المساعدات عبر الحدود..”حجج قانونية” لمواجهة الـ”ابتزاز” و”الغزو الدبلوماسي”
أصدر “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، اليوم الثلاثاء “تقدير موقف”، حول قرار المساعدات العابرة للحدود إلى سورية، والتهديدات الإنسانية التي تواجه ملايين السوريين شمال غربي البلاد، في حال عرقلت روسيا تمديده في مجلس الأمن بعد نحو شهرين.
“تقدير الموقف” الذي حمل عنوان “المساعدات الإنسانية عبر الحدود… بين القرارات الدولية وهوامش الحركة المتاحة”، توقع جولة مفاوضات “بالغة التعقيد” في مجلس الأمن، الذي سيشهد تصويتاً من أجل تمديد قرار المساعدات، في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وأشار إلى محاولات روسية مستمرة لتعطيل هذه الآلية الدولية، عبر استخدامها “حق النقض” (الفيتو)، بما يخدم مصالح نظام الأسد، الذي يسعى إلى تحويل الملف بالكامل لصالحه، تحت ذارئع “السيادة الوطنية”.
مصالح الأطراف الفاعلة
ويقول “مركز عمران”، أحد برامج “المنتدى السوري”، في إصداره الجديد، إن ملف المساعدات العابرة للحدود تحول من ملف “إنساني” إلى ورقة ابتزاز سياسي، تمارسه دول وأطراف فاعلة في الملف السوري.
واضاف أنه رغم اشتراك موقفي موسكو وبكين في الرؤية العامة لملف المساعدات، المتمثل بتمسكهما بضرورة إيصالها عبر حكومة النظام، إلا أن موقف موسكو يعدّ أكثر تصلباً، حيث تستخدم الملف كساحة “للغزو الدبلوماسي”، خلال التفاوض مع القوى الغربية بهدف تحصيل مكتسبات.
في حين تتمسك الولايات المتحدة وشركائها بملف المساعدات، باعتباره “آخر ورقة متفق عليها دولياً ضمن عملية التجميد في المشهد السوري”، إلى جانب مخاوف غربية من موجات لجوء جديدة حال توقفت المساعدات.
أما دول الجوار، المتأثرة باللجوء السوري، وعلى رأسها تركيا، فإنها تحاول التمسك بملف المساعدات لما تحققه من فوائد اقتصادية مادية، إضافة لحركة المنظمات الإنسانية وتمركزها قرب الحدود السورية.
لكن يغيب هذا الامتياز عن باقي دول الجوار (لبنان- الأردن- العراق)، بسبب عدم استخدام المعابر الحدودية الأخرى ضمن الآلية الحالية، مع تفاقم مخاوف هذه الدول من موجات لجوء جديدة في حال توقفت المساعدات عن ملايين السوريين.
تمديد أم تعطيل؟
تتجه الأنظار نحو نتائج التصويت الذي سيشهده مجلس الأمن بعد أسابيع، واحتمالات عرقلة الآلية الدولية للمساعدات العابرة للحدود، وفرص تمديدها.
واعتبر “تقدير الموقف”، أن نتائج المفاوضات القادمة ستتراوح بين أربعة احتمالات، أولها استصدار قرار جديد يسمح باستمرار آلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، والثاني إدخال المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس مع النظام، وهو المسار المتوقع.
والثالث الوصول إلى صيغة توافقية بين الدول دائمة العضوية وهو احتمال “ضعيف”، والرابع إيجاد آليات خارج إطار مجلس الأمن، وهذا الأمر لا ترغبه الدول دائمة العضوية.
مع ترجيح أن يتم استصدار قرار جديد لمدة 6 أشهر، بدءاً من كانون الثاني/يناير حتى تموز/ يوليو 2023، لكن مع تحقيق تقدم في تحصيل استثناءات معينة لمناطق النظام، وفق ما تطالب به روسيا.
الدفع نحو بدائل “قانونية”
وجاء في “تقدير الموقف”، أن تداخل مصالح الدول والأطراف المعنية بملف المساعدات، يفرض على السوريين وشركائهم من الفاعلين الإنسانيين البحث عن بدائل قانونية، لإخراج الملف عن هيمنة مجلس الأمن والفيتو الروسي.
وبالتالي يجب دعوة الفاعلين في المجال الإنساني إلى تشكيل “مجموعات ضغط” ذات كوادر متخصصة، للقيام بحملات مناصرة في أروقة الأمم المتحدة، للدفع باتجاه استمرار إدخال المساعدات عبر الحدود عن طريق الأمم المتحدة، ودون ولاية مجلس الأمن، وباستخدام الحجج القانونية.
وكانت مؤسسة “غورنيكا 37” الحقوقية أصدرت دراسة حقوقية مُعمقة، بحثت الأطر القانونية، التي تتيح للأمم المتحدة وشركائها، مواصلة إرسال المساعدات العابرة للحدود إلى سورية، في حال تمت عرقلة قرار مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص.
وصدرت الدراسة، الأسبوع الماضي، بتفويض من “التحالف الإغاثي الأمريكي من أجل سورية” (ARCS)، الذي يضم إلى جانب “المنتدى السوري”، 10 مؤسسات تنشط بالشأن الإنساني.
وقدّمت الدراسة 4 أسس قانونية لاستمرار المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، بتنسيق الأمم المتحدة في سورية، بالاستناد إلى القانون الدولي واتفاقيات جنيف وسوابق قانونية قضت فيها محكمة العدل الدولية.
دراسة قانونية مُعمقة: 4 أسس تضمن تدفق “المساعدات عبر الحدود” لملايين السكان
ويأتي ذلك في ظل تزايد الاحتياجات الإنسانية لملايين السوريين في مناطق شمال غربي سورية، إذ تشير أرقام الأمم المتحدة، إلى أن أكثر من 4 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، من أجل البقاء على قيد الحياة.