الخيمة ملاذ السكان الآمن في إدلب..وتأمينها “شبه مستحيل” بعد ارتفاع أسعارها
على بعد 10 أمتار عن منزله، نصب محمد زكّور خيمةً، يلجأ إليها، بعد أن اضطر مع عائلته النزول من منزله الكائن في طابق ثانٍ، عدة مرات، إلى الشارع بسبب الهزات الأرضية.
لم تكن عائلة محمد المنحدر من بلدة “حزانو” شمالي إدلب، الوحيدة التي نصبت الخيام، استعدادًا لهزات ارتدادية قادمة، إذ عمدت العائلات ممن وفّرت الخيام، على نصبها في الأحواش والأراضي الزراعية.
ولا تنتهي مأساة العائلات في الشمال السوري، عند اللجوء إلى الخيمة، هرباً من تصدّع الأبنية أو خشية انهدامها متأثرة في الهزات الارتدادية أو زلزال جديد، إنما بات تأمين الخيمة “شبه مستحيل”، بسبب الضغط الكبير الواقع على الفرق الإنسانية المستجيبة للعائلات المتضررة إثر الزلزال.
يقول محمد لـ”السورية.نت”: “سرعان ما حاولنا أن نخرج من صدمة الزلزال الأول، الذي ضرب المنطقة وحالة الضغط النفسي التي نعاني منها لليوم، وشعرنا باستقرار جزئي، جاءت الهزة الثانية مساء الإثنين الماضي، فكان لها أثر أكبر من الأولى، بسبب معاينتنا لحجم الضرر والخسائر المادية والبشرية في التجربة الأولى”.
ويضيف: “بعد الهزة الأخيرة، وجدنا من الواجب البحث عن خيمة ونصبها على مقربة من المنزل، لتوفر الحد الأدنى من الأمان، هرباً من البيت الإسمنتي، وتمكنت من إيجاد واحدة بشق الأنفس”.
يشتكي محمد، كما كثير من الأهالي، صعوبة تأمين الخيام بسبب زيادة الطلب عليها خلال أزمة الزلزال، إلى جانب ارتفاع أسعارها، ويردف: “الاحتياج مستمر، ولا ينتهي عند تأمين الخيمة، هناك مستلزمات أساسية من طعام وفرش وحمام ومياه، وتحديات تواجهني كما باقي السكان خلال الزلزال”.
“لجأنا إلى التفصيل”
قصد أبو أحمد، النازح إلى بلدة “كفرلوسين” شمالي إدلب، ورشة حدادة بغرض تصنيع خيمة، بعدما تعذّر تأمينها جاهزة أو بتبرع من فريق إغاثي.
وشكّلت الشقوق في منزل أبو أحمد، نتيجة الزلزال، هاجساً لديه من أجل تأمين خيمة، وجاءت الهزة الأخيرة لتشجّعه على شراء واحدة.
يقول لـ”السورية.نت”: “رغم أن منزلي أرضي، لكن الشقوق مصدر قلق لي ولعائلتي، لذلك لجأنا إلى تفصيل خيمة نؤوي إليها بحال حدثت هزات في المستقبل، وخاصةً أن الطقس بارد”.
يقدّر أبو أحمد كلفة الخيمة التي يزمع شراءها بحوالي 200 دولار أمريكي، مقسمة على 130 دولاراً، والغطاء “الشادر” قرابة الـ 70 دولاراً، وهي تكلفة “مرتفعة وثقيلة على وضعي المعيشي”.
ويأتي تصنيع الخيمة، خياراً شاقاً مادياً على الأهالي، ويطرقون مختلف الأبواب قبل اللجوء إليه، لأنّ التكلفة تبدأ من 150 دولاراً، وربما تصل لـ500 دولار.
ومع زيادة الطلب على الخيام، يشتكي السكّان من ارتفاع أسعارها ويردّه بعضهم لـ”جشع التجّار واستغلال الأزمة”.
“الارتفاع من المصدر”
يرد عبد الرحمن العيسى، وهو حدّاد مصنّع للخيام، أن تكاليف التصنيع ارتفعت بسبب “زيادة سعر الحديد من المصدر، وذلك بسبب إغلاق الحركة التجارية في معبر باب الهوى، واحتكار بعض التجار للمادة وتخبئتها استغلالاً للأزمة وطمعاً في مرابح أكبر في المستقبل”.
ويقول لـ”السورية.نت” إنّ “طن الحديد ارتفع من 800 دولار إلى 1020 دولاراً، وبالتالي أدى ذلك إلى ارتفاع تصنيع الخيمة، بينما إيجار تصنيعنا واضح ومعروف لا يتجاوز الـ 25 دولاراً على الحلال”.
وتسجّل تسعيرة الخيمة بـ”الكيلو” وفقاً للعيسى، لذلك لا يمكن ضبط تسعيرتها بمبلغ محدد.
ويتحدث العيسى، عن “إقبال ملحوظ، سجّلته ورشتنا خلال الأيام القليلة الماضية، وخاصةً بعد الهزة الأخيرة”، ويضيف أنّ “الخيمة مقاس 4 أمتار عرضاً بـ 4 أمتار طولاً هي الأكثر طلباً، على اعتبار تكلفتها أقل، وقادرة على إيواء العائلة مؤقتاً”.
أبو حمدان هو أيضاً، خيّاط وتاجر “شوادر”، يؤكد “زيادة الإقبال خلال اليومين الماضيين على تفصيل وشراء الشوادر، إذ وصل عدد الزبائن اليوم حوالي 15 زبوناً وهو عدد لا يتكرر كثيراً خلال السنة”.
يقول لـ”السورية.نت”: “أقصُ وأفصّل الشادر بحسب الطلب والمقاسات التي تصلني، والتسعيرة بالمتر الذي ارتفع سعره حتى الـ 2 دولار”.
وكان فريق “منسقو استجابة سورية”، وثق نزوح أكثر من 181 ألفاً 943 شخصاً منذ وقوع الزلزال في منطقة شمالي غربي سورية، في حين بلغ أعداد المتضررين جراء الزلزال حوالي 934 ألفاً و843 شخصاً.