كشف تحقيق استقصائي لـ”وحدة التحقيقات الاستقصائية السورية” (سراج)، عما أسماها “كواليس” عمليات طباعة العملة السورية في روسيا، وما تؤدي إليه من “عجز متكرر في الميزانية”.
وأشار التحقيق، الصادر أمس الخميس، إلى أنه منذ عام 2012 اتخذ النظام إجراءات فورية بسبب الوضعين الاقتصادي والمالي، وكان أحد هذه الإجراءات طباعة كميات من النقود في قبرص وروسيا.
وأضاف أن عمليات الطباعة في قبرص كانت تتم بإشراف من البنك المركزي السوري، من خلال استخدام نفوذ وخدمات تقدّمها شركتان تتخذان من جزيرة قبرص مقراً لهما، ويملكهما رجل أعمال سوري – روسي.
بين قبرص وروسيا
وبحسب التحقيق، جرت أيضاً عمليات طباعة للعملة السورية في روسيا منذ صيف عام 2012، عبر شركة “جوزناك”، وهي الشركة الحكومية التي تدير دار سك العملة في روسيا.
مضيفاً أن الشركة “أجرت عملية طباعة أوراق نقدية سورية جديدة بوزن يبلغ 240 طناً. وقتها، تمت هذه العملية في سرّية تامة”.
ويقول التحقيق، وهو جزء من سلسلة تحقيقات “أسرار قبرص” التي أجراها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، إن تلك الأوراق النقدية استخدمت بالمقام الأول “لدفع رواتب العسكريين والمدنيين، فضلاً عن نفقات الدولة الروتينية”.
وقبل عام 2011، كان النظام السوري يطبع العملات السورية (الورقية والمعدنية) بالتعاون مع إحدى الشركات التابعة للبنك المركزي في النمسا، لكنها توقفت بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليه.
وبعد عام 2012 كانت العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على شخصيات اقتصادية وسياسية، بمن فيهم رئيس النظام بشار الأسد وأفراد أسرته، قد أضعفت مركز النظام المالي بشدة.
ما دفعه إلى تشكيل خلية جديدة تساعده على رفد خزينة البلاد بالأموال، إلى جانب إجراء عمليات طباعة سرية في كل من قبرص وروسيا.
ولا تملك تلك الأوراق النقدية أي رصيد، ما يعني أنها “بدون قيمة”، خاصة أنها “دون غطاء إنتاجي أو احتياطي من العملات الأجنبية أو الذهب”.
ووفق التحقيق، “نُقلت الأموال عبر طائرة شحن من طراز إليوشن 76 التي تديرها مؤسسة الطيران السوري، بثماني رحلات ذهاباً وإياباً بين موسكو ودمشق، بما مجموعه 240 طناً من الأوراق النقدية خلال فترة 10 أسابيع في عام 2012”.
وأضاف: “أدى استمرار طباعة النقود من دون غطاء إنتاجي أو احتياطي من العملات الأجنبية أو الذهب، إلى تضخّم كبير وانخفاض قيمة الليرة السورية وانهيارها”.
مشيراً إلى أن السياسة المالية للنظام تعتمد بشكل كبير على طباعة مبالغ كبيرة من المال، ما يساهم في ارتفاع معدلات التضخم.
وتشير الأرقام إلى زيادة حادة في الأموال التي ضُخَّت في السوق على مر السنين، ما أدى إلى تفاقم التحديات الاقتصادية، وفق تحقيق “سراج”.
وتطرق التحقيق أيضاً إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين، إذ يعيش 90% منهم تحت خط الفقر، فيما يحتاج الملايين إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وسط انعدام الأمن الغذائي وغياب الرعاية الصحية اللازمة.