“تحرير الشام” تعترف بتشكيلين لا ثالث لهما في إدلب
"أعداء الأمس شركاء اليوم، وأعداء اليوم شركاء الأمس"
توقف الصدام العسكري بين “هيئة تحرير الشام” والتشكيلات العسكرية المنضوية في غرفة عمليات “فاثبتوا”، بعد ثلاثة أيام من اشتباكات في محافظة إدلب، اندلعت شرارتها بعد حملة اعتقالات من جانب “الهيئة” استهدفت قيادات جهادية بارزة، على رأسها القيادي جمال زينية “أبو مالك التلي” والقيادي “أبو صلاح الأوزبكي”.
ما سبق جاء بعد سلسلة بيانات من الجانبين، وثلاث اتفاقيات أبرمتها “تحرير الشام” مع “حراس الدين”، بوساطة شخصيات جهادية ومن جانب “الحزب الإسلامي التركستاني”، وتضمنت انسحاب تشكيلات غرفة عمليات “فاثبتوا” من عدة مواقع في ريف حلب الغربي وريفي إدلب الشمالي والغربي.
ونصت الاتفاقيات الثلاث الموقّعة، يوم أمس الجمعة وقبله الخميس، على وقف إطلاق النار ومنع “تنظيم حراس الدين” من نشر الحواجز وإخلاء مقراته.
تفكيك مقرات “حراس الدين”
الاتفاق الأول خصّ منطقة عرب سعيد وسهل الروج غربي إدلب، ونص على وقف إطلاق النار ورفع الحواجز والاستنفار، على أن يبقى أبناء قرية عرب سعيد بسلاحهم الفردي، ويخرج من أراد الخروج منها بسلاحه الشخصي.
في حين يُحال بعض العناصر المدعى عليهم من الطرفين إلى فصيل “الحزب الإسلامي التركستاني”، للنظر في أمرهم قضائياً.
أما الاتفاق الثاني فخصّ مناطق الحمامة واليعقوبية والجديدة بريف إدلب الغربي، وتضمن إخلاء فورياً لمقرات “حراس الدين”، باستثناء مقر واحد، ومنع نشر الحواجز إلا من قبل إدارة المعابر، والإفراج عن أحد العناصر، وإحالة بعضهم إلى القضاء.
وإلى جانب ذلك، شمل الاتفاق الثالث مناطق حارم وأرمناز والشيخ بحر وكوكو شمال إدلب، وكان نصه مشابهاً للاتفاقين السابقين.
وكانت غرفة عمليات “فاثبتوا” أعلنت الخميس، استعدادها لوقف إطلاق النار ووقف الاشتباكات مع “هيئة تحرير الشام” بإدلب، و”التحاكم الشرعي”، استجابةً لمبادرة أطلقتها شخصيات بالمنطقة في بيان مشترك.
وأصدرت “هيئة تحرير الشام” بعد ذلك، بياناً بشأن الاقتتال الحاصل مع غرفة عمليات “فاثبتوا”، أبدت خلاله قبولها بالصلح، بشروط محددة.
وكان التصعيد بدأ عقب اعتقال الهيئة للقيادي السابق في صفوفها، والذي انضم إلى “فاثبتوا” لاحقاً، أبو مالك التلي، واتهامه بتشكيل فصيل جديد في إدلب، وهو ما اعتبرته الهيئة مخالفاً لقوانينها.
كما اعتقلت “الهيئة” القيادي في “جبهة أنصار الدين”، أبو صلاح الأوزبكي، الأسبوع الماضي، واتهمته بوجود ملفات فساد ضده.
وبدأت الاشتباكات، يوم الثلاثاء الماضي، وحاصرت الهيئة المقرات العسكرية والإدارية لـ”جبهة أنصار الدين” في سرمدا، التي قالت في بيان لها إن تحرير الشام حاصرت المقرات وسيطرت عليها، بما فيها من أسلحة ومعدات.
تشكيلانِ.. لا ثالث لهما
وتصب الاتفاقيات الثلاث السابقة في مصلحة “تحرير الشام”، والتي أتبعتها ببيانٍ لافت منعت فيه تشكيل أي غرفة عمليات أو فصيل جديد في محافظة إدلب.
وقالت “تحرير الشام” في بيان لها صدر عن جناحها العسكري، أمس، إنه يمنع إنشاء أي غرفة عمليات أو تشكيل أي فصيل عسكري تحت طائلة المحاسبة، بحيث تصبح جميع النشاطات العسكرية بإدرة غرفة عمليات “الفتح المبين”.
ونص البيان أن كل من أراد المساهمة في المجال العسكري “فالأبواب مشرعة له ليقوم بذلك عبر غرفة عمليات الفتح المبين”.
ويعطي بيان الهيئة، مؤشراً على أن الأخيرة تعترف بتشكيلين لا ثالث لهما في إدلب: الأول هو “تحرير الشام” إلى جانب “الجبهة الوطنية للتحرير”، واللذان شكّلا مؤخراً ما يسمى بـ”غرفة عمليات الفتح المبين”.
وكانت غرفة “الفتح المبين” قد تم تشكيلها، العام الماضي، وتضم “تحرير الشام” وفصائل “الجبهة الوطنية” إلى جانب فصيل “جيش العزة”.
وعلى مدار الأيام الأربعة الماضية كان من الملاحظ تعنت “تحرير الشام” بروايتها ووجهة نظرها حول الصدام العسكري مع “حراس الدين”، في تحدٍ واضح لتنظيم “القاعدة”، والذي علّق على ما جرى، نافياً في بيان له أن يكون لأي فصيل الشرعية في السيطرة على بقية الفصائل العسكرية في سوريا (الجهادية خاصة).
وبحسب تنظيم “القاعدة”، لا ينطبق على أي من الفصائل في شمالي سورية مفهوم “جماعة المسلمين”، الذي يوجب على جميع المسلمين “بيعتها ويحرم إقامة الجهاد إلا بإذنها”.