الأرض لـ”قسد”، وليس النظام السوري، كعادة الهجمات في باقي المناطق السورية.
وحول ذلك يرى عليطو أن “النظام السوري في ذاك الوقت لم يكن مرحّباً به من الجانب الأمريكي أو التركي”، فضلاً عن أن “قسد كانت تدخل المناطق بتغيطة سياسية دولية بذريعة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)”.
وتعتبر مدينة تل رفعت، واحدة من أبرز المناطق التي قاوم مقاتلوها وفصائلها المحلية تنظيم “الدولة” عام 2013.
وتمكن المقاتلون من طرد التنظيم من المنطقة، وعانوا من حصاره للمدينة لأشهر، خلال سيطرته على مناطق واسعة من ريفي حلب الشمالي والشرقي، قبل أن تنطلق عملية “درع الفرات” من قبل القوات التركية و”الجيش الوطني السوري”.
ويعيش حوالي 40 ألفاً من سكان المدينة، مهجّرين في مخيمات النازحين في ريف حلب، ونسبة قليلة جداً استقرت في منازل مأجورة أو عمرت منازل متواضعة للإقامة فيها بعد طيلة سنوات التهجير.