بعد مذكرة توقيف الأسد.. محامون: خطوة تاريخية على طريق المساءلة
في خطوة وصفت بـ “التاريخية” ضمن ملف المساءلة والتعامل مع الجرائم المرتكبة في سورية، أصدر القضاء الفرنسي اليوم الأربعاء، مذكرة توقيف بحق رئيس النظام بشار الأسد.
ويرى محامون أن المذكرة تعكس تغييراً في التعامل مع الملف السوري، وتغييراً قانونياً يسقط بموجبه حجب الحصانة التقليدية التي كانت تحيط برئيس الجمهورية في أي دولة.
وكان قضاة التحقيق في فرنسا أصدروا مذكرة توقيف دولية بحق بشار الأسد، وشقيقه ماهر الأسد، وغسان عباس مدير الفرع 450 في المركز السوري للدراسات والبحوث العلمية.
إلى جانب اللواء بسام الحسن، مستشار رئيس النظام للشؤون الاستراتيجية، والذي يعتبر صلة الوصل بين القصر الرئاسي ومركز البحوث العلمية.
وتأتي المذكرة على خلفية تورط الأسد ونظامه بمجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية بدمشق، في أغسطس/ آب 2013، والتي أسفرت عن مقتل نحو 1450 مدنياً، بينهم أكثر من 200 طفل وامرأة.
ووصف المحامي السوري، أنور البني، مذكرة التوقيف بأنها “مهمة جداً وتاريخية”، لأنه لم يسبق لقضاء وطني إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس جمهورية في بلد آخر، وفق قوله.
وقال البني لـ”السورية. نت” إنه بموجب العرف الدولي توجد حصانة لرئاسة الجمهورية من أي ملاحقة قضائية إلا أمام محكمة الجنايات الدولية.
لكن هذه أول مرة في التاريخ يصدر قضاء وطني مذكرات توقيف يُسقط فيها الحصانة الدولية عن رئيس جمهورية ومعاونيه.
وبهذا الصدد، أكد الحقوقي المختص في القانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، أن “المذكرة تاريخية كونها تجاوزت الحصانة الدولية، وهي دليل على أن الجرائم الأشد خطورة لن تمر دون عقاب”.
وتعرف الحصانة الدولية بأنها أداة تحمي رؤساء الدول ودبلوماسييها من المقاضاة أما محاكم أجنبية.
ولا توجد معاهدات دولية تثبت على وجه التحديد الحصانة الدولية لرؤساء الدول، لكن تأتي حصانتهم نتيجة العرف الدولي، وتشبه بذلك حصانة الدبلوماسيين التي نصت عليها اتفاقية “فيينا” للعلاقات الدبلوماسية.
ما الخطوات المقبلة؟
وفي ظل صدور القرار الفرنسي بحق الأسد ومعاونيه، اتجهت الأنظار حول الخطوة المقبلة التي سيتم اتخاذها، والإجراءات المتعلقة بسير المحاكمة.
الكيلاني أكد في حديثه لـ”السورية نت” أن الخطوة المقبلة هي استدعاء المتهمين الرئيسيين للتحقيق معهم (الأسد ومعاونيه)، وفي حال عدم خضوعهم للتحقيق يتم تحويل الملف إلى المحاكمة.
وقال إن القضاء الفرنسي يقبل المحاكمات الغيابية في حال عدم مثول المتهمين أمام المحكمة.
وأشار الكيلاني إلى أن القضاء الفرنسي سيعمم الحكم على الانتربول الدولي، لمنع زيارة الأسد لأي دولة.
واعتبر أن المذكرة الفرنسية ستكون “حجراً وحائطاً بوجه تعويم نظام بشار الأسد”.
من جانبه، قال المحامي أنور البني إنه في حال عدم مثول الأسد أمام المحكمة ستتم محاكمته غيابياً، مثل محاكمة علي مملوك ومسؤولين آخرين في أيار المقبل.
واعتبر البني أن مذكرة القضاء “ستغير المستقبل في سورية، لأن هؤلاء المجرمين لم يعد ممكناً أن يكونوا جزءاً من مستقبل سورية ولا يمكن التعامل معهم كرئاسة جمهورية من قبل أي دولة كونهم أصبحوا مطلوبين للعدالة”.
وأكد البني أن هذه الخطوة “سيكون لها تأثير كبير على المسار والحلول السياسية ورسم مستقبل سورية”.