تحديا الإعاقة..قصة طالبين تفوقا في الثانوية العامة بريف إدلب
كانت إصابة خطرة، تعرض لها خلال عملية استجابة لإنقاذ المدنيين، علامةً فارقة في حياة المتطوع مرهف سلات، بعد أن أدى استهداف قوات الأسد لآلية تقلّه مع مجموعة من متطوعي “الخوذ البيضاء” بشكل مباشر، إلى بتر ساقه الأيمن.
وبعد انقطاع قارب الـ 10 سنوات، قرر مرهف المنحدر من مدينة بنّش شرق إدلب، العودة إلى مقاعد الدراسة، متجاوزاً إعاقته، وحصل على الترتيب الرابع على مستوى محافظة إدلب للثانوية العامة، الفرع الأدبي للعام الدراسي 2021، وسط احتفاء واسع من ذويه ومعارفه.
ولم تمنع الإعاقة أو الإصابات كثيراً من السوريين عن الإبداع وحصد مراتب متقدمة دراسياً ومهنياً وإنسانياً، وهو ما يمكن رصده عدة حالات.
“النظام الوحشي أبعدني عن الدراسة”
مع بداية الحراك السلمي وانطلاق المظاهرات الشعبية، اضطر طلاب كثيرون عن ترك الدراسة بسبب الملاحقات الأمنية أو تخوفاً من الاعتقال، وكان مرهف سلات واحداً منهم منذ عام 2012.
يقول مرهف لـ”السورية.نت”، إن سبب ابتعاده “عن مقاعد الدراسة بطش النظام ووحشيته، واعتقال عدد من أصدقائي على يد الأجهزة الأمنية التابعة له مع بداية الحراك السلمي في سورية”.
ومطلع العام الجاري كان سلات أمام تحدٍ كبير باتخاذ قرار العودة للدراسة وبدء التحضير لشهادة الثانوية العامة، بتشجيع من عائلته وأصدقائه.
ويتابع:”متطلبات الحياة والأطفال والعائلة، بالإضافة للعمل كانت من الصعوبات والتحديات في بداية الأمر، إلا أنّه مع التشجيع المستمر من المحيط، تجاوزت الصعوبات جميعها”.
ويعمل سلات منذ تأسيس “الدفاع المدني السوري” في صفوفه، ويقول إن “أحد أبرز أسباب نجاحي وتفوقي هو تأمين سبل الراحة من قبل زملائي المتطوعين، من أجل أن أصل إلى هذا النجاح”.
شلل نصفي وتهجير
بعد محطتي تهجير بدأت من مدينة حلب 2016 وعيشه الحصار هناك، إلى قرية “سلوم” بريف حلب الغربي وتهجيره منها أيضاً بعد اقتحامها من قبل النظام، حطّ الشاب عبد الرحيم أحمد منافيخي، في مخيمات مشهد روحين بريف إدلب الشماليّ، وحصل هناك على مجموع 225 من 240 في الشهادة الثانوية العامة، الفرع العلميّ لدورة عام 2021.
يقول عبد الرحيم لـ”السورية. نت”: إنّ “الحملة العسكرية الأخيرة على منطقة إدلب وريف حلب الغربي، حالت من تقديمه الامتحانات بسبب نزوحهم المتكرر وذلك في دورة 2020”.
ويضيف: “في دورة 2021 وخلال آخر 4 أشهر بدأت التحضير لتقديم امتحانات الشهادة الثانوية العامة من خلال الدراسة في مركز البيروني للمتفوقين، مستفيداً من دراسة جزئية في مدرسة القدس بريف حلب الغربي قبل تهجيري الثاني”.
وأصيب عبد الرحيم بطلق ناري عام 2015 أدى إلى إصابته بشلل نصفي، بعد اختراقه العمود الفقري، نقل في إثرها إلى تركيا مدة 6 أشهر لتلقي العلاج وإجراء العمليات الجراحية.
ويتابع: “أبرز ما أعاقني خلال دراستي، نزيف الجرح المستمر نتيجة كسر في الصفيحة المثبتة في العمود الفقري بالإضافة إلى ألم بالغ في منطقة الظهر”.
ولم تتوقف معاناة عبد الرحيم عند مشكلاته الصحية، إذ يقطن في بيت صغير في مخيمات مشهد روحين شمالي إدلب مع حوالي 11 فرداً من أسرته.
يقول: “كان والداي يسعيان جاهداً لتأمين جو دراسي لي في ظل هذا الازدحام، إلى أن وفر لي صهري منزله خلال فترة الامتحانات لأدرس وحيداً”.
ويعتبر أنّ “نجاحه رغم إعاقته كان بمساندة وتشجيع عائلته ومدرّسيه”.
ويتطلع “عبد الرحيم” إلى دراسة الطب البشري، وهو ما يسعى إلى الوصول إليه، بعد حصوله على الثانوية العامة والاستفادة من الدورة التكميلية لتحصيل علامات إضافية.
وبلغت نسبة النجاح في الثانوية العامة 50.9 في المئة للفرع العلميّ، في حين أنّ نسبة النجاح للفرع الأدبي 37.2 في المئة، بحسب إحصاءات صادرة عن “مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب”.