بعد أكثر من عامين على اقتراحها وأكثر من ثلاثة أشهر على طرحها بشكل فعلي، لا تزال “المبادرة الأردنية” للحل في سورية تواجه عقبات أمام تحقيق أي تقدم ملموس، بسبب ضعف تجاوب النظام السوري مع الدول العربية.
إذ تحدثت تقارير غربية وعربية عن “تعنت” نظام الأسد ورفضه الاستجابة للمطالب التي طرحتها الدول العربية، مقابل إعادة تأهليه على الساحة العربية، وإعادته لمقعد سورية في الجامعة العربية.
وتشمل المبادرة التي طرحها الأردن للمرة الأولى في مايو/ أيار 2021 ودعمها العرب، ثلاث نقاط “مفصلية”، الأولى تتعلق بمكافحة المخدرات وتقييد الوجود الإيراني، والثانية تتعلق بملف المفقودين واللاجئين السوريين، والثالثة بتحقيق “مصالحة” و”اندماج سياسي” لحل الملف السوري سياسياً.
تحديان على الأرض
في مقال رأي للكاتب والباحث الأردني عبد الله حسين العزام، نشرته وكالة “عمون” اليوم الثلاثاء، تحدث خلاله عن تحديات داخلية وخارجية توجه تحقيق المبادرة الأردنية في سورية.
وتتمثل التحديات الداخلية، بحسب الكاتب، برفض الشعب السوري لحكم الأسد بعد أكثر من 10 سنوات على “سفك الدماء”، واندلاع الاحتجاجات مؤخراً في 7 محافظات سورية، أبرزها السويداء ودرعا الحدودية مع الأردن.
إلى جانب الانهيار الاقتصادي الذي تشهده مناطق سيطرة النظام السوري، وتشتت العائلات السورية بين الداخل والخارج، واستمرار سيناريو الاعتقال السياسي، وفق وصفه.
أما التحديات الخارجية فتتمثل في تضارب المصالح الدولية، والتي تمنع “المبادرة الأردنية” من تحقيق أي تقدم يذكر، بحسب العزام.
ويندرج ضمن التحديات الخارجية وجود “حزب الله” اللبناني والمليشيات الإيرانية في سورية وقتالها لجانب قوات الأسد، إلى جانب أنشطة إيران الدينية والاجتماعية والاقتصادية.
وكذلك وجود مصالح روسية في سورية، أبرزها بيع الأسلحة وإثبات وجود على الساحة الدولية وتحقيق مكاسب سياسية عبر إبرام اتفاقيات مع النظام.
وأضاف: “يمكن القول أن التنبؤ بمستقبل الصراع السوري يعد أمراً معقداً نظراً لنفوذ القوى الدولية وتضارب المصالح وتدخلها المباشر مثل إيران وروسيا، لأن معظم من دخل وانخرط في الصراع سواء إلى جانب المعارضة أو إلى جانب النظام له أهداف وأجندة خاصة به يسعى إلى تطبيقها، وليس لمصلحة الشعب السوري وإنهاء الصراع”.
ثلاثة سيناريوهات
لكن، وبحسب الكاتب، يمكن طرح سيناريوهات لما أسماه “الصراع السوري”، في ظل المعطيات والمؤشرات الحالية من الثلث الأخير لعام 2023.
السيناريو الأول هو “عدم نجاح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254: ويأتي ذلك في ضوء ضعف تنفيذ بنوده على أرض الواقع منذ العام 2015 وحتى الآن نتيجة استمرار تعنت نظام الأسد مستعيناً بروسيا وإيران، اللتان تدركان أن الحل السياسي سيؤدي إلى زوال نظام الأسد”.
وهذا بدوره “سيكون بمثابة ضربة قوية لمصالحهم، ما يعني استمرار الصراع وانسداد أفق الحل السياسي”.
والسيناريو الثاني هو سقوط نظام الأسد، الذي يعد انفراجة سياسية للجماهير السورية من أجل إعادة بناء دولتهم ونظامها السياسي الجديد”.
والثالث هو سيناريو “التقسيم”، إذ من الممكن بحسب الكاتب أن تتجه سورية نحو التقسيم، بناء على توزع مناطق السيطرة.
وختم بالقول إنه “مع عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وبدء تطبيع العلاقات مع الدول العربية، وانطلاق المبادرة الأردنية العربية في سوريا، قال الأسد في حوار تلفزيوني عبر شاشة سكاي نيوز قبل أسابيع، أن علاقات سوريا مع العرب لم تتغير في العمق”.
وقال الأسد حينها إنه في ظل غياب الحلول فإن العلاقة مع العرب “ستبقى شكلية”، الأمر الذي يعني أن الأسد لا يزال متمسكاً بسردية الانتصار على المؤامرة الكونية، وفق الكاتب.
وكان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، تحدث في مايو الماضي عن “إشكالات كبيرة” تواجه المبادرة المذكورة، والقائمة على مبدأ “خطوة مقابل خطوة”.
وعلى مدى الشهر الماضي لم يقدم النظام السوري أي خطوات فعلية تجاه العرب.
إذ استمرت عمليات تهريب المخدرات وحبوب “الكبتاغون”، وكذلك لم تطرأ أي تحديثات على ملف اللاجئين السوريين، أو المسارات السياسية المتعلقة بالحل في سورية.