كانت القمة الروسية- الإفريقية التي انعقدت في روسيا، الخميس الماضي، بمثابة “دفعة معنوية” لموسكو، ومحاولة منها لتأكيد وجودها على الساحة الدولية، خاصة بعد الحرب على أوكرانيا.
جاء ذلك في مقال رأي نشرته صحيفة “ذا ناشيونال” للكاتبة والمحللة السياسية راغدة درغام، حول الهدف الروسي من جمع القادة الأفارقة على الأراضي الروسية.
وتحت عنوان “من المستفيد من القمة الروسية- الإفريقية؟”، قالت الكاتبة إن “تأثير القمة على توازن القوى الاستراتيجي سيكون محدوداً”.
وذلك “بالنظر إلى الاضطرابات العالمية التي سببتها الحرب في أوكرانيا، والتي تركت النظام الدولي ضائعاً دون اتجاه”.
مخاوف إفريقية ورسائل روسية
بحسب المقال، فإن أهم مخاوف الزعماء الأفارقة هو محاولة موسكو تجاوز العقوبات الغربية والوجود الغربي في إفريقيا.
مشيراً إلى أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لن تتوانَ عن اتخاذ إجراءات “صارمة” ضد أي تحايل على عقوباتها.
إذ وعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال القمة بتقديم شحنات حبوب “مجانية” لست دول إفريقية، خلال الأشهر المقبلة.
وتشمل تلك الدول كلاً من مالي وإريتريا والصومال وزيمبابوي وبوركينا فاسو وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وتأتي تلك الخطوة وسط مخاوف الدول الإفريقية من أزمة غذائية، خاصة بعد انسحاب موسكو من اتفاقية الحبوب التي رعتها تركيا.
ورغم الوعود الروسية بتقديم حبوب “مجانية”، لم تتحدث موسكو عن إجراءات لحماية الدول الإفريقية من العقوبات المفروضة على روسيا.
وبحسب مقال “ذا ناشيونال” فإن روسيا “غير قادرة على تقديم مثل هذه الضمانات، بالنظر إلى أن الغرب سوف يلاحق ويعاقب كل من يتعامل معها”.
وتحمل تلك القمة رسائل روسية للغرب، بحسب المقال، إذ تسعى موسكو أن تظهر للغرب أن حربها على أوكرانيا “لم تقلل من مكانتها العالمية”.
ومع ذلك “فإن حقيقة الحرب أجبرتها على تقليص وجودها العسكري والاقتصادي العالمي في أماكن أخرى”.
مضيفاً: “الأدوات التي يمكن للحكومة الروسية أن تمارس نفوذها من خلالها في إفريقيا محدودة أيضاً”.
رسائل في سورية
يشير مقال “ذا ناشيونال” إلى أن دور موسكو العلني لإبقاء نظام الأسد في السلطة “قد تضاءل” أيضاً.
إلى جانب ذلك، تضع إيران، الحليف الآخر للنظام، “دبلوماسيتها الناعمة” على المحك بعد التقارب الأخير مع السعودية، بوساطة صينية.
ورأى أن الحشد العسكري الأمريكي في سورية يثير قلق روسيا، خاصة أن خطر حدوث صدام جوي بين الطائرات الأمريكية والروسية موجود لكنه “ليس وشيكاً”.
حيث أن كلا الطرفين مصمم على تجنب المواجهة المباشرة، حسبما ورد فيه.
ومع ذلك، فإن روسيا مصممة على تأكيد وجودها في الأجواء السورية وعلى أراضيها.
وقد أدى تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في البلاد بموسكو إلى التفكير في عيوب تقليص تواجدها العسكري هناك.
لذلك “تحاول الدبلوماسية الروسية الآن إعادة تأكيد نفسها، لأنها تشعر بالحاجة إلى حشد أصوات متعاطفة في منتديات مثل الأمم المتحدة”.
وهذا هو السبب في أن القمة الروسية- الإفريقية مهمة لموسكو، ليس فقط لأنها عقدت على الأراضي الروسية ولكن أيضاً لأنها مهدت الطريق أمامها نحو الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول المقبل.
وختم المقال بقوله إن “وعود روسيا لشركائها في إفريقيا وأماكن أخرى صادقة”.
لكن من المرجح أن تتعارض مع “حقيقة مريرة”، وهي أنها غير قادرة اليوم على تقديم مساعدات وأسلحة وتمويلات موسعة لأصدقائها، كما كان في السابق، بسبب العقوبات الغربية.